الدستور - أمس الأول، « هربتُ « من الجريدة ـ طبعا بعلم رئيس التحرير ـ.القيتُ بجسدي في السيارة وكانت معي « نجاة « وأعني المطربة ـ مش واحدة ثانية ـ عشان اللي ناويين يفسدوا عليّ لزوجتي. قلت: فرصة أسترجع روعة صوتها وهي التي طالما كانت أغانيها مؤنسي في سفري وفي رحلاتي أيام المراهقة والدراسة الجامعية.
أذكر ذات « صيف « كنتُ في معسكر للشباب في « الكرك « وتحديدا في « الربّة» حيث أقمنا عدة أيام في المدرسة الزراعية ووقتها تعلمنا العناية بالأشجار والنباتات والحيوانات ـ بلا مؤاخذة ـ. ولا زلتُ أذكر رفاقنا في تلك المرحلة الرائعين الذين كنا نتبادل معهم الروايات والكتب الفكرية والمهندس الزراعي غالب تفاحة الذي شرح لنا كيف ينتج النحل العسل ويومها لم أصدق نفسي وأنا ألتهم ما يعادل « كوبا كبيرا « من العسل المركّز والصافي. حيث « صدّت « نفسي عن الأكل لمدة يومين شعرتُ بالشبع التام وكنتُ بعدها في الطريق الى خالتي « فضيلة « رحمها الله. وكانت المرحومة مشهورة بطعامها و» نفسها « الطيب في الطبيخ.
وبينما كنتُ أنتظر الباص المؤدي من « الربّة « الى مدينة « الكرك « حتى سمعتُ صوت نجاة الصغيرة يردد أغنية « وسط الطريق» بألحانها وجرسها الموسيقى المميز الذي أعده الموسيقار العبقري بليغ حمدي.
أذكر أننا ( رفاق المعسكر/ معسكرات الحسين للشباب) افترقنا على الشارع وكما الاغنية « ف وسط الطريق»
. أذكر جيدا أننا بكينا مثل الأطفال وكأننا نعرف بعضنا منذ مئة عام.
كنا أبرياء على ما أظن.
أمس الاول، كنتُ هاربا من الروتين وتركتُ سيارتي « أم العواطف « تقودني الى أماكن عامة .. فكرت الذهاب إلى عبدون. وخلال الطريق اكتشفتُ اني لم أصل المكان منذ أشهر وربما منذ سنة أو يزيد. كان ثمة تحويلات وجسور وصعود وهبوط وشوارع نظيفة ومناظر جميلة على الجانبين. كان هنالك طالب يساعد زميلته على عبور الشارع ، بينما يدها الخجولة تتردد في قبول المساعدة.
«معقول لسة في حدا بخجل من مسكة ايد عابرة ..»؟
وعندما وصلت « نجاة « الى المقطع الذي يقول « كل واحد فينا حسّ أن أمله الحلو ضاع».. أكتشفت ُ أن البنزين في سيارتي أوشك على النفاد. الضوء الأحمر لاول مرة يظهر أمامي على « التابلوه «.
وعشان الامور تكمل اكتشفت أن «محفظة نقودي « أيضا فارغة ـ وقد نسيت بطاقة الصرّاف الآلي في البيت.
كله من دوشة الاولاد ، لخموني وخرجت دون « نقود «.
أوقفت سيارتي على طرف الطريق، وبدأت أحاول الاتصال بالأصدقاء المقربين طالبا انقاذي من « الورطة «.
ساعة جاءتني « المساعدة « صديق أصلي لنفترض انه سميح محادين او الكركي الجميل، هبّ لنجدتي ومد محفظته عارضا ما أشاء من المال. كنتُ في « قمة خجلي « وانا أمد أصابعي اتناول المبلغ الذي يحل المشكلة. وشكرته بعنف ومضى.
عدتُ أستمع لصوت « نجاة « وهي تردد « ودعنا الحبايب وفرقنا الحبايب ووصلنا النهاية يا قلبي من قبل النهاية».
وخرجتُ من سيارتي أُعاتب نفسي» ما جرى أكيد خطايا بايتة» بس أكيد مش بايتة عند حدا غريب!!.