عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Sep-2020

أعيدوا إلينا «يَهودنا»!*مروان سوداح

 الدستور

المستوطنون والمستعمِرون لفلسطين الذين يتطلعون بنهمٍ لاحتلال العالم العربي وما جاوره من بلدان برمتها، في إطار «نقلات عشرية»، لا تنتهي سوى باكتمال سيطرتهم على الكرة الأرضية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.
 هم توسعيون أجانب ينحدرون من 130 بلداً في العالم، لكن اليهود الشرقيين هم «يهودنا» العرب الموسويون الذين قَذفت بهم الأقدار والحظوظ التعسة والنكدة لإكراهِهم على التوطّن في فلسطين بحِراب صهاينة المافيا الإيطالية ليمارسوا قطع الرؤوس، وبعدها «تطوروا!» إلى جنودٍ للفيرماخت النازي وفاشية موسوليني، وبعدها استمرؤا خدمة أرباب رؤوس الأموال الأوروبيين والأمريكيين.
 في طفولتي زرت بعض المدن في فلسطين المحتلة، كحيفا، نهاريا، يافا، الناصرة، «تل الربيع»، والتقيت هناك مع أهلي وأقاربي وعائلات  فلسطينية «يهودية» تعود أصولها لبلدان الضاد. لم أشعر بأي فرق بيني وبين هؤلاء الموسويين في أي شيء. آنذاك تحدثنا بالعربية، ولم نتلاسن في السياسة ولا في الاقتصاد، بل كانت لقاءات طبيعية، أكدت لي أن الجنس البشري واحد بناسه وتطلعاته السلمية وسوية العقل والرغبة في السلام الحقيقي، القائم على العدالة وحقوق الإنسان، دون تمييز في الدين والقومية واللون واللغة والمستوى الاجتماعي والانتماء الطبقي، وغيرها.  
الموسويون العرب هؤلاء «منّا وفينا»، وهم مِثالٌ يَشهد على العيش التاريخي المشترك والوحِدة. في فلسطين تُعتَبر «طائفة السّمَرة» (السامريون) الصغيرة المتواجدة في مناطق نابلس وبجوار تل الزهور وغيرها، صورة مضيئة للعلاقة الأخوية الموسوية – العربية.
 تستند ديانة هؤلاء إلى التوراة، وهم يعتبرون أن نسلهم يعود إلى (إسرائيل)، الذي هو النبي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (النبي)، وبأن غيرهم (من اليهود الأممين، الأجانب) ليسوا من أبناء فلسطين. وفي ذلك، نتفق نحن العرب مع هؤلاء السُمرة، ومع طائفة ناطوري كارتا في أهم القضايا، فقد وجدنا نحن وإيّاهم حياةً مشتركة وطبيعية على مر الأزمان، ولهذا لم تتعرض أماكنهم الدينية لأي أذىً طوال التاريخ. واعترافاً بكل مواقفهم المشرّفة والتآخي معهم وتأييدهم للقضية الفلسطينية التي يَعتبرونها قضيتهم، وفضحهم للصهيونية الدولية ومراميها التوسعية واللاإنسانية، عيّن الشهيد ياسر عرفات في أول حكومة فلسطينية، بعد اتفاق أوسلو، زعيمهم، صديقي، المرحوم الحاخام الأكبر موشيه هيرش، وزيراً للشؤون اليهودية.
  موسويو فلسطين يحرّمون شرعاً قيام دولة لليهود، ويعترفون بمنظمة التحرير الفلسطينية مُمَثلاً شرعياً وحيداً لشعب فلسطين الواحدة الموحدة. لذلك، منح الرئيس الشهيد ياسر عرفات «للسُمرة» تمثيلاً في المجلس التشريعي الفلسطيني.
 منذ تأسيس الكيان الصهيوني يعيش «اليهود العرب» في فلسطين بدون حقوق، ويتعرضون لأبشع أشكال التنكيل والتمييز العنصري والديني والاجتماعي، وقد آن الأوان لإعادتهم إلى أحضان أوطانهم العربية التي هُجِّروا منها عنوةً بمؤامرات صهيونية. استعادة يهودنا العرب هي حماية لهم ولأبنائهم من الصهيونية، وتعريةً لمشاريعها التوسعية المُضرّة بهم، ولكشف أفكارها المَسمومة التي تنال في الدرجة الأولى من اليهود العرب بخاصة، واليهود الشرقيين عموماً، فهؤلاء هم الأكثر فقراً، والأقل حمايةً وتمتعاً بقوة القانون في الكيان الوظيفي المُصطنع للصهيونية الدولية.
 على العالم وقواه الشريفة أن يعملوا الآن وقبل فوات الأوان لإنقاذ مَن يمكن إنقاذهم مِن يهودنا العرب، فهم وأحفادهم مواطنون ينطقون أباً عن جد بالضاد، ونحن وهم في قارب واحد.