عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Feb-2019

تجارب الزواج الفاشلة تنفر ”العزاب“ من حلم الارتباط
منى أبو حمور
عمان-الغد-  في جلسة نسائیة ضمت الكثیر من الصدیقات، طغت لغة الندم والحسرة على الأیام السابقة لحیاة مریحة وخالیة من ضغوط الحیاة، إذ بدأت المتزوجات بالشكوى من تجاربھن غیر الناجحة، وتلك الحیاة الملیئة بالمسؤولیات الكبیرة التي تلقى على كاھل المرأة، ومزاجیة وأسلوب الرجل الذي لا یتعاون ولا یعامل شریكتھ كما یجب.
لم تكن تعلم غیداء سالم أن تلك الجلسة ستبقى عالقة في عقلھا، وھي تستمع لصدیقاتھا وقریبات
لھا عن ھموم الزواج ومشاكلھ، مقارنة بین حیاة الفتاة وھي عزباء، فبدأ الخوف یسیطر من ھذه المؤسسة التي ترى أنھا تحتاج لتنازلات كبیرة.
منذ ذلك الیوم، ولأنھا لم یصدف وأن سمعت من محیطھا عن أیة تجربة سعیدة نقلت الفتاة لحیاة أفضل من تلك التي كانت تعیشھا، بدأت تقتنع أن وضعھا الحالي أفضل بكثیر من الإقدام على خطوة غیر مدروسة، فبدأت ترفض كل من یأتي لخطبتھا!
تقول ”أصبح كل شيء حولي ینفرني من الزواج ویؤكد لي بأنھ قرار خاطئ“، تقول غیداء ذلك بعد أن أصبحت ترى الزواج بصورة مختلفة تماما، فلم تعد تلك الحیاة الجمیلة التي كانت تعتقدھا أو الاستقرار الذي تطمح بھ أو حتى عائلة تحلم بتأسیسھا.
”أخشى الآن الدخول بتجربة الزواج وبعدھا أختبر الفشل، ویدفع الأطفال الثمن“، ھكذا بررت الثلاثینیة شادیة عبد الحافظ خوفھا من الزواج ورفضھا لھ.
فشل زواج العدید من صدیقات شادیة وانفصال أختھا عن زوجھا الذي كان یعنفھا وأخذ طفلتھا منھا ودموعھا التي لم تتوقف یوما على ما فعلتھ بنفسھا بخیارھا الخاطئ بالزواج، یجعلھا تفكر مئات المرات قبل أن تفكر في الزواج، واختبار تجربة شبیھة.
في حین أن لینا علي التي عملت كمصلحة اجتماعیة في إحدى الجمعیات المعنیة بالإصلاح السري جعلھا ترفض التفكیر في الزواج نھائیا.
تقول ”في الیوم الواحد یمر علینا عشرات القضایا التي توجع القلب ولم أعد أرغب بالزواج أبدا“، متابعة لم یعد الزواج ذلك الحلم للفتاة ولم یعد ذلك الفستان الأبیض الذي تنسجھ كل فتاة في خیالھا، فلم یبق عالقا سوى تعنیف زوج وتشرد أسرة وتقلیل دائم من شأن المرأة.
لم یقتصر الخوف من الإقبال على الزواج ودخول ھذه التجربة على الفتیات، إذ أن الشباب لیسوا أفضل حالا وفق الثلاثیني محمود الأدھم.
یقول التجارب التي حولھ مع أصحابھ وأقاربھ تبدد فكرة الزواج، مضیفا انھ لم یعد كالماضي فالأوضاع الإقتصادیة تلعب دورا كبیرا في إستقرار الأسرة وسعادتھا.
ویقول كثیر من العلاقات الزوجیة فشلت، وانتھت بسبب الأوضاع المادیة الصعبة، فلم یعد الزوج قادرا على تلبیة احتیاحات زوجتھ وأطفالھ وبیتھ واحتیاجاتھ الشخصیة، فأصبح أشبھ بالكابوس للعزاب.
من جھتھ یبین أخصائي علم الاجتماع الأسري رئیس جمعیة العفاف مفید سرحان أن الجانب الاجتماعي یتغلب أحیانا على الاقتصادي بالعزوف عن الزواج، والتخوف من الإقبال علیھ.
ویرى سرحان أن التجارب الفاشلة في الزواج سواء داخل الأسرة او من خلال الأصدقاء والمحیط الاجتماعي، ینعكس سلبا على نفسیة الشخص سواء كان ذكرا أو أنثى لأنھ یرى في الزواج بابا من أبواب المشكلات والخلافات التي لا تنتھي، معتقدا أن ذلك من اكثر الأمور تأثیرا على الشخص.
ویذھب إلى أن وجود حالات كبیرة للطلاق داخل الأسرة وبین الأقارب یدفع الكثیرین للھرب من فكرة الزواج، لكنھ یرى في الوقت ذاتھ أن ھذا الواقع لا ینبغي أن یدفع الشباب للمبالغة، إذ أن ھنالك حالات كثیرة ناجحة وفیھا انسجام كبیر لأنھا مبنیة على أسس صحیحة وواضحة وشراكة حقیقیة.
وھناك أسباب أخرى، وفق سرحان تزید من الخوف من الزواج كالظروف الاقتصادیة الصعبة وارتفاع التكالیف ومتطلبات الحیاة مما یجعل البعض یتأخر لفترة، ربما تقل بعد ذلك فرص الزواج. كما أن ما یسود مجتمعاتنا من ثقافة استھلاكیة وتقلید للآخرین ومباھاة وغلبة النفقات غیر الضروریة والأساسیة على متطلبات الحیاة الأساسیة، أسباب تؤخر الزواج أو تجعل البعض یغض النظر عنھ.
ویستغرب سرحان من تصویر الزواج من بعض وسائل الاعلام المتعددة بانھ بوابة للمشكلات والتضییق على حریة الشخص الفردیة، اذا ینبغي أن یدرك المجتمع اھمیة الزواج وبناء الاسرة واثر ذلك على الاستقرار النفسي.
وأمام ھذا الواقع الذي لا یمكن انكاره، یلفت سرحان إلى أھمیة أن یقوم الزواج على أسس صحیحة وسلیمة وعدم التسرع، وأن یكون مدروسا وقائما على أسس واضحة مع ضرورة عدم التأثر بوسائل الاعلام المختلفة والبرامج والأعمال الفنیة التي تركز بكثیر من الأحیان على السلبیات ولا تذكر الایجابیات بالرغم من كثرتھا.
ویعتبر أخصائي علم النفس التربوي الدكتور موسى مطارنة أن التخوف من الزواج حالة مرضیة بغض النظر عن الظروف المحیطة بالشخص باعتباره حالة فردیة لا یمكن تعمیمھا على كل العلاقات.
ویجد مطارنة أن من الطبیعي أن یكون الشخص راغبا بالزواج ویملك مھارات الاحتواء والعاطفة والرغبة في تكوین أسرة حتى وإن تعرض لمشكلات وفشل أحیانا بالاختیار أو تشكلت لدیھ خبرات سیئة، إذ لا یعني ذلك التخوف منھ وعدم الإقبال علیھ، أو یجعل الآخرین یؤثرون على قراراتھ، لأن كل تجربة تختلف عن الأخرى.
ویؤكد مطارنة أن الظروف الاقتصادیة لا تعني عدم الرغبة في الزواج لكن تحول دون تحقیقھ بأوقات كثیرة، لافتا إلى أن غیر ذلك ھو مشكلة نفسیة خاصة في الشخص ولدت لدیھ ھذا الشعور.
ویضیف، الزواج حالة یرغب فیھا الجمیع لأنھا تلبي الطبیعة البیولوجیة، العاطفیة والاجتماعیة واشباع رغبة الأمومة والأبوة ومطلب حیاتي وأساسي لبناء المجتمع