عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Nov-2022

أبو فخر يصدر “مراجعات في التاريخ والهوية وتحولات النخبة الفلسطينية”

 الغد-عزيزة علي

 صدر للباحث والكاتب صقر أبو فخر كتاب بعنوان “تحولات النخبة الفلسطينية: مراجعات في التاريخ والهوية”، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ويطرح الكتاب قضايا تاريخية وراهنة وشائكة وحيوية في الوقت نفسه مثل الهوية والمستقبل، الهويات الموروثة المعيقة لمشروع التحرر الوطني. ويدرس الكتاب تمثلات الذاكرة الفلسطينية كالسيَر والمذكرات.
في مقدمته للكتاب، يقول أبو فخر “إن هذا الكتاب يتجول في بعض قضايا التاريخ الفلسطيني التي كان لها شأن في صوغ الوعي التاريخي والهوية التاريخية للفلسطينيين؛ حيث يعمل الكتاب على إعادة النظر في موضوعات مترابطة كالتاريخ القريب والهوية والمكان والسيرة الذاتية، التي هي تعبير عن حضور الذات في المكان، من أجل الإسهام في مناقشة تلك الموضوعات، وإعادة النظر فيها في ضوء علم التاريخ ذي الميادين المتوازنة، وفي ضوء منهج متعدد الحقول، وميدان التاريخ، حيث يتسع لقراءات شتى؛ فثمة قراءة أيديولوجية، سياسية، انتمائية، نقدية، سردية، صفية، علمية”.
ويوضح أن الهدف من هذا الكتاب هو أن قراءة التاريخ الفلسطيني قراءة علمية ونقدية وانتمائية في الوقت نفسه.
ويقول أبو فخر “لم يشهد المشرق العربي، خصوصا البلاد الشامية “سورية ولبنان والأردن وفلسطين”، انبثاق وعي قومي متين ذي أغصان فكرية قوية وممتدة إلا بعد الحرب العالمية الأولى. وقد خضعت سورية لأبشع طرائق الاستعمار للسيطرة على شعبها، فقسمها الفرنسيون إلى دولة الدروز ودولة العلويين، وإلى دولة دمشق ودولة حلب “للسنة”، وسنجق الجوائرة الفارط “للأقليات الكردية والسريانية والكلدانية”، علاوة على دولة لبنان “للمسيحيين”، ثم جعل الاستعمار البريطاني فلسطين “لليهود””.
ويتحدث أبو فخر عن بداية الحرب على فلسطين؛ أي في 14 أيار (مايو) 1948؛ أي قبل خمسة وسبعين عاما، عندما وقف دافيد بن غوريون بكل صلافة في قاعة متحف تل أبيب، حيث صورة تيودورس هيرتسل تطل على أعضاء الجمعية التأسيسية اليهودية، ليقرأ “وثيقة الاستقلال”، ويعلن قيام دولة إسرائيل، ثم عزفت الفرقة الموسيقية نشيد “هاتكفا- الأمل”، وانصرف الجميع إلى متابع عواقب هذا الحدث الخطير الذي قلب الواقع السياسي والجيوستراتيجي في المشرق العربي رأسا على عقب، وخلق تحديا للعرب لا سباق له، وذلك الحدث شكل تحديا قوميا للدول العربية الجديدة، وخطرا أمنيا وعسكريا واستراتيجيا في الوقت نفسه، وأوجد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين “والصراع العربي-الصهيوني”.
ويتابع أبو فخر حديثه عن توابع هذه النكبة التي أفقدت الفلسطينيين وطنهم التاريخي، بينما أسس اليهود وطنا لهم، يخرجون من شبح المنفى وكوابيسه، فيما راح الفلسطيبنيون يتحولون بسرعة إلى لاجئين في المنافي، واللجوء قسرا إلى دول الجوار.
يواصل أبو فخر كلامه عن مأساة الشعب الفلسطيني بعد النكبة في العام 1948، قائلا “بعد العام 1948، انتشر الفلسطينيون في جميع أرجاء المشرق العربي، وفقدوا ترابطهم البشري والعيش على أرض واحدة، وهذه الحال أعاقت إعادة تكوين هوية وطنية تجمع شتاتهم، وهكذا في ظل هذه المأساة الإنسانية والهلع الوجودي، صار المنفى هو الهوية الجامعة للفلسطينيين اللاجئين، وبات المخيم هو مكان الفلسطيني، الذي تعلم في أزقته دوروبه المتربة كيف يحافظ على روابطه العائلية القديمة، وعلى لهجة آبائه وميراثهم الحضري، وعلى انقساماتهم القروية الموروثة”.
ويضيف “من هذه العناصر صاغ الفلسطينيون هويتهم الجديدة في أمكنتهم الجديدة، وزينوا بيوتهم البسيطة بالصور القديمة، واحتفظوا بأوراق الملكية “الطابو”، وبمفاتيح البيوت المهجورة، وفي تلك الشروط القسرية بات المكان هو العنصر الأهم في تكوين الهوية، وكان المخيم هو المكان، بل المكان الوحيد الذي صنعت فيه ملامح فلسطين البدائية أو المصغرة، وفي تلك المخيمات صاغت النخب الفلسطينية الجديدة هوية التحرر الوطني، غير أن المخيم لم يكن وطنا بل منفى، وكان في بعض المراحل استراحة مؤقتة على طريق العودة المتخيلة”.
أما اليوم، كما يقول أبو فخر، فجراء الويلات التي حلت بأهل المخيم، صار المخيم محطة على دروب الهجرة إلى المنافي البعيدة، الأمر الذي راح يفسخ هوية التحرر الجديدة، ويهلهل عناصرها التكوينية؛ فالهوية مرتبطة بالمكان، لكن المكان في التراجيديا الفلسطينية ليس هو المكان الملموس؛ أي المخيم، بل المكان المفقود، أي فلسطين، ومن المحال استرجاع المكان المفقود إلا بالتذكر؛ فالتذكر يقي الفلسطينيين رعب المحو والاندثار والذوبان.
ويري المؤلف أنه في خضم الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ العام 1948، لم يتمكن الفلسطينيون من الانتصار على الرغم من المقاومة التي لم تتوقف، وكذلك لم تستطع إسرائيل أن تهزم الفلسطينيين وتخمد توقهم إلى الحرية وتطلعهم إلى الاستقلال، وما دام الفلسطينيون ما برحوا موجودين فوق أجزاء من بلادهم بعد خمس وسبعين سنة من حرب الإبادة، فهذا دليل على أن المشروع الصهيوني لم يستطع أن يحقق نصرا حاسما، فالبقاء في المكان هو المعجزة الفلسطينية المتوهجة، وهو تذكير يومي بأن الشعب الفلسطيني لم يهزم، وبأنه ما يزال يشكل الخطر الحقيقي الماثل في كل يوم أمام الإسرائيليين.