الغد
يديعوت أحرونوت
بقلم:د. ميخائيل ميلشتاين 26/10/2025
لقد أثار العمل على قانون فرض السيادة وتصريح الوزير سموتريتش الفظ الذي أدان فيه السعوديين، ضجة في إسرائيل، مع التركيز على تداعياته على العلاقة مع الولايات المتحدة والسياسة الداخلية. تعكس هاتان الدراماتان جوانب أعمق تتعلق بالإستراتيجية التي تُوجه إسرائيل وكيفية تحديدها، وكذلك بفهم صانعي القرار للوضع من حولنا، وما إذا كان هذا الفهم قد تحسن بعد 7 أكتوبر أم ما يزال محدودا؟
إن تصريحات سموتريتش، التي نصح فيها السعوديين بركوب الجمال في الصحراء بدلا من الترويج للتطبيع، تُجسد إساءة مُفرطة لمجتمعات المنطقة، إلى جانب قدر لا بأس به من الجهل. ويتجلى صدى هذه العقلية أيضا في تصريح ضابط مخابرات فرقة غزة، عندما عُرضت عليه خطة "جدار أريحا" قبل السابع من أكتوبر، بأنه "أرض قاحلة للعرب"، وكذلك في "خطاب الشباشب لنتنياهو".
في الخلفية، يقف مفهوم مغلوط جديد مفاده أن الظروف مهيأة لخطوات الضم. يستند هذا المفهوم إلى عدة حجج: أن ترامب سيقف دائما إلى جانب إسرائيل في أي سيناريو؛ وأنه يمكن الترويج لضم "مخفف"، على سبيل المثال لغور الأردن، وهو ما سيكون سهلا على واشنطن وحتى بعض الدول العربية استيعابه؛ وأنه حتى مع الترويج لخطوات الضم، سيكون من الممكن تحقيق التطبيع مع العالم العربي، الذي يُزعم أنه "سئم من الفلسطينيين".
لقد انهارت هذه التقييمات، أحيانا بطريقة قاسية، كما تجسد في تصريحات ترامب ونائبه فانس الأسبوع الماضي، والتي بموجبها "لا يُخولان إسرائيل بالضم". وفي الوقت نفسه، وُجهت انتقادات لاذعة حول غباء العمل على قانون السيادة خلال زيارة نائب الرئيس للبلاد، بل ذهب ترامب إلى أبعد من ذلك عندما أعلن أنه يدرس قضية مروان البرغوثي، الذي حكمت عليه محكمة إسرائيلية بخمسة أحكام بالسجن المؤبد. مهما تلقى متعصبو السيادة من صفعات وخيبات أمل، كما حدث عام 2020 عندما تخلوا عن الفكرة لصالح العمل على "اتفاقيات إبراهيم"، فإن حماسة الإيمان بإمكانية تحقيق هذه الرؤية تبقى دائما، ويُظهرون قدرة ضئيلة على الفهم ومعدومة على التغيير.
مفاهيم جديدة انهارت
ليس من المُستغرب أن يكون مُبتكرو مفهوم 7 أكتوبر هم من روجوا لفكرة تعزيز فرصة تطبيق السيادة، وفي خضم ذلك، ولدوا أيضا مفاهيم جديدة انهارت في غزة، وعلى رأسها مشروع صندوق التنمية العالمي الذي بدد مليارات الشواكل؛ وتشجيع الهجرة الطوعية لسكان غزة، مصحوبا بإنشاء إدارة نافلة في وزارة الدفاع؛ ووهم رعاية الميليشيات والعشائر كبديل لحماس.
وبما أن فشل في منع السابع من أكتوبر لن يُحقق فيه، فلا أحد يرى حاجة لتحليل فشل الأوهام التي انتشرت في غزة، وخاصة خلال الأشهر الستة الماضية، مع عودة إسرائيل إلى القتال. علاوة على ذلك، يشعر المسؤولون عن جميع الإخفاقات بالراحة في إثارة أوهام جديدة، مثل خطة بناء "غزة على نوعين" - نوع مزدهر تحت السيطرة الإسرائيلية والدولية، وآخر متخلف ومدمر تحت سيطرة حماس، والتي يُفترض أن تكون بديلا للمنظمة. وهكذا، مرة أخرى، تعود الخطط المفعمة بالثقة بالنفس في القدرة على هندسة الواقع والوعي، بناء على نقص الفهم للجانب الفلسطيني، وتُؤدي إلى إعادة إنتاج جميع أخطاء الماضي، بالطبع دون التحقيق والمسؤولية ومحاسبة النفس المطلوبة من صانعي القرار.
المفهوم الجديد أقوى من مفهوم 7 أكتوبر. ليس هذا فجوة مفاهيمية أو خطأ في تقدير الواقع، بل هو تعبيرٌ عن اعتقاد مُشبع بالأوهام والأهواء، يُوجّه الجزء الأكبر من تصرفات الحكومة الإسرائيلية اليوم، ويُروج له بالدرجة الأولى التيار الصهيوني الديني في ضوء مفهوم "لن يُؤخذ غير اليهود في الحسبان". يُدرك مُروجو المفهوم الجديد الضرر الجسيم الذي يُسببه، على سبيل المثال التوتر الذي نشأ الأسبوع الماضي مع الإدارة الأميركية عقب إقرار قانون السيادة، لكنهم يرون فيه "عثرات صغيرة على طريق الخلاص"، وليس إخفاقات تتطلب نقدا ذاتيا وتصحيحا.
إن قادة المفهوم الجديد، بقيادة سموتريتش، لا يهتمون للعزلة الدولية أو العقوبات، ولا يُولون أهمية للثمن الذي سيُدفع مقابل الاستيلاء على المزيد من الأراضي ("إنهم لا يخشون حكما عسكريا في غزة")، ويتمسكون بالقيم التوراتية لإبادة العماليق في العالم، ويحركهم إدراكٌ لواقع يخلو من التعقيد، ويُسوقونه للعامة على أنه "إستراتيجية" (لا سيما مزاعم العرب، لا يفهمون إلا عندما تُنتزع منهم الأراضي"). في الخلفية، ثمة تصور ذاتي لمجموعة ترى أنها بارعة في استخلاص دروس فشل 7 أكتوبر (الذين كانوا شركاء في صنعه)، وتتولى مهمة تاريخية تتمثل في استغلال "عصر المعجزات" الذي وُضع لتغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي والسياسي بين البحر والنهر.
*رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب