عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Aug-2025

بين واجب الامتثال لأوامر القتل في غزة وواجب عدم الامتثال

 الغد

هآرتس
 
بقلم: غال ليبرتوف  20/8/2025
 
إن الأعشاب الضارة ترويها وترعاها وتسمدها حكومة تحتقر القانون. والمواطنون الغزيون الذين يجمعون الطعام يتم إطلاق النار عليهم، ليس من أجل "تجربة السلاح"، بل حسب روحية القائد الذي يجلس في القدس. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
 
 
دافيد بن غوريون، أمر مرة بطباعة قصيدة الترمان وتوزيعها على كل جنود الجيش الإسرائيلي. يسهل تخمين ماذا كان سيتم فعله بقصيدة مثل هذه القصيدة الآن، ولا نريد التحدث عما سيتم فعله بكاتبها. الجميع في حينه لم يحبوا قصيدة الترمان، لكنهم أيدوه بسبب أقواله ومدحوا حرية التعبير والنقاش. الفنانون الآن، الذين يتجرأون على إسماع صوتهم حول ما يتم فعله في غزة، تتم ملاحقتهم ومقاطعتهم. بعد مرور 77 سنة على سيادته، فإن الخلود فقد أي بوصلة وضمير. المنارة للأغيار أصبحت ظلاما على شفا الهاوية. في هذا الواقع الفظيع، حيث يتم التخلي عن المخطوفين ليموتوا، وحيث ينتحر عشرات الجنود ويُقتل المئات منهم ويصاب الآلاف وعشرات الآلاف ينهارون، وحيث ترسل الحكومة إخوتهم الذين يتضاءلون إلى موتهم، بينما تقوم بإعفاء الكثير من ناخبيها من المصير نفسه، وعندما يضحي رئيس الوزراء بدولته وبحياة جنوده ومواطنيه من أجل بقائه السياسي - يبدو أنه لم يعد أي معنى للتحدث عن الأخلاق، الصهيونية، اليهودية والقيم.
مثلما نذكر، (مجزرة) كفر قاسم تناولت قتل عشرات سكان القرية على يد جنود حرس الحدود، سكان المكان الذين كانوا في حينه يخضعون للحكم العسكري، كان من المفترض فرض حظر التجول عليهم من الساعة التاسعة مساء، لكن قائد اللواء 17 في قيادة المنطقة الوسطى قرر تقديم حظر التجول إلى الساعة الخامسة مساء. وقد تم إبلاغ المختار حول ذلك فقط قبل نصف ساعة. النتيجة كانت أن عددا كبيرا من السكان الذين لم يعرفوا وقت حظر التجول الجديد عادوا إلى بيوتهم بعده. الجنود الذين تم وضعهم هناك قاموا بإنزالهم من السيارات، وحسب الأمر الذي حصلوا عليه من قائدهم أطلقوا النار عليهم. 47 شخصا قتلوا وأصيب عدد كبير. من قاموا بإطلاق النار تم تقديمهم للمحاكمة في محكمة عسكرية. ادعاؤهم بأنهم محقون وأنهم نفذوا الأمر الذي حصلوا عليه، تم رفضه. قرار الحكم نص على "اختبار الراية السوداء" الذي يرفرف فوق أمر غير قانوني، يلزم الجندي بعدم طاعته. إذا أطاعه يحاسب جنائيا على أفعاله. القضاة حكموا بأن هذا ليس مخالفة شكلية ظاهرة فقط، بل هو مخالفة تدمي العين وتؤلم القلب، "إذا لم تكن العين عمياء، والقلب قاس أو فاسد".
شارون ايفيك، الذي يشغل الآن منصب نائب المستشارة القانونية للحكومة، كتب عندما كان مدعيا عسكريا عاما، وبحق، بأنه من جهة تصعب ترجمة "اختبار الراية السوداء" إلى تعليمات ملموسة في الحياة العملية (المحكمة العسكرية للاستئناف حاولت فعل ذلك، لكن بنجاح جزئي جدا)، ومن جهة أخرى، كان هناك من قالوا إنه مع مرور السنين تحول العلم الأسود إلى رمادي، حيث إن حكم المحاكم العسكرية استخدمته حتى في حالات أقل تطرفا وحسما، خاصة مقارنة مع قضية كفر قاسم.
اليوم، كما قلنا، نحن نقف أمام واقع مختلف: إذا كان في السابق هناك من عبروا عن تخوفهم من بهتان العلم الأسود وتحوله إلى اللون الرمادي، فإن كثيرين الآن أصبحوا يستخفون حتى بما هو أسود من السواد.
الآن، حان الوقت لتوضيح الأمور كي يسمعوا ومن أجل إزالة الشك. طوال الوقت الذي يستخدم فيه الجيش معظم الوسائل لمنع المس بالمدنيين عند إطلاق النار على المسلحين، فإن الحديث لا يدور عن جرائم حرب أو عن جريمة بشكل عام، حتى لو أصيب مدنيون. في المقابل، إطلاق النار المتعمد على المدنيين الذين لا يشكلون أي خطر على أحد هو جريمة حرب. إن أمر إطلاق النار على المدنيين الذين يبحثون عن الطعام هو جريمة حرب وغير قانوني بشكل واضح. تجميع السكان ونقلهم من أماكنهم بالإكراه من أجل عدم السماح بعودتهم، هو جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. والأمر بفعل ذلك هو أمر غير قانوني بشكل واضح.
رغم هراءات نتنياهو في الرد على تحذير المستشارة القانونية للحكومة بأنه عندما تسيطر الدولة على منطقة عسكرية فإنها تكون المسؤولة أيضا عن سكانها، وعندما يجوع السكان فهي المسؤولة عن الجوع. إن امتناع إسرائيل عن توفير الطعام في هذه الظروف سيعد تجويعا، وهو جريمة ضد الإنسانية وأمر غير قانوني بشكل واضح. خلافا للادعاءات المدحوضة التي أسمعت ضد إسرائيل بشأن ارتكاب جرائم حرب في بداية عملية "السيوف الحديدية"، فإنه الآن يوجد أساس من الأدلة والشهادات على ارتكاب هذه الجرائم، كما يبدو في عملية "عربات جدعون"، لكنها ستكون لا شيء مقابل الجرائم التي ستترتب على تنفيذ أمر الكابنت احتلال مدينة غزة.
نحن نقول لرئيس الأركان: سيأتي يوم والشخصيات الرفيعة في إسرائيل الحالية سيتم تقديمها للمحاكمة بسبب ارتكاب جرائم حرب في غزة. هذا سيحدث في إسرائيل إذا بقيت قائمة بعد الحكام الحاليين، هذا بالتأكيد سيحدث في المحاكم في لاهاي وفي دول أوروبية كثيرة. رجال المستوى السياسي الحالي سيلقون المسؤولية عليك وعلى جنودك. هم سيقولون بأنك عملت على مسؤوليتك، وأنك لم تمسكهم. اطلب منهم تعليمات مفصلة وواضحة، قم بتوثيقها، أبلغ الجمهور عنها. إذا كانت غير قانونية بشكل واضح قم برفضها. هذا ليس فقط من حقك، بل هو واجبك.
أنتم، يا جنود الجيش الإسرائيلي، رجاء حافظوا على التمييز بين واجب الطاعة وعدم الطاعة. إذا قمتم بإطلاق النار على مواطنين غير محميين، وإذا قمتم بطرد سكان من أراضيهم مع معرفة أنه غير مسموح لهم بالعودة، فإنه لن يتم الاستماع إليكم عندما تقولون بأنكم كنتم تنفذون الأوامر، سواء في المحاكم في الخارج أو في المحاكمة الجنائية في إسرائيل.