عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Jan-2020

غادة أبو يوسف.. لن ننساكِ - مروان سوداح

 

الدستور- قبل أيام، اختطف المَنون بكل قسوته وسطوته، حياة زميلتنا الراقية والمُبدعة غادة أبو يوسف، لتغادر مسرح الحياة بعد صراع مرير مع المرض، الذي لم يمنع قلمها من العطاء والإبداع في مهنتها الصحفية التي طالما عشقتها. لقد رسمت غادة أجمل معاني الحب والولاء لوطنها ومجتمعها وزملائها، لتصبح تجربة فريدة ونموذجاً يُحتذى به في إبداع ومكانة المرأة الأُردنية مهنياً وعلى كل صعيد.
 لم تفارقنا غادة، وسيبقى اسمها وصورتها إلى جانبنا ومعنا في حلّنا وترحَالنا، فهي مِثال رائد يُعتدُ به في النباهة والحرفية الإعلامية، وفي السلوك القويم اجتماعياً، وحياتنا اليومية، وفي أعمالنا وأنشطتنا الصحفية وعلاقاتنا المجتمعية.
  في نعي المرحومة غادة، أشارت صحيفة (الدستور)، إلى أنها عملت فيها لربع قرن، وأنها «درست المرحلة الجامعية في روسيا، وبقيت تحمل لهذا البلد الكثير من الحب». ففي أواخر سبعينات وبداية ثمانينات القرن الماضي، زاملتُ أنا شخصياً غادة لعدة سنوات في كلية الصحافة لجامعة لينينيغراد (سانت بطرسبورغ) الحكومية السوفييتية (الروسية)، ووجدت فيها إنسانة يَندر مِثالها، فهي تتمتع بخصالٍ إنسانيةٍ رفيعة، وإخلاص لزملائها، وهدوء وسكينة قلّ توافرها في غيرها من الناس، ومواظبة على المحاضرات والدراسات والأبحاث والقراءات الجامعية تلفت الانتباه، فغادة سعت دوماً لمعرفة المزيد في العلوم، وعملت على نفسها لتتألق دراسياً ومهنياً، ولتعلو شخصيتها وتتعاظم مَعارفها، فكانت مَحبوبة ونالت الاحترام الموصول والتقدير في الأوساط الجامعية الروسية والأجنبية.
 في لينينغراد (سانت بطرسبورغ لاحقاً)، كنّا مجموعة من الطلبة الأُردنيين الشباب، زميلات وزملاء، ندرس ونرنو إلى المزيد من المَعارف من لدنِ أساتذتنا السوفييت والروس، الذين غادرنا معظمهم إلى الدار الآخرة، لكنهم والحقُ يُقال، أعطونا ما عندهم من الحرفية والخبرات ما يَعجز غيرهم عن إعطائه، وفي الإخلاص بمنحه لطلاب أجانب، وهناك في روسيا تمتعنا بمحبة الجميع، وكان الأُردن شعارنا الذي نفاخر به، فكان أن حُزناَ على احترام الجامعة وكلية الصحافة، والأهم احترام السيد فلاديمير بوتين الذي كان القائد والرئيس الأهم في هيئة إدارة الجامعة، يتابع خدمة ورعاية الأجانب في كلياتها، وبخاصة العرب، في كل صغيرة وكبيرة، وتلبية متطلباتهم، ليشعروا أنهم في وطنهم الثاني – روسيا، التي شرعت أبوابها أمامهم لينهلوا من علومها، ولهذا كنّا ولا نزال مخلصين للصداقة وعلاقات المحبة والتآخي العربي الروسي الذي دشّنه العرب والروس بنقلات مفصلية ومصاهرة يومية منذ أكثر من ألف عام، وها هو يستمر إلى اليوم.
 آنذاك، قبل عشرات السنين وإلى يوم انتقالها إلى الرفيق الأعلى، كانت الشابة غادة مخلصة لكل ذلك، وتُدرك أبعاد الكلمة وحِراك القلم في سلام ووئام الناس ومحبتهم لبعضهم البعض، بغض النظر عن جنسياتهم ولغاتهم. لذلك، كان قلمها حرّاً وإنسانياً ومُفعماً بإنتاج يومي، يعكس روحها الوثّابة وشخصيتها التي تفيض بالحيوية، وتضفي على زملائها الراحة النفسية واحترام شخصيتها المتفرّدة.
 لن ننساك زميلتنا المحبوبة غادة، ولنا في قلمك وشخصيتك المتواضعة والوثّابة إلى كل خير وسلام وفي توظيفك الكلمة لخدمة الوطن الأُردني والإنسانية مِثالٌ يُحتذى.
 رحمك الله العلي العظيم زميلتنا الودودة والمتميزة والطيبة غادة، وأسكنك فسيح جِنانه في الأمجاد السماوية الباقية أبداً للخيرين والطيبين أمثالك.. ونؤكد لك بأنكِ ستبقين بصورتكِ البهية في قلوبنا وأمام عيوننا.