عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Aug-2019

بفضلكم الأردن الأول إلكترونيًا..! - ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 

الدستور - قبل يومين شاهدت فيديو لمواطن اردني؛ هو أيضا من حقه استخدام المصادر المتاحة لقول رأيه في قضية تشغله، يتحدث المواطن عن المتقاعدين، ويعتبر نفسه من المتقاعدين الأسبق في وظيفة «التقاعد» الجديدة، ويقول  إنه أصلا من رواد المسجد، يعني لما يسمع الآذان بروح ع الجامع وبصلّي»، وينتقد المتقاعدين حديثي العهد بالتقاعد، يقول :أحدهم لم يمض عليه شهر في وظيفته الجديدة «يعتبر التقاعد وظيفة جديدة»، لكنه هذا المبتدىء ابتدأ بالقدوم الى المسجد، وأصبح يتدخل في كل شيء، يمنع الأطفال من القدوم للمسجد، يقوم بإطفاء المراوح، والأهم أن هذا الذي لم يمض عليه أقدمية يوم في وظيفة التقاعد يعترض على حفاية صاحب الفيديو، يقول له: لماذا تضع حفايتك هنا؟..يذكر الرجل ذلك ثم يحاول الخروج على الناس من الفيديو وهو يتساءل:انت شو دخلك في حفايتي؟..ويرسل تحذيرات بأنه لن يسمح له أو لأي أحد بالتدخل في الحفاية.
و»لايف» آخر؛ شاهدته وكان يظهر فيه شاب قد أكمل تحضيرات الظهور على الملأ عبر الشاشة، فهناك أرجيلة وسيجارة أيضا، وما توفر من مشروبات ساخنة، يضحك الشاب مستهجنا ويقول: شو هالمجموعة هاي؟! ما فيه 3 متابعين، لا يا عمي بدنا نروح على مجموعة غيرها، كنت في مجموعة وكان أقل عدد مشاهدين 30 مشاهد..شو يا عمي هالمجموعة الميتة..على مجموعة ثانية..يلا باااااااي.. وينتهي الفيديو.
أمس أرسل لي أحد سفرائنا من الخارج؛ صورة، هي عبارة عن رسم بياني تظهر فيها نسب مئوية وأسماء لـ 40 دولة من مختلف القارات،والتي تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، واحزروا ماذا !..يحتل الأردن قمة هذا الترتيب، حيث تظهر احصائيات لجلوبال ميديا، تبين نسبة استخدام مجتمعات هذه الدول لـ( 5 ) من شبكات التواصل المعروفة كفيس بوك وتيتر وانستغرام وغيرها، ويظهر اسم الوطن في قائمتها حيث تبلغ نسبة استخدام هذه الشبكات من قبل مجتمعه 75 %بينما تحتل أمريكا المرتبة 3 والصين المرتبة 15 .. وقد علّق الصديق على الصورة بعبارة (هذا من أهم أسباب السعار الالكتروني).
المجتمع الذي لا عمل لأفراده أو لنسبة ساحقة منهم، سوى الإقامة في شبكات التواصل الاجتماعي، هو مجتمع يمر بحالة من ترف بلا شك، فلديه كل الوقت ليمضيه الفرد متجولا اليكترونيا بين صفحات الناس، أو إشغالهم بمشاهدته يؤرجل أو يسمع أغنية هابطة، أو يبلغهم بأن لا علاقة لذلك المصلي بحفايته..مجتمع لا مشاكل تواجهه، ولا يحتاج لا إلى نهضة ولا تنمية، فالأمور عال العال.
هدر الوقت والذهنية الشخصية بالتفاهات والتسوح والتفرّج على لا شيء، أصبحت مهنة، ووظيفة تستحوذ على كل أوقات هذا المواطن، ليس هذا فقط، فهو وقته وهدره أو استخدامه شأن يعود له، أما حفايته، فهي شأن اجتماعي عام، وشرشف الحجة أيضا، وكثير من ألوان الصراصير في منهل المجاري، وطعام الناس ولباسهم وحياتهم وكل شيء خاص أو عام أو مهمل..كلها أصبحت شأنا اجتماعيا يسبح فيه بل يغوص فيه غواصون، يقلبون المبتدأ خبرا ولا بداية لحالة وعي أو نمو أو نهوض أو أمل واحدة، تنهي هذه السخافات حتى العقل اضمحل وأصبح «اللي بفهم واللي ما بفهم» ولا سؤال عن معلومة أو حقيقة أو سعي لتوسيع مدارك أو بحث عن أدنى مستوى من الفهم لما يدور .
قبل أيام تجلت مؤسفة حالة السعار الالكتروني، فأولئك من المجتمع «إياه» يتحدثون عن القيم والمبادىء والحكمة والأخلاق، ويحاربون «الدعارة قال»، ويوردون أرقاما لملاهٍ ليلية مرخصة وأخرى لغير المرخصة، ويؤاجرون بسمعة بلد، تجاوزا على كل الأخلاق والقوانين، فيعتقد الغشيم بالأردن بأن هذا البلد يسمح بالدعارة ويرخص لها ملاه ونواد ليلية !، ولم يسأل أحدهم نفسه أو غيره سؤالا من نوع «هل الدعارة عمل قانوني في الأردن؟!»، السؤال لا يوفر لهم إثارة ولا يحاكي ما يجول في خواطرهم من سعي للإثارة والفضائحية.. 
وهكذا تمخضت حالات السعار الاليكتروني عن جزء كبير من هذا المجتمع المحافظ، تعتقد أنها تعيش في مبغى مرخص.
نباحٌ؛ جعل من البلد «فرجة» للقريب وللبعيد، ولا نملك إلا القول لهذه الكائنات: الخله ويت..الأردن أنظف وأطهر من ألسنتكم، وقلوبكم ونفوسكم وعقولكم العفنة.