منظمة حقوقية: وفاة محمد مرسي كشفت كيف صار الإعلام المصري رهينا في يد الأجهزة الأمنية
القاهرة ـ «القدس العربي»: قالت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» إن «السياسة التحريرية لأغلب المؤسسات الإعلامية في مصر لم يحددها القائمون على أمر المؤسسة الإعلامية، ولكن فرضتها إملاءات رقيب الأجهزة السيادية، التي لم تقف عند حذف موضوعات، ولكنها امتدت ليتدخل ذلك الرقيب في كتابة وإخراج المواد الإعلامية في أغلب هذه المؤسسات».
وأوضحت في تقرير لها أمس الثلاثاء، أن «أغلب وسائل الإعلام في مصر أمست وسائل دعاية رديئة، بعدما صارت رهينة في يد الأجهزة السيادية التي تملي عليها ما تكتبه وتفرض عليها شكل الإخراج، وبات الإعلامي في تلك الوسائل مجرد قارئ لـ (الأوتوكيو)، (جهاز يعكس ما يكتبه المحرر على كاميرا التصوير أمام المذيع)، المعد سلفا في الأجهزة السيادية، فيما لا تزال وسائل الإعلام الحرة تواجه المصادرة، والتخوين، وحبس الصحافيين».
وكشف التقرير الذي تناول تغطية الإعلام المصري لخبر وفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، وحمل عنوان، (الأوتوكيو شاهد على تدهور الإعلام)، كيف «غابت المهنية عن تغطية خبر الوفاة، رغم توافر كل شروط الخبر الهام للجمهور»، مشيراً إلى أنه «باستثناء جريدة «المصري اليوم»، التي أفلتت من فخ تراجع المهنية رغم القيود، جاءت باقي التغطيات مفتقرة للمعايير المهنية وممعنة في التهميش أو الإساءة لشخص المتوفى أو ردا على المواقف الناقدة لأوضاع سجن الرئيس الأسبق وظروف وفاته المحيرة».
وتناول واقعة عرفت في الوسط الإعلامي المصري، بـ«واقعة جهاز السامسونغ»، وتعود للمذيعة نهى درويش، في قناة «إكسترا نيوز»، التي قرأت خبرا يتعلق بتأكيد مصدر طبي مسؤول، أن «جميع الوثائق التي تؤكد تقديم الرعاية الصحية له (للراحل محمد مرسي) موجودة وسيتم تقديمها للجهات المعنية»، قبل أن تضيف: « تم الإرسال من جهاز سامسونغ».
واعتبر التقرير أن «الواقعة لا تمثل مجرد خطأ وقعت فيه مذيعة، ولكنها حادث كاشف لما وصل إليه حال أغلب وسائل الإعلام في مصر، ومدى تأثير سياسة الإملاءات الأمنية والأوامر الحكومية على صناعة الإعلام والتأثير في الرأي العام في مصر».
وحسب التقرير «تناولت صحيفة «الأهرام» الحكومية، التي تعد أعرق وأهم صحيفة تتحدث بلسان النظام المصري، خبر وفاة محمد مرسي في الصفحة الرابعة (صفحة حوادث وقضايا) غير مصحوبا بصورة، واختلف حجم الخبر في الطبعة الثانية عنه في الطبعة الأولى، فقد جاء الخبر في الطبعة الأولى على عمود واحد وستة أسطر، بينما جاء في الطبعة الثانية في الصفحة نفسها على أربعة أعمدة، وثمانية أسطر بعدما أضيف للخبر البيان الصادر من النيابة العامة، أما الصفحة الأولى فقد تصدرتها زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لبيلاروسيا، وأخبار عن ليبيا وترامب وأخبار أخرى متنوعة، دون ذكر لوفاة رئيس سابق لمصر».
واقعة «جهاز السامسونغ» كشفت سياسة الإملاءات… وموسى يهدد كل من يدافع عن الرئيس الراحل
وتابع : «في يوم 19 يونيو/ حزيران الماضي، تناولت الطبعة الثانية من صحيفة «الأهرام» في الصفحة الرابعة (متابعات) رد الهيئة العامة للاستعلامات على تغريدات منظمة هيومن رايتس ووتش، دون عرض هذه التغريدات أو عرض وجهة نظر المنظمة الحقوقية الدولية».
وتوصل التقرير إلى أن «صحيفة «الأهرام» أرادت عن عمد تهميش خبر وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي، وذلك عبر تناول الخبر في صفحة الحوادث، وذكرت اسم محمد مرسي دون ألقاب، ولم تنشر أي صورة له، ولم تتناول الحدث في أعمدة الرأي أو في الثلاث صفحات التي تخصصها لأصحاب الرأي. تطور الأحداث فرض على الصحيفة تناول الموضوع من وجهة نظر السلطة، فقط».
وتطرق التقرير إلى الإعلامي أحمد موسى، المقرب من نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. موسى تناول في حلقة من برنامجه استمرت نحو ساعتين و27 دقيقة، واقعة وفاة محمد مرسي، وقسم الحلقة إلى قسمين، حيث استضاف في القسم الثاني الذي استمر نحو 40 دقيقة إبراهيم ربيع (قدمة البرنامج باعتباره قياديا إخوانيا) للحديث عن جماعة الإخوان، بينما انفرد موسى في الجزء الأول من البرنامج بباقي الزمن.
وبدأ المذيع المعروف بولائه للنظام، الحلقة «بمقدمة ترحم فيها على قتلى القوات المسلحة والشرطة، واتهم مرسي وجماعة الإخوان بقتلهم، واتهم محمد مرسي بالتحريض والأمر بقتل ضحايا الجيش والشرطة، ووصف مرسي بالجاسوس والإرهابي والقاتل والمحرض على قتل أفراد الجيش والشرطة».
ثم انتقل لخبر وفاة مرسي وأكد على أن الأخير «مات أثناء المحاكمة، وكان يحظى بمعاملة خاصة داخل السجن حيث كان يزوره طبيبان يوميا للاطمئنان على صحته، وكانت تلبى كل طلباته من طعام من خارج السجن وتدخل له الجرائد يوميا».
وكانت أغلب الحلقة «اتهامات ألقاها موسى في كل اتجاه حيث اتهم أبناء مرسي بتلقي أوامر القتل من والدهم».
كما اتهم، الحقوقي بهي الدين حسن بالعمالة، ومنظمة «هيومن رايتس ووتش» بمراقبة حقوق الإرهابيين فقط، وأنها لا تعترف إلا بحقوق الإرهابي والخائن والجاسوس. ونالت الناشط اليمنية توكل كرمان نصيبا من هجوم موسى، متهماً إياها بتخريب اليمن، قبل أن يهاجم قناة بي بي سي ويصفها بعدم المهنية، وأنها تنحاز لجماعة الإخوان الإرهابية، ووصفها بأنها تقف في نفس منطقة قنوات الإرهاب.
وهدد موسى كل من يدافع عن مرسي أو يعزي فيه أنه سيكون في القائمة السوداء، موجها حديثه لمحمد أبو تريكة لاعب مصر الدولي السابق، ووصفه بـ«المجرم والخائن والعميل والحرامي».
واعتبر التقرير أن «صحيفة المصري اليوم المستقلة، هي الوحيدة، التي استطاعت الخروج من مأزق السيطرة الأمنية، حيث أعطت، يوم 18 يونيو/ حزيران الماضي، خبر وفاة مرسي مساحة بارزة في النصف العلوي من الصفحة الأولى بالتساوي، إلى جوار تغطية زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى بيلاروسيا ورومانيا».
وتضمن الخبر، وفق التقرير «صورة أرشيفية للرئيس مرسي أثناء محاكمته في إحدى الجلسات السابقة، وكتبت العنوان باللون الأحمر».
ورغم أن «مضمون الخبر جاء في أغلبه شبه مطابق لما جاء في كل الصحف إلا أن الخبر تضمن اسم مرسي مسبوقاً بلقب الرئيس الأسبق، كما أضافوا للخبر التأهب الأمني وتشديد مصلحة السجون الحراسات على العنابر التي يحتجز داخلها أفراد من الجماعة الإخوان».