عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Mar-2023

سبقناهم*بلال حسن التل

 الراي 

غدا هو الثامن من آذار الذي أعلنته الأمم المتحدة يوماً عالمياً للمرأة، حيث ستقوم بعض المؤسسات بتعيين نساء على قمة الهرم فيها لمدة يوم واحد، كما سنقرا الكثير من المقالات والتصريحات حول ضرورة تمكين المرأة واعطائها حقوقها، وهذه كلها عندي تصب في نقطة واحدة تؤكد حجم تخلفنا كعرب ثم كمسلمين، وجهلنا بتاريخنا بل وتزويره، ذلك أننا سبقنا الأمم المتحدة وسبقنا الغرب كله باحترام المرأة حتى قبل الاسلام، ويكفي أن نذكر أن في تاريخنا الزباء ملكة تدمر وقبلها بلقيس ملكة سبأ موطن العرب الاصلي، ونحن أبناء الأمة الذين ارتبط شرف ?جالها وقبائلها بشرف المرأة ومكانتها، وكانت نخوتهم بأسماء نسائهم اللواتي كان منهن الشاعرات والاديبات، والاقتصاديات، ومصدر الرأي في القضايا الكبرى في السلم والحرب، وقراءة حقيقية لتاريخنا بعيدا عن تحريفات وتفسيرات المستشرقين ومن سار على دربهم من المستغربين ستقودنا إلى هذه الحقيقة وستؤكد أن نساءنا سبقن النظريات الغربية حول تمكين المرأة.
 
ولما جاء الإسلام برز دور المرأة في المعسكرين، ففي معكسر الشرك برزت ام جميل وهند بنت عتبة قبل أن تسلم ومعهما الكثيرات من النساء اللواتي استبسلن في مقاومة الدين الجديد، وفي المقابل برزت خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت الخطاب واسماء بنت ابي بكر ومعهن أخريات في طليعتهن سمية ام عمار أول شهيدة في الاسلام، وهي اسماء لنساء كن اشد الناس نصرة للدين الجديد ولقيادة التغير في المجتمع وفق ما جاء به هذا الدين، الذي أقر منذ اللحظة الأولى أن المرأة والرجل صنوان لا يفضل احدهما الآخر إلا بالعمل الصالح، بل لعل المتمعن في آيات القر?ن سيلحظ أنه في كثيرا منها تميز إيجابي للمرأة، عندما أشار إلى الكثير من النساء كنموذج للقدوة التي يحتذى بها، كالسيدة مريم التي اصطفاها الله على نساء العالمين، وكاسيا زوجة فرعون كنموذج للصبر والاحتساب، وكبنت شعيب التي وضعت قاعدة خالدة للأساس الاختيار وتقيم الرجال عندما قالت لأبيها (استئجره فإن خير من استأجرت القوي الأمين) مثلما ضرب بام موسى عليه السلام مثلا ونموذجا للأم الحريصة على طفلها الصبورة أمام الابتلاء.
 
وامتدادا للتأسيس الفكري والعقدي لدور المرأة ومكانتها، كانت المرأة في حضارتنا صنو الرجل فقد أقر لها الإسلام باستقلال الذمة المالية، والاستقلال الاقتصادي هو أساس كل صنوف الاستقلال الاخرة، واولها الاستقلال السياسي، لذلك لاغرابة بأن تخرج ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها على رأس جيش للتعبير عن موقف سياسي اعتنقته، اضافة الى انها مرجعية فقهية قال عنها رسول الله (خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء) وعلى ذكر الجيش علينا أن نتذكر أن المرأة كانت جزءا مهما من اي جيش من جيوش الاسلام ليس في مجال التمريض والامدادات، بل بالقتا? الفعلي، وقد خلد التاريخ الكثير من أسماء النساء اللواتي ابلين في الحروب كأم سلمة، وخولة بنت الازور.
 
هذه مجرد شذرات تؤكد أن حضارتنا سبقت الأمم المتحدة والغرب في ترسيخ مكانة المرأة كشريك كفؤ للرجل، وما علينا إلا أن نقرأ تاريخنا جيدا لنستعيد ذاتنا ونستعيد مكانتنا في دورة التدافع الحضاري.