عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-May-2019

شــعـــب فــي حــاجـــة مــاســــة للمعـونــة

 

افتتاحية- «كرستيان سيانس مونيتور»
ان نقصا حادا في الغذاء شمالا يفتح المجال امام الجنوب من اجل توفير المساعدة وربما ينشط ذلك تقدما في المحادثات المعلقة حول نزع السلاح النووي.
بالنسبة لقائد شاب- يملك ترسانة نووية جاهزة للاستعمال الفوري- نال كيم جونغ اون زعيم كوريا الشمالية حظوة كبيرة بمقابلة رئيس اميركي مرتين في العام الماضي، ناهيك عن القمم التي انعقدت مع رؤساء روسيا والصين وكوريا الجنوبية. وفي ظل تحديه للعقوبات الدولية واصراره على اظهار قوته، يواصل اختبار الصواريخ البالستية وتحدي المطالبات بنزع السلاح النووي. 
وعلى الرغم من كل هذا التبختر على الساحة الدولية، يواجه السيد كيم مشكلة جديدة. اذ ان تقديرات الامم المتحدة تشير الى ان 40% من مواطني كوريا الشمالية سوف يعانون من نقص حاد في الغذاء في الشهور المقبلة، وهذه نتيجة تعود بشكل رئيس الى الحالة الجوية السيئة بالاضافة الى الانفاق المبالغ فيه على المعدات الحربية. لقد شهدت كوريا الشمالية مجاعة جماعية اخر مرة في منتصف عقد التسعينات من القرن الفائت. وقد ماتت بسببها مئات الالوف من المواطنين. وقد اضطر نظام عائلة كيم للسماح للاسواق الغذائية غير الرسمية بالدخول الى اقتصاد اشتراكي صارم يعد من بين افقر الاقتصادات في العالم.
وفي هذه المرة، يجب على السيد كيم ان يقرر قبول المعونة الغذائية او رفضها. يقر النظام بان معدل هطول الامطار وصل الى ادنى مستوياته منذ عام 1982. كما ان انتاج الغذاء بلغ ادنى مستوى له منذ عشر سنوات وقد يهبط بنسبة 12% اضافية في هذا العام. وقد خفضت الحكومة الحصص الغذائية الى مستويات متدنية للغاية. 
وعلى الرغم من الازمة، تنتقد كوريا الشمالية ما اعلن عنه رئيس كوريا الجنوبية مون جاي ان من خطط لتقديم معونة غذائية بقيمة 8 ملايين دولار. والمعونة تعد من وجهة نظر سول نابعة من مخاوف انسانية ولكنها ترمي ايضا الى دفع الشمال نحو تقديم تنازلات تتعلق بنزع السلاح النووي. وتقول الولايات المتحدة انها لا تعارض مثل هذه المعونة طالما انها توزع على الناس المحتاجين بدلا من منحها لجيش كوريا الشمالية. 
في نهاية المطاف سيقبل السيد كيم المعونة على الارجح، كما فعل النظام في الماضي، في سبيل كل من صموده واملا في انها قد تقود الى تخفيف العقوبات الاقتصادية من جانب الولايات المتحدة. كانت المرة الاخيرة التي قدمت فيها كوريا الجنوبية معونة غذائية قبل تسع سنوات. وبموجب العقوبات الدولية، يسمح بتقديم هذه المعونة لسبب وجيه. فهي ليست ضرورية فقط لابقاء الناس الابرياء على قيد الحياة، وانما هي ايضا جزء من استراتيجية السيد مون التي تقتضي اتخاذ خطوات صغيرة نحو بناء جسور الثقة بين البلدين.
يلعب سخاء كوريا الجنوبية دورا كبيرا في التصدي للاستفزازات الكثيرة التي تصدر عن الشمال. اذ تبعث المعونة الغذائية برسالة تجسد الوحدة بين الشعبين الكوريين. كما انها تؤكد على رغبة عالمية في حماية الناس الابرياء على الرغم من الخلافات السياسية. ومن جهة اخرى، تشير المعونة الى التناقض ما بين زعم النظام بالعظمة وحقيقة يؤكدها الواقع الذي يعيشه ابناء كوريا الشمالية في كل يوم. ليس في مقدور الشعب على تلك الارض ان يسكت جوعه بالاسلحة النووية ، في حين ان التعاطف الذي يظهره شعب كوريا الجنوبية يعينه في البقاء على قيد الحياة.