عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Apr-2020

(علِّم نفسك): ثيمة ما بعد الكورونا* رمزي الغزوي
الدستور - لم ترق لي النكتة المتداولة عبر تطبيق واتساب، وجاءت كصرخة من واحدة من الأمهات إلى وزير التربية والتعليم، وهي تشبه المتوالية المنطقية: إذا كان الزواج عن بعد يسبّب (الحَبل)، فإن التعليم (عن بعد) يسبّب الفِهم. 
 
سألتمس عذراً لبساطة السيدة المغبونة وسذاجتها. أو ربما سنلتمس لها أكثر من عذر؛ فلربما أنها تعاني بسبب الحجر (الكوروني) اختناقاً شديداً، مع أبناء كانوا يخففون عنها بانتشارهم إلى مدارسهم. 
 
ولكن حسب متواليتها. التعليم عن بعد بات واقعاً علينا أن نحياه. هو مستقبل البشرية على ما يبدو. مع ملاحظة أن من يرغب بالتعلم؛ سيتعلم، ومن لا يرغب؛ فإنه لن يتعلم، حتى ولو أحاط به خمسون معلماً فذاً. ولربما أن صاحبة الصرخة نسيت أن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال استطاعوا أن يهرّبوا نطفهم إلى زوجاتهم، وأنجبن منها أطفالاً أُطلق عليهم تسمية: سفراء الحرية.
 
في بداية دخولنا حيز الحجر المنزلي. خفت أن أفقد واحدة من متعي الثلاث: القراءة، والكتابة، والتدريس في الجامعة. ولكني لما انخرطت بكامل وجداني في التدريس عن بعد مع طلابي - وهم بالمناسبة، قد رجع معظمهم إلى بلادهم: ألمانيا، كوريا، تركيا، هولندا، الدنمارك، النرويج- صرت أنتظر على أحرَّ من الجمر موعد الدرس.  
 
بعض المؤرخين يسندون خسارة المماليك معركة مرج دابق مع العثمانين مطلع القرن السادس عشر إلى أنهم لم يقبولوا استخدام البنادق. ذلك السلاح الجديد آنذاك. فقد كان في نظرهم سلاحاً للجبناء، يبتعد عن المواجهة سيفاً لسيف كالشجعان. 
 
لم تصدر حتى اللحظة أية دراسة؛ لنعرف مدى تفاعل طلاب مدارسنا بالتعليم عن بعد. كي نتأكد من متوالية الصرخة. لكن التعليم الجامعي، يبدو لي أنه سيثبت نجاعته، وسيأخذ موقعه. ولربما ستجبرنا الكورونا أن نعيد النظر في سياسات التعليم العالي وطرقه. 
 
العالم كله سيتغير بعد الكورونا.  دول كثيرة ستعيد النظر في سياساتها وعلاقاتها. ونحن البشر سنتغير. سنعيد النظر في حياتنا. فهذا الوباء سيجبرنا أن نولي الجوانب الروحية الكثير من الاهتمام في قابل الأيام. وأن ننظر إلى أن الأسرة هي الأهم في حياتنا الاجتماعية. والأهم أن نعرف كيف نعود إلى صومعة أنفسنا. ونرى أن السعادة كعكة نصنعها بأيدينا فقط.  
 
الأمير الحسن بن طلال رئيس المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا وجّه قبل أيام إلى مبادرة (علم نفسك)، وهي منصة تشترك فيها الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة، وتبث من خلالها محاضرات المساقات التدريسية، وتتاح لكل الطلبة أن يعلموا أنفسهم. 
 
ولربما أن هذه الثيمة ستكون الأبرز في مستقبلنا: علم نفسك. وسيوازيها أيضاً أسعد نفسك.  نحن قادرون أن نتعلم عن بعد، كما سنعمل عن بعد. ونشتري عن بعد. اليوتيوب مثلاً قادر أن يعلمنا كل شيء تقريباً، من قلي بيضة إلى بناء مفاعل ذري. ويبقى السؤال: هل سنستطيع أن نسعد أنفسنا أيضاً؟.