عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Apr-2019

شباب يحنّون إلى أجواء الماضي ويصفون الحاضر بالجمود

 

عمان -الدستور -  أمينة عوض - بساطة الماضي، صدق اللحظات، دفء الأجواء، لم تكن تنفي حقيقة ان الناس تحب أن توثق ذاك بصور تلتقطها بشغف؛ لحبها لما تعايشه من أحداث ملؤها المشاعر النابعة من الوجدان، ولكن دون المبالغة بالأمر ليصل بنا المطاف لما آل اليه حالنا الآن من حب لاظهار كل لحظة، موقف، زيارة، بسمة، عزاء، مناسبة تخرج، تجمع عائلي على مائدة طعام! بأعداد هائلة من الصور الفتوغرافية، والفيديوهات الاحترافية التي تصور بدقة عالية، لكن للآسف بكذب يخفي داخله عدم القدرة على الاستمتاع بتفاصيل ما يعاش، او يقال، والرغبة باظهار أفضل ما لدينا وان كان على حساب الضحكة البريئة، والعفوية، الحقيقة التي تظهر دون الحاجة لبرهنتها على أنها أبهجتنا!.
حكم العمري قال « أنا من مواليد الثمانينيات، وعاصرت جيدا أيام التسعينيات، والانبهار بالألفية الثانية. قديما كان الناس يزورون بعضهم بشكل دوري، ومجالس الكبار كانت موعظة لنا نحن الصغار، أكبر همنا أن نتسابق بالركض، ومن يمتلك دراجة هوائية هو من النخبة، نتجمد أمام الكاميرا التي تلتقط لنا صورة للذكرى يقضي بها المصور ثلاثة أرباع الوقت لتحميضها، لكن وبالرغم من قلة الامكانيات الى أنها كانت أجمل الأيام، أما الآن على سبيل المثال اذا ذهبت لحضور ندوة ثقافية أو تعليمية تجد الكل يلتقط صورا من جميع الجهات، ولا أحد يستمع للمحاضر. فالأمر بنظري ليس بضرورة التصوير، وبرهنة الأمر بقدر ما هو لحظات ثمينة من الحياة علينا أن نعيشها بصدق».
شروق الهرش قالت» السبب في ذلك هو الاستخدام المفرط للتطبيقات الذكية؛ اذ ان مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت أشبه بالادمان، فلم نعد نهتم بما نمارسه بقدر توثيقه على تلك الصفحات، فأصبح الاختلاف يتضح بين الماضي والحاضر، فلم نعد نشعر بلذة اللحظات، والجلسات، ومشاركة النقاش والاصغاء، فقد أصبحنا نعبر عن أفراحنا، وأحزاننا بملصقات تعبيرية تتناقل عبر الهواتف الذكية، وما أن حظينا برفقة أحدهم حتى بدأت الهواتف بتخزين اللحظات عبر التقاط الصور أو الفيديوهات، ومشاركتها متناسين من برفقتنا، ومن يشاركنا جمال ما نعيشه بالحاضر».
سندس العايدي أكدت على صعيدها الشخصي قائلة:» ان السبب الحقيقي الكامن وراء سعينا اللامتناهي لتوثيق الأحداث على وسائل التواصل الاجتماعي يكمن حقيقة وراء ضعفنا، وعدم ثقتنا بأنفسنا، فنحاول اثباته بشتى الطرق، والتباهي بها وان كانت لا تستحق، كما أن لهاثنا المستمر خلف تصوير كافة اللحظات أفقد لحظاتنا هيبتها وهدفها، فأصبحنا اذا اجتمعنا تهافتت أيادينا الى جوّالاتنا لنوثق لحظة بلحظة لجمع أكبر عدد من الاعجابات والتعليقات، وننسى أن نعيش الشعور الحقيقي، فهمنا الوحيد أن يعلم أولئك الأشخاص ما الذي فعلناه، وكيف فعلناه، أن يروا كل خطواتنا، تحركاتنا، دموعنا وضحكاتنا نشاركها جلها، وسعينا وراء هذه الأمور يخفي في طياته فطرة جبل الناس عليها ألا وهي الرغبة الدائمة في قلب كل منا ليكون بارزا مشهورا، وحب الظهور لدى غالبية البشر فلا يجد وسيلة سوى التوثيق على وسائل التواصل التي قد تكون سيئة للغاية عندما تجد أحدهم وقد رأى من هو في مصيبة، أوجللا عظيما،  فبدلا من مواساته في محنته نجده قد أسرع الى جواله لينشر ما رأى مدعي حزنه، وفي قرارة نفسه أراد التشهير بنفسه فحسب».
ياسمين أبو هدبة أشارت قائلة : « إنه في لحظات العالم الالكتروني أصبحت السعادة « حالة» أو « بوست» يضعها الشخص على «بروفايله» لينال اعجاب الآخرين دون أن تكون هناك سعادة حقيقية تلامس كيان الشخص، فباتت السعادة خزينة التوثيق مع افتقاد الاحساس الحقيقي بلذة اللحظة، كما وباتت نظرة الآخرين وردود أفعالهم على تحركاتنا تعلو على سعادتنا، فلم يعد هناك تقديس لما نعيشة بقدر ما يكون التقديس لبرهنة أننا بأحسن حال بما نعيش».
راكان الهنداوي أكد على صعيده الشخصي قائلا :» انعدام البركة في الحياة نتيجة السعي وراء محبة الدنيا، والبعد عن التفكير بالآخرة يجعلنا نبحث عن السعادة المزيفة في منتصف أزمة الأخلاق التي تلقي بظلالها على مساعي البحث الجاد عن السعادة، ولذلك عندما نجد بصيص نور من تلك السعادة نتهافت لتوثيقه؛ لأننا لا نثق بأنه سيتكرر».
ثامر العبادي قال :» كانت سابقا تتمثل بالتظاهر أمام الأشخاص في مكان الحدث، ولكن الآن اتسع المجتمع الافتراضي لذلك أصبح توثيق اللحظات أكثر أهمية لاقناع الآخرين بجمالية اللحظة، وقد تنسيه للأسف التمتع بالتفاصيل».
مراد سمور أكد على صعيده الشخصي قائلا:» غالبية البشر أصبح همها أن تظهر للناس أنها تعيش حياتها من أجمل ما يكون، أهم من أن تعيش جمال التفاصيل الصغيرة في اللحظة التي تغني عن الكثير، ومن الممكن أن بعض الناس يشعرون أنهم أقل من غيرهم فيتصيدون حدثا أو موقفا ويتسارعون لتصويره واثباته، الى أن أصبحت تلك العادة « موضة» يصعب الخروج من بوتقها».
جمانة العليمات قالت : « هروب من الواقع الى عالم افتراضي فيه احساس واهتمامات افتراضية فيشعر الشخص باحساس عال كلما لقي على منشوره « لايكات» زعمه أنها لفت للانتباه، كما وأصبحنا نقيم محبة الناس حسب تحليلاتنا من تصرف صادر من وراء الشاشات أي خلاصة الأمر هروب من الواقع لهواجس افتراضية، ومشاعر مزيفة».
مهند الخطيب قال:» برأيي أن حب الظهور طبيعة بشرية وما ساعد على بروز تلك الصفة أكثر التكنولوجيا التي خلفّت مجتمعات آلية توثق دون الحاجة للاحساس الصادق أو الاستمتاع الحقيقي، كما أن عصر السرعة الذي نعيشه يؤكد حقيقة أن السرعة أصبحت غاية، وبالتالي السرعة المبالغ فيها تتنافى تماما مع التفكر والاستمتاع».
سامر دولة قال :» برأيي أنه في الماضي لم يكن التطور الذي نعاصره حاليا موجودا، كان الناس بسطاء همهم صنع اللحظة و الاستمتاع بأحداثها، فكل شيء بالماضي كان صادقا، أما في الوقت الحاضر فالتكنولوجيا سرقت بساطة ذاك الماضي ورقيه لمكان ثان ترى فيه النفاق، وحب الظهور، وتحولت الحياة لروتين ممل».