عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Nov-2019

صحافة المواد المطولة مستقبل الصحافة المطبوعة

 ترجمة: محمد احمد حسن

الراي - الصحافة في ورطة. كتاب المقالات يشيرون عادة إلى أن هذا الأمر يمثل حقيقة أمرا سيئا سواء بالنسبة للديمقراطية أو لأميركا. وأي شخص لا يوافق على ذلك فهو شديد الغباء ولذلك فلن أتضايق من تكرار هذه البديهية. عدد من الكتاب يشيرون أيضا إلى دليل معاصر على نهاية عصر الإعلام: هنا ستجدون 3 أمور عرفتها بالصدفة مؤخرا.
الأول: أن هناك 1800 صحيفة قامت بتصفية أعمالها في الخمسة عشر عاما الماضية بعد أن كانت الصحافة المطبوعة تنتج %90 من القصص الإخبارية التي تظهر على التلفاز والراديو والصحافة الالكترونية.
الثاني: أن جريدة نيو اورليانز تايمز أغلقت أبوابها. وهذا أمر ملفت للنظر لأن هذه هي المرة الأولى على ما اذكر التي يتلاشى فيها وجود صحيفة رئيسية يومية وحيدة لمدينة رئيسية. إنها اصغر الصحف المتنافسة في باتون روج ولكن حاليا أصبح من السهل تخيل مدينة حقيقية بدون صحيفة يومية على أية حال.
الثالث: وهو أن وارن بافيت المستثمر ذو النفوذ والذي يقتنص الفرص قبل اى شخص لديه اعتقاد بأن الصحف الورقية المطبوعة الوحيدة القابلة للحياة هي الصحف الوطنية الكبرى مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست ووول ستريت جورنال.
وفي نفس الوقت فإن تقرير موللر والذي أصبح من أعلى الكتب مبيعا يعد كتابا مطبوعا.
أنت تستطيع أن تقرأ التقرير مجانا في الصحف الالكترونية. فلماذا يدفع المرء مبلغا من المال لقراءة مجلد تقرير موللر؟ لنفس السبب الذي جعل الاخرين يدفعون المال لقراءة تقرير لجنة التحقيق في أحداث 11 أيلول وتقرير لجنة ستار بخصوص كلينتون. وها هي الوثيقتان الاخريان المتاحتان عل الانترنت قد أصبحت من أعلى الكتب مبيعا في صيغتهما المطبوعة. ولنفس السبب تحقق مجلات مثل النيويوركر والايكونوميست ربحا وفيرا في الوقت الذي ينتهي فيه وجود الاخرين. وهذا أيضا هو ما يجعل نسخة يوم الأحد من نيويورك تايمز تبلى بلاءً حسنا.
المواد المطولة أيسر في القراءة عبر الوسائط المطبوعة.
بعض القراء يقرأون تقرير موللر على أجهزتهم الالكترونية. وكدليل على نجاح النسخة المطبوعة ككتاب فإن كثيرا من الناس مستعدون لدفع المال من اجل تجنب أوجاع الرقبة والعين والتحديق في شاشة منخفضة الإضاءة نسبيا بينما هم يقرأون بمعدل اقل مما يقرأونه في النسخة المطبوعة. وهذا هو مستقبل الصحافة المطبوعة.
في حقبة السبعينات من القرن الماضي تبنت مجلات إخبارية أسبوعية مثل التايم والنيوزويك واليو اس ايه نيوز اند ورلد ريبورت نموذج التحليلات المطولة للأخبار التي سبق نشرها في الصحف اليومية في الأسبوع الماضي. حيث يغوص المحققون الصحفيون في الأسبوعيات الإخبارية عميقا في تفاصيل الحدث ويكشفون عن تفاصيل جديدة للأحداث ويقولون لك المغزى من هذه الأحداث ولماذا حدثت. وكانت هذه المجلات مقروءة من قبل عشرات الملايين من الأميركيين.
ومع بداية صعود الانترنت في حقبة التسعينات ضلت المجلات الاسبوعبة الإخبارية طريقها. واعتقد المحررون أن الانترنت قد اثبت أن مدى انتباهنا أصبح محدودا ولذلك فقد قاموا بتقليل عدد الكلمات وأصبحت القصص الإخبارية اقصر. وأصبحت اقل مما هي عليه أيضا. ولذلك توقف الناس عن قراءة تلك المجلات. فلماذا يدفعون مالا لنفس المحتوى مادام باستطاعتهم أن يقرأوه مجانا وبشكل فوري في الصحف الالكترونية؟ وقد قامت مجلة نيوزويك بتصفية أعمالها فيما أصبحت يو اس ايه نيوز متاحة على الانترنت فقط. فيما لا تزال مجلة تايم وهي حجر الزاوية في إمبراطورية هنرى لوس قائمة.
أما مجلات النيويوركر والايكونوميست فإنها لا تزال مزدهرة بسبب التزامها بنموذج صحافة المواد المطولة المفصلة التي تتناول الأحداث الجارية. وهي تستوعب المزيد والمزيد من الكلمات. وتتخللها عادة رسوم توضيحية مرسومة باليد. ويبلغ حجم بعض المقالات 5000 كلمة وحتى 10000 كلمة. هذه المطبوعات لا تنشر أخبارا عاجلة ولا تستطيع ذلك. إنها تغوص عميقا في تفاصيل الحدث.
أنت تعرف مسبقا ماذا حدث. التحليلات المطولة تقول لك ماذا يعنى ذلك.
إن نموذج المواد المطولة هو المستقبل!
تستمر الانماط القديمة لأن الانماط الجديدة لا تستطيع أن تحل محلها في وظائف بعينها.
وبالرغم من توقعات الخبراء فإن التلفزيون لم ينه وجود الراديو لأنك لا تستطيع مشاهدة التلفزيون بينما تقود السيارة أو تقوم بتنظيف المنزل. وتعد المطبوعات الوسيط الأمثل للمواد المطولة لأن الناس يفضلون تقليب الصفحات للتصفح. وهي أيسر على عينيك.
إن مستقبل الصحافة المطبوعة -وهذا ما يتعين على رأٍس المال القيام به بصرف النظر عن الضجيج الرقمي- يشبه ما كان يحدث في حقبة السبعينات عندما كانت الناس تقرأ الصحف اليومية من اجل الأخبار العاجلة وتقرأ المجلات الإخبارية من اجل التحليلات المطولة.
حينما يحدث الخبر فإننا نقرأه في الصحف الالكترونية على أجهزتنا. هناك جيل من الوسائط المطبوعة سوف يمدنا بتحليلات عما سوف يحدث بعد ذلك تصل إلى ألاف الكلمات برفقة أشكال بيانية معقدة تتطلب أياما من البحث والتجميع والتحرير.
الصحف كما قال بافيت «لم تكتشف طريقة لجعل النموذج الرقمي مكملا للنموذج المطبوع» سيكون لطيفا القول بأنه مخطئ فالصحف المحاصرة سوف تنصاع في النهاية لنموذج المواد المطولة ربما باستبدال الطبعات اليومية الحالية بطبعة وحيدة مكتنزة في نهاية الأسبوع. لسوء الحظ هو محق.
لم يتول إدارة الصحف أبدا أناس لديهم رؤية ولو محدودة. فهم يطردون أصحاب الخبرة الذين يفكرون خارج الصندوق لحساب موظفين من جيل الألفية الذين يتقاضون مالا والذين يعتقدون أن بإمكانهم أن يجعلوا القراء يشعرون بالذنب لأنهم يستمعون إلى محطة الراديو القومية على الطريق أثناء قيادتهم للسيارة. فالمستمعون يدعمون المحطة لأنها تقدم محتوى فريدا من نوعه. وليس لأن المستمعين سيشعرون بالذنب إذا انهارت بالمحطة.
كان يجب على الصحف أن تعرف منذ وقت طويل أن الناس لن يدفعوا مالا مقابل نفس الأخبار التي قرأوها بالأمس على هواتفهم مجانا.
«التدمير الخلاق» سوف يزيل الديناصورات من الوجود. وسوف يظهر مكانها جيل جديد من الوسائط المطبوعة يكون مكرسا للتحليلات والتعليقات المطولة.
«تيد رال»