عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Oct-2019

أزمتنا بسبب شخص واحد - بقلم: ناحوم برنیاع
یدیعوت أحرنوت
 
لأسبوعین انتظر كل طرف في الساحة السیاسیة أن یتراجع الطرف الآخر أولا. انتظر وانتظر، وأحد لم یتراجع. أما أمس، وقبیل احتفال الیمین القانونیة الاضطراري، البشع، للكنیست الجدیدة، فقد طلت مؤشرات أولى على الصحوة. فالرئیس، في خطاب حاد، لاذع، حذر أعضاء الكنیست من الثمن الذي سیدفعونھ إذا ما دھوروا الدولة الى حملة انتخابات اخرى. وطلب منھم أن ”یحافظوا على ثقة ھذا الشعب“.
أما نتنیاھو، الابداعي مثلما ھو دوما، فركز على ذاتھ مثلما ھو دوما، فقد القى إلى الفضاء باقتراح انتخابات تمھیدیة سریعة في اللیكود، أداء قسم جماعي یعطل كل محاولة لاستبدال القیادة. ھذه ھي القشة الرابعة التي یتعلق بھا نتنیاھو في الأسابیع الاخیرة. فعشیة الانتخابات عمل على انشاء حكومة حصانة. وعندما فھم أن الناخب حرمھ من ھذا الترف حاول اقناع أزرق أبیض بالانضمام الى ائتلاف یشكل فیھ اقلیة. یكون ھو رئیس الوزراء في السنتین الأولیین، وبعد ذلك، غانتس رفض، ودفع نتنیاھو نحو جولة انتخابات ثالثة بخلاف مصالح زملائھ في اللیكود. والآن انتخابات تمھیدیة، وھي ایضا بخلاف مصالح زملائھ.
عشیة الانتخابات في الشھر الماضي عقد لقاء مع وسائل الإعلام على سطح فندق، في دراما كبیرة كي یعلن بانھ قرر ان یضم لإسرائیل غور الأردن. وكانت الخطة التي عرضھا ارتجالیة، غیر جدیة، غیر مخبوزة. وعلل الدراما بالحاجة إلى مساندة خطة السلام لترامب والتي ستنشر بعد یومین من الانتخابات. مر أسبوع، مر أسبوعان، ولا خطة سلام ولا خطة ضم. كلھ حكي. أراد أن یشن حملة عسكریة في غزة قبل یوم من الانتخابات إذ ھكذا لا یمكن الاستمرار. فالحملة لم تكن ویتبین ان ھكذا یمكن الاستمرار. أول من أمس كاد یستجدي الایرانیین ان یفعلوا شیئا ما، ان یھاجموا ھنا مثلما ھاجموا في السعودیة، مثلما ھاجموا في الخلیج، المھم ان یتمكن من الاعلان عن حالة طواريء ویشكل حكومة كما یشاء.
لیس التھدید الفوري بالحرب ھو ما یقلق حالیا جھاز الامن بل الشلل في عمل الحكومة. فالجیش بحاجة الى میزانیة اضافیة كي ینفذ خطتھ للتسلح. ویدور الحدیث عن مشكلة حقیقیة: الرئیس ألمح بھا في خطابھ حین تحدث عن ”حاجة اقتصادیة – امنیة“. فلا توجد ھنا اي صلة بمساعي نتنیاھو للبقاء. كما أن فكرة الانتخابات التمھیدیة اطلقھا للحظة وتوقف. اما جدعون ساعر، الذي یفھم شیئا او شیئین في السیاسة الداخلیة للیكود، فقد سارع للاعلان ”انا جاھز“. ولحق بھ اعضاء كنیست آخرون ولكن بھمس. وفجأة یظھر أن الفكرة لم تعد تبدو جیدة بما یكفي: ففي مكتب نتنیاھو سارعوا الى وضعھا على الرف.
من اللحظة التي اغلقت فیھا الصنادیق كان واضحا بان أحدا لا یمكنھ أن یخرج من الازمة فیما یجمع في یدیھ كل ما یرید. وفي أفضل الأحوال سیحصل على نصف ما یرید، أو ثلث، أو ربع.
یئیر لبید كان أول من فعل فعلا: فقد أعلن أول من أمس عن تنازلھ عن التداول مع غانتس. تنازل عن شيء ما لیس لھ في كل الاحوال، ومع ذلك كان في بیانھ رسالھ جاء فیھا أن الوقت قد حان للنزول عن السلم. ھذا لیس السلم الاخیر الذي سیتعین على لبید النزول عنھ في الطریق الى تشكیل الحكومة. لقد وعد أزرق أبیض ناخبیھ بحكومة وحدة علمانیة یكون غانتس أول من یقف على رأسھا. على واحد من الطلبین سیتعین على أزرق أبیض ان یساوم. درعي ولیتسمان وعدا بان یكونا مخلصین لنتنیاھو بالنار وبالماء. ھذا ایضا لن یحصل. درعي، الذي في سنواتھ الاولى في السیاسة كان یدخل الى مثل ھذه الازمة بقدمیھ، فیتوسط ویستخدم الحاخامین ویجند الصحافیین، تغیر على نحو عجیب.
وھو یفضل الیوم ان ینتظر في الخندق الذي بناه لھ نتنیاھو.
لعلي اكون مخطئا، ولكن لا زلت اؤمن بانھ لن تكون جولة انتخابات ثالثة. فساحتنا السیاسیة لیست منغلقة الحس جدا لمشاعر الجمھور، ولیست فزعة جدا. الازمة الحالیة لیست ایدیولوجیة، لیست اخلاقیة ولیست وجودیة. انھا أزمة سیاسیة. والمسافة بین الحزبین الكبیرین اقصر من مسافة كل واحد منھما عن اقصى كتلتھ. وھما ینقسمان في ھذه اللحظة اساسا حول موضوع واحد. عملیا، حول شخص واحد. لا یحتمل أن تكون مكانة شخص واحد، مھما كان كفؤا ومقدرا، ان تجر الدولة الى ازمة عضال. في النصف الاول من الستینیات دخلت الساحة السیاسیة في أزمة مشابھة، بسبب شخص واحد، دافید بن غوریون، ھام ومقدر بقدر لا یقل عن رئیس الوزراء الحالي. الرجل رحل، والدولة بقیت، ولیس العكس.