عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Jun-2024

الرفاعي: الأردن ماض بسياسته الواضحة تجاه فلسطين

 قال نائب رئيس مجلس الأعيان، سمير الرفاعي، إن الأردن ماض بسياسته الواضحة تجاه فلسطين، وهي دعم الحل العادل والشامل وصولا إلى دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية.

 
وقال الرفاعي، خلال محاضرة ألقاها في جامعة الحسين التقنية، بدعوة من جمعية الخريجين الأردنيين، لمنح تشيفننغ البريطانية، إن المطلوب اليوم الحفاظ على الأردن وتقوية جبهته الداخلية، وتحسين وضعه الاقتصادي وفتح فرص للشباب الأردني، وبما يخفف من وطأة الآثار المباشرة وغير المباشرة لهذه المأساة دون إفراط أو تفريط.
 
وأضاف الرفاعي، في المحاضرة التي أدراها الدكتور فارس بريزات، بعنوان: "الأوضاع الراهنة محليا وإقليميا" بداية لا بد أن أهنئكم جميعا ونحن في خضم ثلة من الاحتفالات الوطنية بين عيد الاستقلال، واليوبيل الفضي لتسلم جلالة الملك سلطاته الدستورية وجلوسه على العرش وصولا إلى يوم الجيش وذكرى ثورة العرب ونهضتهم الكبرى التي قام على مبادئها وطننا الحبيب.
 
وقال إن هذه كلها مناسبات متصلة متكاملة، فحول راية الثورة العربية الكبرى التف رجالات الأردن، فأسسوا تحت لواء الهاشميين هذه الدولة وأخلصوا لعرشها القائم على أسس من العدل والمبادئ السامية، وهم ذات الرجال الذين أسسوا الجيش العربي ليحمل مبادئ الثورة ويحمي منجزات الوطن ويكون جدارا منيعا حول الشعب والعرش.
 
هذا العرش بما يقوم عليه من مبادئ وما يمثله من حماية للشعب والوطن، هو أثقل أمانة يمكن أن يحملها إنسان، وبحمد الله فقد أكرمنا الله بأحفاد خير خلقه، ومن حملوا الأمانات وأدوها منذ ما قبل عهد النبوة حتى يومنا هذا.
 
وقال الرفاعي "لعل خير شاهد على أدائهم الأمانات بحقها، أننا ندخل المئوية الثانية من عمر هذه الدولة التي أسسها الملك عبدالله الأول طيب الله ثراه، وتنعم اليوم في عهد الملك عبدالله الثاني أطال الله في عمره".
 
و أكد أنه ورغم شح الموارد وصعوبة الظروف المحيطة، بنى الأردنيون مؤسسات قوية كانت وما زالت عماد ما نتمتع به من استقرار داخلي، وديمومة للخدمات العامة، وثبات لمؤسسات وأجهزة الدولة، وأعمدتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
 
وقال إن الأردن تمكن من إدامة ذلك على مدى أكثر من مئة عام، وبجهود أبنائه المخلصين وبالسعي نحو النماء والتنمية المستدامة، مشيرا إلى أن مسيرة البناء ستستمر على ما تم إنجازه لمئة عام أخرى.
 
وقال الرفاعي ان مئة عام من عمر الأردن، مر ربعها تحت قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني،في ظروف إقليمية وعالمية أقل ما يقال عنها أنها غير مستقرة، وفي أحيان كثيرة كانت صعبة ومعقدة.
 
ولعل هذا هو قدرنا، فالناظر في تاريخ الأردن منذ نشأته، يدرك بسهولة أنه ولد في عين العاصفة، ولم يعرف الهدوء إلا لحظات قليلة مقارنة بسنوات عمره.
 
واعتبر الرفاعي أن ما يزيد من ثقل هذه الظروف، أن وطننا بالكاد يمتلك أي موارد طبيعية، ولا رهان له إلا على أبنائه وبناته، لافتا الى أن الأردن ولأنه مرتبط ارتباطا وثيقا بمحيطه الإقليمي والعالمي فهو عرضة للآثار الجانبية لأي وكل أزمة، فمن حرب إلى حرب ومن تهجير الى هجرة، لكن تظل أبوابه مفتوحة لكل محتاج.
 
وأكد أن أحدث هذه الأزمات هي الحرب الغاشمة على أهلنا في غزة وفلسطين المحتلة، والتي عدا عن آثارها النفسية المؤلمة على كل منا، وتبعاتها السياسية التي ندفع ثمنها نتيجة لالتزام الأردن بعروبته وصموده على مواقفه، أثرت أكبر تأثير على اقتصادنا بصورة كبيرة، ومع ذلك بقينا على موقفنا وفيما نحن نجلس هنا الآن يعقد جلالة الملك مؤتمرا دوليا من أجل غزة على بعد كيلومترات قليلة منا.
 
وقال إن من الآثار المباشرة للحرب على غزة تراجُع أرقام السياحة بشكل كبير قل أن نشهد مثله، وأيضا على النمو، وعلى ميناء الشاحنات، وعلى الضرائب المباشرة وغير المباشرة، ومن آثارها غير المباشرة عزوف الناس عن كثير من الأنشطة الحياتية التي تشكل جزءا مهما من الدورة الاقتصادية نتيجة لشعورهم بالألم والذنب تجاه ما يرونه من مجازر.
 
ولفت الرفاعي الى ما أشار إليه سمو ولي العهد في مقابلته الأخيرة، فإن علينا أن نتعامل مع هذه الأزمة بحكمة، ونحفظ التوازن في جميع النواحي، لأن فلسطين تحتاج إلى أردن قوي منيع.
 
من هنا جاءت الرؤية الملكية السامية بضرورة الالتزام بخط التنمية الشاملة المستدامة، فوضع جلالته مبادئ الإصلاح والتطوير الشمولي السياسي والاقتصادي والإداري، الذي أصبح اليوم في عهدة المجتمع المدني والقوى السياسية، والحكومة وأجهزة الدولة، وتقع مسؤولية الالتزام به والرقابة على إنجازه على كاهل كل منا.
 
وقال "سياسيا لن تكون التجربة ناجحة دون مواطن واعٍ... واعٍ لو اختار أن يكون فاعلا حزبيا وجزءا نشطا من العملية السياسية، فيختار حزبه على أساس البرامج لا الأشخاص، ويخوض العمل السياسي سعيا وراء الخدمة العامة لا للمواقع والمناصب، الى جانب أحزاب تركز في بداية المرحلة على وضع برامج واضحة وقابلة للتطبيق والقياس قبل النظر للمواقع والمناصب خارج البرلمان، بالإضافة لمواطن واعٍ كناخب يختار على أساس البرنامج الأصلح، ويراقب أداء من اختارهم بعين الناقد الذي يقدم المصلحة العامة على أي حسابات فئوية أو جهوية".
 
ودعا الرفاعي القوى السياسية إلى عدم استغلال أحداث خارجية في المعادلة الداخلية وجعل هذه الأحداث بديلا عن برامج عمل سياسية اقتصادية إدارية، تفاديا لتغليب الشعارات على البرامج الحقيقية.
 
وقال "أعلم أن جزءا من السياسة قد يجعل اللاعب السياسي يلجأ للعاطفة لإقناع الناس، لكن هذا سيكون قصير الأمد، وعلى الناخب تغليب العقل والاعتماد على البرنامج الذي يراه مقنعا ويدرسه بعناية. وللتوضيح، فعلى سبيل المثال أن ينظر الناخب في: كيف ينوي هذا الحزب توسعة الطبقة الوسطى؟ كيف ينظر للمشاريع الكبرى؟ كيف ينظر لنظام الخدمة المدنية؟ كيف ينظر لعودة خدمة العلم؟ كيف ينظر لامتحان التوجيهي؟ ما هي الأفكار لتوظيف أبنائنا.. وهذه أمثلة قليلة.. فالبرنامج يجب أن يشمل كل محور من محاور حياتنا".
 
وقال إن هذا سيصل بنا إلى المطلوب فعليا، وهو الوصول المتدرج إلى برلمان حزبي برامجي يقود بتدرج إلى حكومة حزبية برامجية، لذا وضعت اللجنة الملكية قاعدة 30 بالمئة 50 بالمئة 65 بالمئة. في الانتخابات الثلاثة المقبلة كمقاعد محجوزة للأحزاب.
 
وقال إن القفز عن هذه القاعدة هو قفز في الهواء، والاستعجال في تشكيل حكومة حزبية بعد الانتخابات القادمة سيجهض جوهر التحديث السياسي، والعودة إلى أحزاب الأشخاص أيضا سيجهضها، وبالتأكيد قيام أي حزب في المرحلة الحالية بطرح قياداته لمواقع وزارية او لرئاسة الحكومة هو استعجال غير محمود.
 
وأعرب الرفاعي عن أمنياته بأن تكون الأحزاب الناجحة في الانتخابات القادمة جزءا من مشاورات تشكيل أي حكومة وربما جزءا منها.
 
أما اقتصاديا، وفق الرفاعي، فيجب أن نعترف جميعا بالاختلالات العديدة في السوق المحلي، وعجلة الاقتصاد الوطني، والتي يتحمل المواطن جزءا منها، بالإصرار على الاستمرار بالتوجه نحو التعليم الأكاديمي على حساب التعليم المهني والتقني، الذي يشكل أساس الطبقة الوسطى ومحرك الاقتصاد.
 
وقال الرفاعي إن الحكومات المتعاقبة تتحمل مسؤولية الكثير من هذه الاختلالات، وتتحمل الشعبويات الآنية الكثير منها أيضا، وكذلك البيروقراطية المزعجة وعدم النظر لشراكة حقيقية بين القطاع العام والقطاع الخاص.
 
وهنا يجب أن نتعلم درسا ضروريا من العالم والإقليم بأن الصمود أمام عواصف اقتصادية كبرى يحتاج وجود صناعات وطنية إنتاجية حقيقية، وكيف يتوجه اليوم جيراننا في الخليج العربي نحو الاقتصاد الإنتاجي رغم ما يتمتعون به من ثروات طبيعية.
 
وقال ان قدر منطقتنا مع عدم الاستقرار السياسي يحتاج إلى مجابهته بالاستقرار الاقتصادي. وعدم تغيير المسار عن الأهداف الاستراتيجية، فعندما يحصل ذلك تصبح الاستراتيجية تكتيك ويصبح التكتيك بعدها تسليك.
 
وقال لا يجوز أن يظل اقتصادنا يعتمد على الآخر قبل الاعتماد على الذات، فالأكيد هو الذات وليس غيرها.
 
إن التغيير هو الثابت الوحيد في عالمنا، وقد تقع الأزمات وتشتعل الحروب في أي بقعة من العالم في أي لحظة، جاعلة كل طرف في هذه الأزمة أو تلك يتخلى عن أي مسؤولية تجاه الأصدقاء والحلفاء مقابل مصالحه الوطنية، لافتا الى عديد الهزات التت واجهت أكبر الدول والكيانات الاقتصادية التي كادت أن تطيح بها. ورأينا تغير التحالفات السياسية والعسكرية التاريخية في لحظات، وها نحن اليوم نرى الحرب في أوكرانيا وهي تشكل خط تماس مشتعل بين معسكرين قد يلجأ أي منهما إلى ما لا تحمد عقباه في أي لحظة.
 
وهي عجلة مستمرة استمرار التاريخ، وعلينا أن نتعلم من دروسها، ونحتاط لتقلباتها، وندرك أن لا بديل عن الاعتماد على الذات، والمنعة الوطنية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وأن لكل منا دور في ذلك ليس من حقه أن يتخلى عنه، أو يجيّره إلى غيره، أو ألا يؤمن بضرورته.
 
وقال إن هاجسي الأول على الدوام هو تحسين نوعية الحياة لكل مواطن ومواطنة في هذا البلد" هذا ما قاله الملك في افتتاح خطبة العرش قبل عشرين عاماً، فالأردن الذي يطمح له سيدنا يعيش فيه المواطن حياة كريمة، وهذا الأردن الذي يريده بهمتكم وعزمكم وفكركم، الأردن الذي يحتضنالإبداع، وينمي الابتكار ويعزز الفرص، ويحد من التحديات، ويواجه الصعوبات، أردن مزدهر باقتصاده وطاقاته وسواعد شبابه، أردن للجميع، قوامه سيادة القانون، وعماده العمل الجاد والخدمات الجيدة ورفاهية المجتمعات، وأساسه شعبٌ واعٍ بمسؤولياته وواجباته وحقوقه،ومؤسسات أكثر ديناميكية مع واقع متطور متسارع، أردن مرن بابتكاراته التكنولوجية الخلاقة، التي لا تعرف للحدود مكاناً، ولا للطاقات انتهاءً ولا للعلياء سقفاً، وشباباً فاعلاً قادراً على إعادة تموضع وطنه في مصاف الدول المتقدمة. فهذه رؤية جلالة الملك والتي هي جعل الأردن بوابة للمنطقة في مجالي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتجارة الالكترونية، وتحويل الأردن إلى مجتمع معلوماتي يتمتع بكل ما تتطلبه تحديات الاقتصاد المعرفي العالمي من إمكانيات وقدرات.
 
وأكد أن اليوم الكرة في ملعبنا، وعلينا أن نكمل ما رسخه جلالته باحترام المستثمرين وتذليل العقبات أمامهم ووضع المحفزات لهم، وأن نستثمرهم لنمو اقتصادنا ليكون من اقتصادات الدول المتقدمة، ولا تستمعوا لكلام الذين لا يؤمنون بالأردن لا وطناً ولا اقتصاداً. ورغم أننا سنستورد الاستثمار إلا أننا سنصدر ما يصنعه الأردن بسواعد أبناءه، وعقول شبابه، وأفكار مبدعيه، وإيمان ودعم جلالة الملك وولي عهده، ما يصدره الأردن ليس فقط موارد بشرية، ولكننا اليوم بتنا رقماً صعباً في قطاعات المعادن الطبيعية والتكنولوجيا والابتكار، وهذا لا يكفي بل أرى أن المجال أوسع لنكون رقما صعبا أيضا في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والتكنولوجية. وأن نستمثر ما لدينا من موارد بالطرق المثلى وأن نركز على أن نكون شركاء مع دول الخليج ودول الجوار ومكملين لاقتصاداتهم ونستثمر موقعنا الجغرافي وأن نركز على الصناعات التحويلية والخدمات المالية والريادية والسياحية للذكر وليس وللحصر.
 
وقال لا يمكن اليوم أن ننهي حديثنا دون التأكيد على أهمية الجهود التي يبذلها سيدنا على المستوى الدولي، والتي حافظت على أمن الأردن وجعلته ملاذاً آمناً وحضناً دافئاً لكل ملهوف، فأصبح استقرار الأردن ونفوذه الدبلوماسي أكثر أهمية من أي وقت مضى. تحت قيادة الملك عبدالله الثاني، حيث برز الأردن كوسيط موثوق وصوت محترم في الشؤون الإقليمية والعالمية.لاحظ المجتمع الدولي التزام الأردن الثابت بالسلام والأمن والتعاون، حيث إن المستثمرين وشركاء التنمية والقادة العالميون جميعهم أدركوا قيمة التعاون مع أردن يقوده ملك يضع الرؤية الاستراتيجية والدبلوماسية الإقليمية ورفاهية شعبه على رأس أولوياته.
 
وقال إن العالم ينظر لنا بعين الإعجاب الكبير، وجميعكم تمتلكون تجارب داخلية وخارجية، وقد رأيتم ماذا يقول العالم عن دولة صغيرة على الخارطة، كبيرة في قلوب شعبها وعظيمة في عملها وتطورها، وراسخة في إقليم ملتهب.
 
--(بترا)