عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Oct-2021

عوائد السلام العالمي في ٢٠٥٠*د. شهاب المكاحله

 الراي 

بعد نهاية الحرب الباردة قبل ٣٠ عاماً، تم تحرير موارد اقتصادية واجتماعية كبيرة في جميع أنحاء العالم، بعد أن كانت مخصصة لحرب كبرى.
 
ومع ذلك، فإن مكاسب السلام الطويل يبدو أنها تتغير وفق معطيات إقليمية ودولية. فقد كان من الممكن أن تتبع السياسة العالمية طريق نزع السلاح والازدهار، لكن العالم تراجع نحو التعصب الأيديولوجي والمواجهة، الأمر الذي لا يحل المشاكل الأساسية للبشرية.
 
اليوم، يتزايد خطر نشوب حرب كبرى بين الدول. المساحات الاقتصادية المشتركة التي أدت إلى النمو والازدهار العالميين على مدى العقود الماضية آخذة في الانهيار. الأزمة البيئية آخذة في التعمق، كما أن التفاوتات العالمية في الحصول على المزايا الاجتماعية والاقتصادية الأساسية آخذة في الازدياد. وتلوح في الأفق أزمة ديموغرافية عالمية، عندما يتجاوز عدد كبار السن عدد الشباب، ناهيك عن مخاطر الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي.
 
إن الإنفاق الدفاعي الإجمالي للدول في القرن الحادي والعشرين أعلى بعدة مرات من الميزانية المعدة لبرامج التنمية الضرورية في المجالات الاقتصادية والبيئية والتعليم والطب واكتشاف الفضاء، والتي يمكن تمويلها بشكل إضافي من الأموال التي تم توفيرها من ميزانيات الدفاع. وفقاً لدراسة أعدها مركز الـ"جيوستراتيجيك ميديا» بلغ الإنفاق الدفاعي العالمي في عام ٢٠٢٠ ما قيمته ١٧٠٠ مليار دولار. هذه الأموال كافية لتحقيق التنفيذ الكامل لبرامج التنمية المستدامة عالمياً بحلول عام ٢٠٣٠. لنفترض أن برامج القضاء على الفقر والجوع ستشكل ١٥٪ من هذا الإنفاق الدفاعي. سيستغرق تحديث شبكات الكهرباء ١١٪ والتعليم ١٢٪، الرعاية الصحية والنقل يكلفان ٥٪ لكل منهما. وستكون هناك حاجة إلى أقل من ذلك لتحقيق أهداف الأمم المتحدة المتعلقة بالمياه والصرف الصحي أي ٣٪ والنظام البيئي والتنوع البيولوجي ٢٪ والزراعة والأمن الغذائي ٤٪.
 
توضح هذه الأرقام مدى إمكانية تحقيق أهداف التنمية المستدامة إذا كانت البشرية، في أنشطتها، تسترشد بالفرضية القائلة إنه من الصعب حدوث حرب كبرى في القرن الحادي والعشرين. هذا ما تتحدث عنه ممارسة السياسة العالمية. في العقود الأخيرة، مر العالم مراراً وتكراراً باختبارات الإجهاد للصراعات الكبرى بين القوى الرئيسة. وفي الحقيقة، اعتاد العالم على فترة سلام مطولة. بعد الحرب العالمية الثانية، ومع ظهور الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية، أدركت البشرية أن الصراعات العسكرية واسعة النطاق تشكل تهديداً وجودياً للحياة على الأرض. وهذا يؤدي بدوره إلى الردع النووي المتبادل الذي يجبر النخب العسكرية والسياسية في جميع أنحاء العالم إلى أن تكون أكثر نضجاً في تقرير ما إذا كانت ستستخدم القوة أم لا.
 
ويمكن القول إن الإنسانية قد تعودت على السلام ولم تعد تؤمن بإمكانية نشوب حرب كبرى. المواجهة تحولت نحو الاقتصاد ومجال تكنولوجيا المعلومات.
 
ولكن السؤال المطروح هو: كيف يمكن تفسير الارتفاع الحالي في الإنفاق الدفاعي، بالنظر إلى أنه انخفض بشكل حاد بعد نهاية الحرب الباردة؟
 
لاحظنا أكبر انخفاض في الإنفاق العسكري على وجه التحديد خلال الفترة التي كان فيها التهديد العسكري في أدنى مستوياته منذ العام ١٩٩٠ إلى العام ٢٠٠٠. ومع ذلك، وبحلول عام 2001، أعادت الولايات المتحدة عملياً ميزانيتها الدفاعية إلى ما كانت عليه خلال ذروة الحرب الباردة.
 
وبدأنا نشهد توترات دولية قريبة من الحدود الروسية والصينية، ما يعني أن حركة السلام الدولية لن تبقى على ما كانت عليه منذ الحرب العالمية الثانية.