“كشك الخير”.. شباب يعبدون طريق طلبة جامعيين بالحب والعطاء
تغريد السعايدة
عمان -الغد- توجهت سندس وميرا، وهما طالبتان في الجامعة الأردنية، لابتياع بعضا من القهوة من “كشك الخير” بعد أن لفتهما الاسم، بالرغم من اعتيادهما على وجود أكشاك أخرى بأسماء مختلفة، غير أن وجود شباب جامعيين يبيعون في الكشك ووجود عبارة “نُبل” على المكان كان كفيلاً بارتياده.
تقول سندس أن اسم “كشك الخير” له دلالة، لذا تعمدت أن تسأل عن سبب التسمية، لتكشتف أنه كشك مخصص لبيع ما ينتجه الطلبة في الجامعة، ولكن يذهب الجزء الأكبر من ريعه لدعم طلبة متعثرين في الجامعة، وجزء لدفع مكافأة للطلبة العاملين في الكشك.
وجاء افتتاح الكشك أول من أمس برعاية رئيس الجامعة الأردنية عبد الكريم القضاة، الذي يأتي بدعم نُبل للتنمية والتدريب، حيث أقيم حفل الافتتاح بحضور الرئيس الفخري للمؤسسة الأميرة ديمة بنت سعود آل سعود، و عدد من أعضاء المؤسسة، ووفد من الاتحاد العربي للتضامن الاجتماعي.
حماس ونشاط وفرحة تجتمع لدى الطالب الجامعي حسام الزغول الذي يدرس التربية الرياضية وهو يعمل الآن ضمن الفريق العامل في الكشك، إذ عبر عن سعادته بهذه التجربة التي يخوضها للمرة الأولى في حياته بأن يكون عنصرا فعالا في مجتمع “الجامعة” ضمن كشك الخير، والذي يرى فيه طريقا للعطاء في المجتمع. كما يرى الزغول أن عمله في الكشك هو فرصة قيمة له ليؤمن دخلا ماديا جيدا، من خلال مكافأة يحصل عليها جراء عمله، والتي من خلالها يساعد نفسه ويخفف من الأعباء المادية على أسرته، عدا عن كونها فرصة للانخراط في أجواء تفاعلية مع الطلبة في الجامعة.
ويدعو الزغول جميع الطلبة في الجامعة أن يكونوا فعالين كذلك من خلال الإقبال على الشراء من الكشك، والذي يمثل حالة تفاعلية كبيرة في الجامعة، وتكون المنفعة المادية فيها لعدة أطراف، ولزملاء بحاجة إلى مساعدة من قبل المجتمع.
اما راما، طالبة سنة ثانية، والتي كانت مترددة في البداية من المشاركة في البيع في الكشك، مع زملائها، إذ سمعت العديد من العبارات التي كانت تتساءل عن مشاركتها، كون وضعها المادي جيد، غير أن رغبتها في أن تكون فتاة بشخصية مستقلة وتعمل بأوقات تواجدها في الجامعة بما ينفعها وينفع غيرها، جعلها تستمر في العمل في “كشك الخير”.
وتقول راما أن أهلها بعد أن علموا بتفاصيل الكشك، شجعوها على أن تشارك في العمل، وهي سعيدة كذلك للتعامل مع زملائها في الجامعة بذات مرحلتها العمرية، وهي تجربة غنية بالمعرفة والتعامل مع الآخرين، وتتمنى أن تكون بصمة جميلة في مسيرة دراستها، وعملها فيما بعد.
ومنذ الساعات الأولى لافتتاح الكشك، توافد الطلبة بشكل ملحوظ إلى الشراء منه، كونه يضم الكثير من احتياجاتهم، عدا عن أن فكرة العمل الخيري للمشروع أصبحت سائدة بين الطلبة. وقال الطالب الجامعي خالد ناجي أنه “سيبتاع احتياجاته يومياً من كشك الخير فهي فرصة لعمل الخير بطريقة بسيطة وسلسة دون الحاجة إلى جهد أو عبء مادي”.
ويؤكد ناجي أنه فخور جداً كون المؤسسة اختارت جامعته لتكون الحاضنة الأولى للمشروع، ويأمل أن يكون هناك مشاريع مماثلة ويفتح له المجال لأن يكون عاملاً فيها أسوةً بزملائه، كونها مشاريع حيوية وتتيح المجال لهم للانخراط في العمل منذ سنوات الدراسة الجامعية.
وتعتقد الطالبة زينة العمر، أنها سعيدة كونها ترى زميلتين لها يعملان في الكشك في صورة تبين مدى الوعي الذي وصلت إليه الطالبات في أن يكن فاعلات في المجتمع الدراسي، ويظهرن صورة إيجابية بأنهن قادرات على العمل والدراسة والاحتكاك مع الآخرين بكل حماس وتفاعل، ضمن أطر جامعية توفر لهن الحماية والدعم والمساندة.
وهو ما أكدته راما أنها تشعر بالاطمئنان خلال العمل في الكشك كونه داخل الحرم الجامعي، وبوجود طلبة زملاء لها يحرصون على دعمها وكادر تدريسي يوفر كذلك الأوقات المناسبة للعمل، بما يتوافق مع دراستها.
القضاة قال خلال حفل الافتتاح، “كشك الخير” مشروع ريادي خيّر تقوم فكرته على دعم صندوق الطالب الفقير بالجامعة، من خلال تمكين الطلبة وتوفير فرص عمل لديهم، مشيرا إلى أنه مشروع رائد للجامعة الأردنية، حيث تم اختيار موقع الكشك بجانب الساعة وهي العمود الفقري للجامعة كموقع، بسبب تواجد الطلبة بشكل مكثف فيها.
وبين القضاة أن هذا المشروع المدعوم من “نُبل” ما هو إلا صورة إيجابية للعلاقات الطيبة، كونه مشروع إنساني واضح، متمنيا أن يستمر المشروع في المستقبل، كونه يقع ضمن اتفاقية موقعة ما بين الجامعة والمؤسسة، وهي منارة للباحثين عن الخير والتعاون والمحبة في مجتمعنا الذي يزخر بالمشاريع الخيرية.
وأضاف أن الجامعة تحرص على تبني ودعم المبادرات الخلاقة كمشروع “كشك الخير”، مع الأخذ بعين الاعتبار توفير ما يحتاجه الطالب الجامعي يوميا خلال أوقات الدوام بأسعار رمزية، مقابل تخصيص جزء مما يتم بيعه للعمل الخيري سواء بدفع الرسوم الدراسية للطلبة المحتاجين أو توفير فرصة عمل لغير القادرين على سداد رسومهم.
وتهدف الاتفاقية الموقعة بين الأردنية ونُبل، إلى دعم مشاريع المؤسسة الخيرية والمتمثلة بمشروع “أكشاك” الذي يخدم شريحة كبيرة من أصحاب الهمم الشابة من جهة، وتوفير ما يحتاجه الطالب الجامعي يوميا خلال أوقات الدوام بأسعار رمزية، مقابل تخصيص جزء مما يتم بيعه للعمل الخيري سواء بدفع تكاليف رسوم الطلبة الفقراء أو توفير فرصة عمل للطلبة غير القادرين على سداد رسومهم.
رئيسة مؤسسة “نُبل” الدكتورة كوثر القطارنة تبين أن المؤسسة تعنى بمساعدة الطلبة المتعثرين في تسديد رسومهم الجامعية واستقطاب الطلبة الخريجين أصحاب أفكار المشاريع الريادية في حاضنة أعمال المؤسسة؛ مشيرة إلى أن مشروع “كشك الخير” يخدم شريحة كبيرة من أصحاب الهمم الشابة.
وأضافت القطارنة أن المؤسسة تؤمن بدور الجامعة الأردنية بدعم صندوق الطالب الفقير، حيث تم التواصل مع الجامعة لتنفيذ الكشك ليستفيد من ريعه طلبة الجامعة، بالإضافة الى توفير احتياجاتهم اليومية داخل الكشك، وأن الجامعة والمؤسسة حرصتا على توفير ظروف ملائمة لنجاح المشروع، وتم اختيار مكان ملائم يخدم التجمعات الطلابية الكثيفة ليستفيد منه أكبر شريحة من الطلبة.
وتابعت القطارنة أن هدف “إطعام” يندرج تحته تحفيز الشباب الأردني على التطوع وأهمية العمل الخيري وتوفير الغذاء والمساعدة المحتاجين، إضافة إلى تدريبهم على المهن الصغيرة والحرفية والمشاريع الإبداعية، وعقد دورات تدريبية لمنتسبيها حول تمكين المرأة والشباب اقتصاديا واجتماعيا، وتدريب الأفراد والمؤسسات في المناطق المهمشة والمجتمعات الفقيرة وبناء قدراتهم لتحسين أوضاعهم في مختلف المجالات. وتعتبر المشاريع التنموية المجتمعية التي تُقام في الجامعات الأردنية على اختلافها، فرصة مميزة لإتاحة المجال للطلبة بأن يكونوا قادرين على اختبار أجواء عملية مختلفة عن المحاضرات الدراسية، والتي تم شأنها أن تتيح لهم كذلك الفرصة لأن يساهموا تنمية مجتمعهم بشكل عام، وما له من انعكاس على المجتمع وشخصية الطالب فيما بعد التخرج.