عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Jan-2020

“دينار الخير”.. أيادي العطاء تسدد أقساط غير المقتدرين بالجامعات

 

تغريد السعايدة
 
عمان-الغد-  بمجهود جماعي وبأفكار إنسانية لافتة تحمل في ثناياها الحب والخير والعطاء؛ يسعى الشباب الأردني لأن يكون مؤثرا في مجتمعه. وبداخل أروقة الحرم الجامعي يتلمس هؤلاء الشباب حاجات الطلبة ممن يعانون ظروفا صعبة في ظل أوضاع اقتصادية قد تمنعهم من متابعة دراستهم الجامعية.
ولأن أيادي العون تمتد دائما لنصرة من أرهقتهم متاعب الحياة، فإن مجموعة من زملائهم الطلبة سعوا للتفكير بمبادرة لتأمين الرسوم والدعم المادي لهم، وتكون من “الشباب للشباب”.
الطالب الجامعي طارق الشاويش، وبمساعدة زملائه في الجامعات الأردنية، سعى لمساعدة زملائه غير القادرين على تأمين الرسوم الجامعية، من خلال فعاليات منظمة تحت اسم “دينار الخير”، وذلك عبر جمع التبرعات اللازمة لذلك، من دون إثقال كاهل الطلبة الجامعين، وبما يتناسب مع وضعهم المادي ليكون التبرع بقدر “دينار” من كل شخص منهم.
“دينار على دينار بتعمل فرق”.. هي الفكرة التي انطلق منها الشاويش، ليكون قادرا على إحياء روح الخير والمحبة بين الطلبة في أجواء زملائه مميزة، بالإضافة إلى تأمين المساعدات لمحتاجيها من الطلبة، ضمن آلية واضحة المعالم وبشروط بينة تساهم في إيصال المساعدات لمستحقيها من الزملاء.
الشاويش وضح خلال حديثه لـ “الغد” أن العديدين قد يعتقدون أن الدينار لا قيمة له، ولكن مع وجود تبرعات يتم جمعها من مختلف الجامعات الأردنية “13 جامعة” وعبر فريق تطوعي مميز من الشباب، فإنهم قادرون على إحداث تغيير واضح لدى المئات من الطلبة المحتاجين، دون زيادة العبء على باقي الطلبة، إلا من أراد أن يتبرع بمبلغ إضافي، فهو “زيادة الخير”.
ومنذ بداية العام 2019، إنطلقت مبادرة “دينار الخير” في جامعة الزرقاء الأهلية، التي يدرس بها الشاويش، ليصار إلى تعميم المبادرة على باقي الجامعات، وتوزيع المهام على متطوعين من كل جامعة، ويتم التشبييك فيما بينهم لجمع التبرعات البسيطة، والتي تُشكل في النهاية مبلغاً من المال، يمكن ان يصنع الفرق والخير الأكيد لدى طلبة.
وخلال هذا العام، استطاعت مبادرة “دينار الخير” على تقديم مساعدات لـ 109 طلاب من الجامعات الأردنية، بعد أن أمسوا غير قادرين على دفع الرسوم، وهذا يعتبر من الإنجازات التي يسعد بها القائمون على المبادرة.
ويقوم المبادرون بالتعرف على الطلبة المحتاجين لدفع الرسوم الجامعية، ومن ثم التأكد من طبيعة الظروف الاقتصادية للأسرة، في سبيل البحث عن أكثر الطلبة استحقاقاً للمساعدة، لاستكمال الدراسة الجامعية، وعادة ما تُعطى الأولوية للطلبة الأكثر عوزا منهم.
وتأتي هذه المبادرات الطلابية الفردية، كنوع من التكافل الاجتماعي الذي يُظهر مدى أهمية أن يكون هناك توجه طلابي لأعمال الخير في مجتمع جامعي يقضون فيه معظم أوقاتهم، إذ تعتبر هذه المبادرات جزءا من المسؤولية الاجتماعية، وهي رديف للفعاليات الرسمية المؤسسية التي يمكن أن تقدم المنح والقروض الدراسية للطلاب.
ويشير الشاويش إلى أن هناك طلابا لم يتمكنوا من تحصيل قروض أو منح دراسية من الجامعة، وهم في أمس الحاجة لمد يد العون، فكان “لزاما علينا كزملاء أن نقف بجانب أصدقائنا وأخوتنا الطلبة ونساعدهم لاستكمال التحصيل الدراسي الجامعي”، في الوقت الذي يضطر فيه الكثير من الطلاب والطالبات إلى ترك مقاعد الدراسة لعدم تمكن ذويهم من دفع الرسوم المترتبة عليهم.
هذه المبادرات الطلابية، تحتاج إلى تأطير وتنظيم مؤسسي في عملها، كما يرى البعض، إلا أن الشاويش يرى أن التكافل والتعاون بطريقة عفوية وسلسلة من الطلاب هي الأجدى “ماديا”، ففي الوقت الذي يمكن أن يتم فيه تحويل المبادرة إلى جمعية، سيترتب عليهم دفع مبالغ مالية كبيرة، من الأولى بمكان أن يتم دفعها “أقساطا للطلاب لاستكمال دراستهم دون شورط وقيود”.
غير أن هذه الإجراءات “التكافلية” يتم تعزيزها وتنظيمها من خلال الطلبة أنفسهم، فهم يقومون، كما يوضح الشاويش، بالتأكد من جميع المعلومات حول الطالب، من مدى حاجته إلى المبلغ لدفع الأقساط، والتعرف على وضع العائلة المادي، حتى يكون هناك إنصاف في تقديم المساعدة، إذ يوجد طلاب هم بأمس الحاجة لأقل القليل من المال لدفع أقساطهم، لذلك يتم التأكد من أحقية كل طالب في دفع أقساطه الجامعية.
وفي ذات الوقت، يؤكد الشاويش أن “دينار الخير” يقوم فريقها بتخصيص مبالغ مالية لعدد من الطلبة، كمصروف شهري لهم، كونهم غير قادرين على تحمل تكاليف الجامعة من دفع المواصلات والكتب وغيرها من الالتزامات، وهي جزء من أهداف الحملة الدائمة.
إلى ذلك، هنالك اقتراحات دائمة ببعض الأعمال الخيرية الأخرى، مثل تقديم مساعدات لذوي طلبة يعانون ظروفا معيشية صعبة، ويجتهدون لتدريس أبنائهم، وتخصيص مبالغ مالية لهم كمساعدات عاجلة وخاصة خلال فصل الشتاء أو رمضان، أو بحسب الظروف التي يمر بها الطلبة وذويهم.
كما يتم أحيانا الطلب من بعض الطلبة الراغبين بتقديم مساعدات لزملائهم من خلال عدة مقترحات منها “إعارة بدلات التخرج لبعض الزملاء أو عمل جلسات تصوير مجانية خلال فترة التخرج، وكذلك الحال بالنسبة للطالبات الراغبات بتقديم الدعم لزميلاتهن غير المقتدرات خلال التخرج بما يحتجنه من تجهيز”.
وما يزال الطلبة في “دينار الخير” ينتهجون أعمال الخير في أبهى صور التكافل والأخوة في المجتمع الأردني، متأملين أن تُعمم الفكرة في جميع الجامعات الأردنية، بهدف رفد المجتمع بشباب لديهم الهمة لعمل الخير والدعم والعطاء لزملائهم في المجتمع بشكل عام.