عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Mar-2023

الانقلاب النظامي لدى المستعمرة*حمادة فراعنة

 الدستور

في كتابه المفتوح لجيش المستعمرة، يؤكد بيني غانتس رئيس الأركان السابق، وزير الجيش في عهد حكومتي نفتالي بينيت ويائير لبيد أن التحديات الداخلية تقلقه أكثر من التحديات الأمنية، ويعود ذلك إلى رؤيته أن المستعمرة هذه الأيام تقع في ذروة «الانقلاب النظامي» وهي التسمية المتفق عليها في وصف التحولات التي تعصف بالنظام القضائي، والتغييرات التي تمت ولا تزال تدريجياً وفق التشريعات التي أقرها البرلمان كخطوات متتالية تهدف إلى إلغاء القوانين والإجراءات التي تحول دون استلام نتنياهو لرئاسة الحكومة على خلفية القضايا الجزائية المتورط بفسادها، وتحول دون استلام أريه درعي حليفه وزارةً في حكومة نتنياهو، على أثر إدانته بالفساد والتهرب الضريبي.
مظاهر الاحتجاج متواصلة من قبل الإسرائيليين للأسبوع التاسع على التوالي، حيث يزداد حجم وأعداد المنخرطين في الاحتجاجات حتى وصلت إلى جنود وضباط الاحتياط، وخاصة من قبل ضباط الاحتياط لسلاح الجو، مما يفرض الإحساس بالقلق، وارتفاع مظاهر التمزق، والإصرار على عدم التراجع، بهدف تحقيق غرضين أولهما وقف إجراءات التشريع في تغيير القوانين من قبل البرلمان، وثانيهما إسقاط حكومة نتنياهو.
عاموس هرئيل المعلق السياسي في هآرتس يوم 6/3/2023، وصل إلى نتيجة في قراءته لموقف ضباط الاحتياط، لأنهم لن يشاركوا في برامج التدريب للطيارين من السرب 69 من سلاح الجو، اعتبر خطوتهم أنها «قد تكون بالضبط بداية السقوط»، وانعكاس ذلك على «مصير التماسك الاجتماعي في الجيش الإسرائيلي»، كما قال حرفياً.
إذن ما يجري داخل مجتمع المستعمرة ليس مجرد مظاهرات احتجاجية لمطالب معيشية لزيادة الرواتب، أو لتحسين فرص العمل، فالمطلوب إجمالاً ليست مطالبة اقتصادية اجتماعية، أو احتجاجات على مواقف سياسية طارئة، بل إن قطاعات واسعة من مجتمع المستعمرة تجد أن التحولات التي تتم، عبر تغيير قواعد النظام القضائي، وهيمنة السلطة التنفيذية على المواقع الأخرى من مؤسسات صنع القرار سيؤدي إلى ما تم تسميته «الانقلاب النظامي» من خلال هيمنة الأغلبية البرلمانية وتوظيف امتلاكها للأغلبية في التصويت البرلماني، في الوصول إلى الإنقلاب بدون تحريك الدبابات والسيطرة على مواقع صنع القرار نتاجاً لصناديق الاقتراع.
الإسرائيليون يتذكرون وصول هتلر وموسوليني إلى السلطة في ألمانيا وإيطاليا، عبر الانتخابات، وغيروا أدوات اللعب، وأدوات صنع القرار، وفرضوا التسلط والهيمنة، وسببوا في اندلاع الحرب العالمية الثانية عبر ائتلاف بلدان المحور في مواجهة بلدان التحالف، أدت إلى دمار أوروبا، وموت خمسين مليونًا من البشر تحت جنازير الدبابات وقصف المدافع والطيران والاجتياحات المتبادلة واستعمال القنبلة الذرية لأول مرة ضد اليابان.
سبق وشهدت شوارع المستعمرة وخاصة في تل أبيب مظاهر ضخمة من الاحتجاجات، مطالبين الانسحاب من لبنان، ولكن هذه المظاهرات الاحتجاجية التي لم تقتصر على شوارع تل أبيب، بل امتدت إلى العديد من مدن الشمال والوسط والجنوب، تحمل شعارات لها مساس بجوهر النظام السياسي، مما يدلل على بروز تناقضات وحدة في المواجهة على خلفية «الإنقلاب النظامي» مما يدلل على أن نظام المستعمرة لن يبقى بعيداً عن المرض السياسي الاجتماعي الأمني الذي يُصيب المجتمعات لأسباب مختلفة، والمستعمرة لن تبقى بمأمن من هذه الأمراض التي ستعصف بمكوناتها، طال الزمن أو قصر، فالعوامل التي صنعت المستعمرة ليست طبيعية، ولن تصمد وتبقى الاستثناء في ظل سياسات الاستعمار والتوسع واضطهاد شعب آخر: الشعب الفلسطيني، واحتلال أراضي ثلاثة بلدان عربية.