عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Apr-2020

تكرار تجاهل الوالدين تساؤلات الطفل حول “كورونا” يخيفه ويجعله أكثر ميلا للعزلة!

 

ديما الرجبي
 
عمان - الغد-  يتعاطى الأطفال من سن السادسة وحتى التاسعة مع محيطهم من خلال الخيال حصراً، وأيضا مع العادات المكتسبة، وذلك عبر “تقليد” تصرفات ذويهم وإخوتهم وأقاربهم، ولأن الظروف حتمت على الجميع واقعا روتينيا يقلل بشكل كبير من اكتساب صفات جديدة وقيدت حقوقهم بالتطور والتعرف على أشكال حياتية مختلفة تسهم في سلامة مخيلتهم الذهنية، لذلك سنطرح قضية كيفية تعاطي أطفالنا مع “كورونا” الذي بات حديث الأسر وأصبح الأطفال يرددون هذا المسمى “كورونا” في محاولة لفهم ماهيته وتقريبه إلى مخيلتهم وتشكيله ضمن صفات يتصورونها بكيفية تختلف تماماً عن اليافعين.
يتعاطى الأطفال مع “كورونا” من خلال طرح أسئلة كثيرة على ذويهم، ويتم التعامل من فئة معينة مع فضولهم بتجاهل، وهو ما يحفز مخيلة الطفل على بناء إجابات تقرب المجهول من خلال صورة تنسجها أدمغتهم قد تكون موحشة وقد تكون جميلة. وهو ما يشكل خطراً بكلتا الحالتين؛ حيث إن إشباع فضول الطفل من الأساسيات لتطوره الذهني السليم، وفي هذه الحالة يجب على الأهالي عدم الاستخفاف أو التهاون بإشباع فضولهم من خلال الحديث الهادئ معهم وإضافة شرح مبسط يكفي لإنقاذ مخيلتهم من الإسهاب في الإجابة الذاتية، وتحمل كم الأسئلة التي ستلي أي تفسير لهم.
يعتمد أطفالنا بشكل أساسي علينا لفهم محيطهم وعالمهم، ولن يتمكن الطفل بمفرده من وضع “كورونا” في سياقه الصحيح، لذلك فإن طمأنتهم وإيضاح المفاهيم الجديدة واجب على كل أسرة.
وقد يشعر الأهالي بضغوطات كبيرة حول الأدوات المتاحة التي تمكنهم من أداء هذه المهمة! لذلك يحبذ الاستعانة بأبنائهم اليافعين للحديث عن هذا الفيروس، من خلال عرض قصص أطفال خاصة بالنظافة الشخصية وأهميتها للحماية من الأمراض، كما أنه من المفضل أن يتم استخدام الصور المتحركة- انيميشن/ رسومات- وهي متوافرة عبر مواقع الإنترنت المتخصصة للأطفال ليتلاقى الطفل بشكل مباشر مع حيرته التي ستهتدي إلى التصور الصحيح والسليم لترجمة هذا المفهوم المتداول باستمرار، كما بدأت بعض القنوات التلفزيونية الخاصة ببرامج الأطفال في عرض رسومات كرتونية تشرح هذه الجائحة بشكل مبسط، وهو ما يخفف العبء على الأهالي ويجنبهم الشروحات الفضفاضة لأطفالهم.
كما يجب أن يتم الحديث عن مخاوفهم التي يسمعونها من خلالنا، ومنها الموت والألم الذي يسببه هذا المرض وإعلامهم بأنهم لن يتعرضوا لهذه الأمور وتوظيف خوفهم في اكتساب عادات جديدة، منها النظافة الشخصية وإبراز أهميتها بطريقة لطيفة لتتغلب الفائدة على الضرر.
من المهم جداً عدم استخدام هذه الجائحة المجهولة للأطفال لترهيبهم وتأديبهم؛ حيث إن زرع الخوف في نفوسهم أو معاقبتهم بهذه الطريقة يسبب اضطرابات نفسية جمة تبدأ بقلق النوم وتنتهي بالعدائية أو الانطوائية.
وإذا تم تكرار تجاهل تساؤلاتهم أو لم يتمكن الأهالي من تقريب المفهوم لهم، يتوقع أن يكتسب الطفل خوفاً داخلياً ويتجه نحو العزلة أو التمسك في محيطه ورفض الخروج منه، وهو ما سيأتي بتبعات أشد قسوة وإيلاماً على نفسيتهم. ندرك أن هذه الجائحة فرضت نفسها على مجالس الحديث في المنازل وبطريقة أو بأخرى تسللت إلى قاموس المفاهيم الجديدة لأبنائنا الصغار، ولأجل ذلك أصبح من الضروري أن يتم الحديث عنها بما يتناسب مع القدرات الاستيعابية المختلفة لأفراد الأسرة، ولا ننسى أصحاب الهمم وأطفال التوحد وغيرهما من الفئات التي تستوجب عناية أكثر واهتماماً بما تتلقفه آذانهم ويتساءلون عنه.
الأطفال كالاسفنجة التي تمتص المعلومات وتوظفها في ترجمة معنى واقعي للعالم، ونعتقد أنها الفرصة الأنسب لتمكينهم من فهم هذا الوباء من دون أن نترك ندوباً تشوه نموهم النفسي ونتعاطى مع الواقع ببساطة ونجسر الهوة بينهم وبين مخاوفهم وفضولهم.
ولأن اضطراب أسلوب الحياة الذي فرضه “كورونا” علينا يسبب إرهاقا شديدا للأطفال، يأتي دورنا لحمايتهم من أفكارهم ومخيلتهم وتذمرهم.
 
*كاتبة متخصصة في مجال قصص الأطفال ومدربة صعوبات تعلم