عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Feb-2020

سوف تتجاوز الأمة تحدياتها بكل تأكيد - أسامة شحادة

 

الغد - يتساءل البعض بقلق: هل يمكن لأمتنا الإسلامية البقاء أو تجاوز المؤامرات والمصائب الخارجية التي تتكاثر علينا والانحرافات الداخلية التي تتوالد بسرعة مؤخرا، فضلا عن تعاون وتوظيف وتبادل الخارج والداخل في كل ذلك؟
والجواب باختصار من وجوه:
أولا: إن هذه الحالة الصعبة اليوم ليست فريدة من نوعها أو كونها أول مرة تتعرض لها أمتنا، بل لقد مر في تاريخنا العظيم العديد من هذه المؤامرات منذ العهد النبوي، وخاصة في المرحلة المدنية.
فقد تعاون مرارا المنافقون من الداخل مع الأعداء من الخارج ضد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، سواء في انسلاخ ابن سلول بثلث الجيش في أحد، أو استماتة ابن سلول في إنقاذ يهود بني قينقاع برغم خيانتهم وغدرهم بالمسلمين أو يوم الأحزاب حين انسحب المنافقون بحجة حماية منازلهم!
وعقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ارتد كثير من الناس خارج المدينة وادّعى بعضهم النبوة وتحرك المنافقون في المدينة، لكن الصدّيق رضي الله عنه تصدى لذلك وقاد الصحابة لبر الأمان بإنفاذ جيش أسامة بن زيد للشام وإرسال الجيوش لمقاتلة المرتدين.
ثم عرفت أمتنا أزمات كثيرة منها استيلاء القرامطة على مكة وتعطيل الحج سنة 317ه وسرقة الحجر الأسود لأكثر من 20 سنة! والقرامطة فرقة باطنية ضالة تعد من مجموعات الشيعة الإسماعيلية.
وفي 492هـ احتُل بيت المقدس من قبل الحملة الصليبية الأولى والتي كانت فاتحة لعدة حملات صليبية لاحقة.
في عام 617هـ جاءت هجمة التتار الأولى المدمرة، وبعدها في سنة 656هـ جاءت الهجمة الثانية على يد المغول فأسقطوا بغداد عاصمة الخلافة العباسية بالتعاون مع الوزير الشيعي ابن العلقمي.
وفي هذا السياق لا يغيب عنا مشهد تضعضع حال الأندلس وتوالي سقوط المدن حتى فقدنا الأندلس بكاملها سنة 897هـ بسقوط مدينة غرناطة.
وبعد ذلك بدأت مرحلة احتلال بلاد الإسلام، فالبرتغال احتلت إندونيسيا سنة 928هـ، ثم تحررت غالبية الدول الإسلامية من الاحتلال الخارجي باستثناء فلسطين التي ما تزال محتلة من قبل اليهود.
إذا أمتنا تجاوزت الكثير من الأزمات والتحديات، وبعضها كان أشد صعوبة ممّا تواجهه أمتنا اليوم وكانت مدتها أطول.
ثانيا: برغم تكالب المؤامرات والمصائب في حاضرنا إلا أن هناك الكثير من الأمور المفرحة والإيجابية، بل والانتصارات والإنجازات، فلماذا ندع الصورة السلبية تطغى على كامل المشهد خلافا للواقع والحقيقة.
فبرغم كل الظلم والقهر والعدوان المستمر فإن أعداء الأمة عاجزون عن قهر إرادتها وما يزال الجهاد والمقاومة والمدافعة قائمة في فلسطين وبورما وسورية وكل مكان، فضلا عمّا يلحق بالأعداء من مصائب وخسائر “إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون” (النساء: 104).
وبرغم كل محاولات صد المسلمين عن دينهم ومحاصرة مداخل الدعوة الإسلامية فإن إقبال المسلمين على دينهم في تصاعد، بل إن إقبال غير المسلمين على الدخول في الإسلام يتصاعد بشكل واضح ومتزايد، ولذلك يلجأ الأعداء لبثّ دعوات تحريف الدين بين المسلمين.
وما تزال قوة المسلمين في نمو، وإن كانت لم تصل للحد المطلوب، لكن المسلمين اليوم من أكثر الأمم عددا، ونسبة الشباب فيهم عالية، وعلاقاتهم الاجتماعية أفضل بكثير من غيرهم من الأمم، وتمتاز بلادهم بالخيرات ومقومات الثروة، والتعليم والمعرفة تمتد بينهم، وهذا كله يرصده الأعداء أفضل منا، وبناءً عليه يبادرون لإحباط تنامي هذه المقومات للقوة، عبر محاولة فرض مواثيق دولية تهدم روابطهم الاجتماعية بمحاربة الزواج والعفاف وتحريف مناهجهم التعليمية ونهب ثرواتهم من المعادن وتعطيل حركة تقدمهم وتطورهم عبر ترسيخ نهج الاستهلاك بدلا من الصناعة والإنتاج.
ثالثا: إن أمتنا المسلمة موعودة بالنصر والتمكين في نصوص شرعية صحيحة ونبوءات نبوية صادقة بصورة ضخمة لم تحدث من قبل، ومن ذلك قوله تبارك وتعالى: “هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله” (التوبة: 33)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله زوى (أي جمع و ضم) لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها” رواه مسلم.
فلذلك يجب أن تطمئن قلوبنا لنصر الله عز وجل القادم، وأن ننشغل بكيفية المساهمة بهذا النصر عبر التزام نهج أهل السنة بضبط أصول المعرفة الشرعية والواقعية من خلال الحرص على تنقية مصادر تلقي الدين، واعتماد القرآن الكريم والسنة الصحيحة فيه، واتباع المنهجية السنية السليمة في التعامل معهما، واعتماد العقل والحواس في معرفة الواقع بشكل صحيح، والحرص على تعزيز قوة الإسلام ووحدة المسلمين على السنة.