الدستور- أعيش فترة احتجازي بين خمس قطط بلدية جمعناها من الشوارع والحاويات، بينهن قطة عمياء تماما وآخر يعاني من شلل أطفال خفيف سميناه «ماوكلي»،  وقد وجدته زوجتي قرب الحاوية وجلبته مخفورا الى البيت وهو ينام في حضنها ليلا. إذا صدق الفراعنة القدامى-ولو قليلا-فإني أعيش مع كائنات مقدسة.

 

تقديس الفراعنة القدامى للقطط خسرتهم بلدهم ووقعوا تحت الاحتلال الفارسي لعدة عقود. اذ إن القائد الفارسي قمبيز الثاني، كان يعرف مدى تقديس الفراعنة للقطط، فأمر بإطلاق آلاف القطط بين الجيشين المتحاربين، كما رسم صورة القطة المقدسة (باسيت) على دروع محاربيه (في القرن الخامس قبل الميلاد).

 

هكذا لم يستطع حملة السهام الفراعنة إطلاق نبالهم على القطط ولا على الجيش المعادي، وخسروا المعركة وفقدوا 50 ألف قتيل مقابل خمسة الاف فارسي فقط (ربما ماتوا دهسا من رفاقهم المسرعين لاحتلال مصر).

 

كان الفرعوني الذي يموت قطه يحلق حاجبيه حدادا عليه، وتستمر فترة الحداد حتى تنمو حواجبه مرة أخرى (يقال بأن فرعونيا حلق حاجبيه فوجد تحتها رصيدا للموبايل، فاضطروا لاختراع الموبايل للاستفادة من الرصيد»هاي من عندي»).

 

اكتشفوا في مصر الحديثة احدى مقابر القطط ووجدوا بداخلها حوالي 180ألف قطة محنطة، لكنهم لم يكتشفوا مقبرة الحواجب بعد (لاحظوا أن العزلة تجعلني أكبّ زناختي عليكو فاعذروني).

 

نرجع لموضوعنا، فترة الخروج من البيت أقضيها في البحث عن الطعام لتوفير الماء والكلأ الكامل الدسم للقط، وامتلأت ثلاجتنا بمأكولات القطط، فأنا لا أخشى الموت جوعا، لأننا نستطيع أن نأكل كل شيء تقريبا، أما القطط فطعامها محشور ومحصور بين البروتين والكولسترول وبعض الدهنيات.

 

القطط عالم يجمعنا في الاسرة الواحد، وقد تخصصت ابنتي توجان في الطب البيطري، لأنها تعشق القطط وتحب رعايتها منذ الطفولة كما نحن جميعا في الأسرة، وهي حاليا طبيبة بيطرة تتعامل مع القطط أكثر مما تتعامل مع البشر.

 

المهم إذا صدق الفراعنة ولو قليلا، فأن آخرتنا كأسرة ستكون بين الماوات، وماو، هو اسم القطة بالفرعونية القديمة. ولا علاقة لذلك بماوتسي تونغ ولا بالصين ولا بالكورونا المعدلة.

 

يبدو أن درجة حرارتي ارتفعت. لا تجيبوا سيرة.