عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Sep-2019

وقفــــة تأمليـــــــة - د. محمد الفقيه

 

الدستور - صحيح أننا مسلمون، وأن عباداتنا وشعائرنا مصدرها الكتاب والسنة غالبا، ولكن ليس هذا الأهم، فالأهم من هذا هو :
من الذي رتب لنا أولويات هذا الدين ؟؟
من الذي قدم الشعائر التعبدية على القيم الأخلاقية ؟
من الذي قدم صلاة أي نافلة، أو الحرص على تلاوة الورد اليومي، والحرص على أذكار الصباح والمساء مقدم على قيمة إقامة العدل، والشهادة بالحق ونصرة المظلوم ؟؟
من الذي قدم صيام التطوع، وأداء العمرة كل عام،على الكف عن الخوض في أعراض الناس، وممارسة الغيبة والنميمة ونشر الفتن بين الناس؟
من الذي جعل دراسة الفقه أو التفسير أكثر قيمة من دراسة الفيزياء والكيمياء والهندسة والطب؟
من الذي جعل تربية اللحية وغطاء الرأس وتقصير الثوب ونتف الإبط من السنن النبوية بينما لا يرف لنا جفن ونحن نتأخر عن مواعيدنا، أو ونحن نخلف مواعيدنا ووعودنا ؟
لماذا لا نشعر بالإثم ونحن نلقي ولو بعود ثقاب من نوافذ سياراتنا؟
لماذا لا نشعر بالإثم ونحن لا ننصر المظلوم؟
لماذا لا نشعر بالإثم ونحن ننافق للمسؤول؟
لماذا لا نشعر بالإثم ونحن لا نتقن عملنا ؟
لماذا لا نشعر بالإثم حينما تنعقد ألسنتنا عن قول كلمة الحق؟
نحن أمام إشكالية كبيرة.
نحن بأمس الحاجة إلى إعادة ترتيب أولويات الدين وفق ما أراد الله تعالى، فنقدم ما قدمه الله، ونؤخر ما أخره الله، ولا يمكن القيام بهذه المهمة إلا من خلال قراءة كتاب الله قراءة واعية ومتأنية بحيث يتم إعادة ترتيب جميع القيم الأخلاقية والشعائر التعبدية، وكل ما يمكن أن يتقرب به الإنسان الى الله وفق سلم متدرج، بحيث تأخذ العبادات المعاملاتية موقعها في سلم الأولويات حسب درجة اهتمام القرآن بها والتركيز عليها، هذا ما نحن بأمس الحاجة إليه الآن لأننا للأسف ورثنا ثقافة إسلامية أولت اهتماما بعبادات شعائرية قد لا يكون لها ذكر في كتاب الله وفي المقابل تم إهمال عبادات معاملاتية تعكس الصورة الحقيقية للشخصية الإسلامية.
من المسؤول عن هذا التوهان؟
ما ذنب المسلم المعاصر إذا أراد أن يفهم آية من كتاب الله فيرجع إلى التفاسير فيجد فيها كل الآراء المتعارضة والمتناقضة، فيزداد توهانا واضطرابا؟
والكثير من هذه التفاسير اعتمدت على روايات وموروثات تتعارض مع كتاب الله، ومما يؤسف له أن هذه التفاسير اكتسبت من القداسة والتقدير في نفوس الكثير أكثر من كتاب الله، والأصعب من ذلك كله، إذا أراد أحدهم أن يتهرب من صريح ما جاء في كتاب الله، يحيلك إلى كتب التفسير، وعندما تكون كتب التفسير هي الحكم تجد فيها العجب العجاب، للأسف لقد تم السطو والاعتداء على كتاب الله تاريخيا، لقد فشل أعداء الله في تحريف كتاب الله والعبث بآياته، ولكنهم نجحوا نجاحا عظيما حينما حيدوا كتاب الله ليكون القول الفصل في حياة المسلمين، وذلك من خلال الزعم أن هناك مئات الآيات منسوخة الحكم، او من خلال إدخال روايات في التفسير متناقضة مع كتاب الله، مما ترتب على ذلك تحييد كتاب الله عن واقع المسلمين، فاصبح كتاب الله تابعا لا متبوعا، ومقودا لا قائدا، لذلك في ضوء هذا الواقع المتردي نفهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم يوم القيامة : يا ربي إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا.
لقد هجرنا كتاب الله إلى الروايات والموروثات، فبدلا أن يكون كتاب الله شاهدا جعلناه مشهودا عليه.
أما آن لنا أن نفيق ونقرأ كتاب الله قراءة واعية متدبرة متأملة بعيدا عن الروايات والمورثات التي اساءت إلى كتاب الله؟