عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Nov-2025

ملتقى الحوار الوطني الثالث: وحدة الموقف الفلسطيني بمواجهة تحديات المرحلة

 الغد-نادية سعد الدين

 يكتسب ملتقى الحوار الوطني الفلسطيني في نسخته الثالثة لهذا العام، زخماً مهماً من حيث توقيته ومضامين قضاياه المطروحة ونتائجه، في إطار زخّم مساعيه لتحقيق وحدة الموقف الفلسطيني في مواجهة حرب الإبادة الصهيونية المتواصلة ضد قطاع غزة، ومخططات تهجير الفلسطينيين وضّم الضفة الغربية للكيان المُحتل، باعتبارها من أخطر التحديات المُحدّقة بالقضية الفلسطينية.
 
ويأتي انعقاد الملتقى الثالث، الذي اختتم أعماله مؤخراً في إسطنبول، بدعوة من المؤتمر الشعبي لفلسطيني الخارج، في أعقاب التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، وسط خروقات الاحتلال المتواصلة لتنفيذه منذ سريانه، وإقرار مجلس الأمن الدولي لخطة الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" بشأن التهدئة ونشر القوة العسكرية الدولية بغزة، والتي أثارت ردود فعل فلسطينية متباينة، وفي غالبيتها رافضه له.
ويزداد المشهد خطورة إزاء تصاعد عدوان الاحتلال وانتهاكات مستوطنيه بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، مما أدى لارتقاء العديد من الشهداء والجرحى الفلسطينيين، مقابل زيادة عدد المستوطنين إلى قرابة 800 ألف مستعمر بفعل الحركة الاستيطانية النشّطة.
ويعكّس إدراك حراجة اللحظة الراهنة نفسّه في المشاركة الواسعة بالملتقى للشخصيات الوطنية الاعتبارية من داخل فلسطين المحتلة وخارجها، وممثلين عن هيئات ومبادرات ومؤتمرات وقوى وطنية من 28 دولة حول العالم، إلى جانب ممثلين عن الجاليات والمؤسسات والهيئات الفلسطينية حول العالم.
وفي إطار تأكيد أهمية توحيد وتنسيق الجهود ضد تحديات المرحلة؛ فقد أعلن الملتقى تشكيل الهيئة الوطنية للعمل الشعبي الفلسطيني، بحيث تضم المؤتمرات الشعبية والمبادرات والشخصيات الوطنية المستقلة، حتى تشكل حالة تنسيق فعالة ومؤثرة لحشد الجهود والنهوض بالمسؤوليات الوطنية.
وتتولى الهيئة "دعم وإسناد نضال الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال بكل أشكالها، وتعزيز صمود أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وحشد الجهود لمواجهة مخططات الضم والتهجير، والإسهام في معالجة آثار العدوان الوحشي وجرائم الإبادة"، وفق البيان الختامي الصادر عن الملتقى.
كما تتولى "تسيق جهود المؤتمرات الشعبية والمبادرات والشخصيات الوطنية في مجال العمل الوطني، والتعبير عن الموقف الوطني من القضايا الكبرى، التي تتعلق بالقضية الفلسطينية، وتنظيم الحملات الإعلامية المشتركة".
وتقوم الهيئة بـ"التقدم بمشروع تمثيل الفلسطينيين وتنظيم طاقاتهم وانتخاب ممثلين عنهم في الساحات التي يتيسر فيها ذلك"، والتنسيق وبناء التحالفات الممكنة على المستوى العربي والإسلامي، لمواجهة التهديدات والسياسات العدوانية التوسعية للكيان الصهيوني، التي تستهدف فلسطين والأمة، والتواصل مع الهيئات والقوى العربية لهذه الغاية.
وبحث الملتقى، على مدار يومين، أبرز القضايا الراهنة، من بينها أزمة النظام السياسي الفلسطيني، ودور فلسطينيي الخارج في صناعة القرار، ومستقبل إدارة قطاع غزة، إضافة إلى سبل تجاوز الانقسام، وتطوير المؤسسات الفلسطينية، وتعزيز دور الإعلام والمجتمع المدني في دعم الوحدة الوطنية.
وركز الملتقى في نسخته الحالية على محاور متعددة، أبرزها التحولات في المواقف العربية والإسلامية والدولية خلال حرب الإبادة ضد غزة وبعدها، وتأثيرها على مستقبل القضية الفلسطينية والمشروع الوطني.
وبحث ضرورة ترتيب البيت الوطني الفلسطيني، وآليات تحقيق التوافق بين الفصائل والقوى والنخب، لضمان وحدة الصف بعد حرب الإبادة، ومستقبل القرار الوطني ودور فلسطينيي الخارج فيه، في صياغة سياسة مشتركة تجمع الداخل والخارج من دون إقصاء، إضافة إلى بحث أوضاع غزة ما بعد الحرب ورفض الوصاية الدولية. 
ودارت محاور الملتقى حول؛ حيوية استدامة الحراك التضامني الدولي، ومعالجة الأزمة الإنسانية، مع التمسك بالحق في المقاومة بكافة الوسائل المشروعة دولياً، والقضايا الوطنية العاجلة، وفي مقدمتها القدس والمقدسات وأوضاع الأسرى وواقع الفلسطينيين في فلسطين المحتلة عام 1948، والانتهاكات الممنهجة في الضفة الغربية.
كما تناول الملتقى الفرص والتحديات في النظام الدولي بعد حرب غزة، واستشراف موقع القضية الفلسطينية في عالم جديد يتشكل، وإشكالية التمثيل الفلسطيني بين الاحتكار التقليدي والاختيار الحر، ودور فلسطينيي الخارج في إعادة ربط الجاليات بالمشروع الوطني منذ تغييبهم عن القرار بعد اتفاق "أوسلو" (عام 1993).
وقد أكد رئيس "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج"، منير شفيق، على أهمية مواجهة التحديات المصيرية التي تُواجه الشعب الفلسطيني، والتي ستحدد ملامح المرحلة المقبلة من الصراع من أجل تحرير فلسطين.
ومن أبرز التحديات التي ركّز عليها شفيق، في كلمته خلال الملتقى، هو الانتقال من مرحلة الحرب إلى "شبه حرب" في قطاع غزة، ومحاولات تمرير مخططات رئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" من خلال خطة الرئيس "ترامب".
ويتطلب ذلك، وفق شفيق، ضرورة دعم وإسناد المقاومة الفلسطينية، والتصدي لكل المشاريع التي تستهدف إضعافها أو إفشالها، مؤكداً أن إحباط المخططات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية يستدعي وحدة وطنية شاملة، وتوافقًا سياسيًا يعيد الاعتبار للثوابت الفلسطينية.
ومن أهم المشاريع التي خلص إليها الملتقى، بحسب القائم بأعمال الأمين العام للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، هشام أبو محفوظ، تأسيس متحف الإبادة الذي يوثق ما جرى للشعب الفلسطيني ويوصل الرسالة للشرق والغرب.
وجاء الملتقى بعد نجاح الدورتين السابقتين منذ إطلاقه عام 2023 كمبادرة حرة ومنفتحة للحوار بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، بهدف بلورة مواقف مشتركة تجاه القضية الفلسطينية. 
ويعّد ملتقى الحوار الوطني الفلسطيني منصة تأسست في 2023 بمبادرة من المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج، ليكون مساحة مفتوحة للحوار بين الفلسطينيين كافة، بهدف بناء جسور التواصل بين النخب والجمهور الفلسطيني حول العالم، وإيجاد أرضية مشتركة لمواجهة التحديات المصيرية التي تواجه الوجود الفلسطيني.