عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Oct-2019

بين ياسمينين* رمزي الغزوي

الدستور - 

 
مع ازدهار الشقيقة تونس الخير بانتخاب ثالث رئيس بعد ثورة الياسمين التي أشعلها محمد البوعزيزي بروحه وجسده. بعد هذا، يتلجلج سؤال قاس في أرواحنا: ماذا قصدنا بتسمية ثورات الربيع العربي بأسماء زهور يانعة، كاللوتس والياسمين، بشقيه: الشرقي والغربي؟.
هل كان في البال أنَّ للزهور صولاتٍ أقوى من زمجرة المدافع والبراميل المتفجرة، وأمضى من أصفاد الظلم والطغيان. فهل حلمنا، لنصحوا على كابوس يكتم أنفاسنا أكثر وأشد؟. فكيف أينع ياسميننا الغربي في تونس، وذبل الياسمين الشامي. وكيف انقلب اخضرار ربيع مأمول في ليبيا واليمن إلى قحط ويباس؟
فهل حصدنا شوكاً وعقيراً وخواء لا يساوي فتيلاً واحدا؟. أم اكتشفنا أننا ما زلنا في دوامة مظلمة؛ رغم عجاف ثمان سنوات مخضبة بالدم والتشريد، ومزيد من الاستبداد والدكتاتورية؟. 
لا شيء أنعم أرق من الياسمين إذ ينداح عطراً في الآمال. وقد رأينا مثل هذه البشرى في الثورة التونسية، وقلنا يومها، إنها ثورة ستكون كنسغ الياسمين المهفهف، حرية وكرامة وبناء. ثم أملنا بمثله من تضحيات ميدان التحرير، التي نالت اسما بارقا، هو ثورة اللوتس؛ لأن هذه الزهرة الرزينة قادرة دائماً على تلميع نفسها.
واليوم. ثمة من يتمنى لو أن الشعوب العربية لم تقم، ولم تنهض؛ لتطالب بحريتها وحقها بعيش كريم. ليتها ظلت كاظمة غيظها واحتراقها الداخلي. كي لا تصاب بكل هذا الدمار والخواء. فلماذا تحول الربيع إلى خريف تذرُ هشيمه ريح العسكر والحروب والكروب؟ لماذا صارت كتلة نار تتراكلها أقدام  السياسة والمصالح.
نفرح مع الأشقاء التوانسة، وهم يشقون طريقهم بكل إصرار لتكريس تجربة ستبدو غريبة عجيبة وخارجة عن سياق المشهد العربي. ونحزن على يمن شريد طريد، وعلى ليبيا الواقعة في مهب الفوضى واللاجدوى. ونبكي لسوريا التي لا يبدو أن ثمة أملا يلوح باندمال جرحها، وعودة أهلها إلى بيوتهم. بل إن حربا تقوم من رماد أي حرب تخمد.
ثورة الياسمين السورية بدأت زهرة برية. لكن الوحشية التي جوبهت بها جعلتها مطية لكل من هب ودب. ومع تقهقرها وتقدمها، صارت سوريا مستعمرة روسية أمريكية فرنسية وتركية وحديقة خلفية لإيران، ومستنقعا لبيوض الإرهاب، وطاولة تتكاسر فوقها أطماع المقامرين.