عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Oct-2021

روائيون وشعراء يناقشون “بمشيئة الملاح” و”ماء الزهر” للأسير كناعنة

 الغد-عزيزة علي

ناقش روائيون وشعراء “بمشيئة الملاح”، “ماء الزهر”، وهي نصوص شعرية للشاعر الأسير محمد كناعنة، في مقر رابطة الكتاب الأردنيين، شارك في النقاش كل من الروائيين: رشاد أبو شاور، أحمد أبو سليم، الشاعر صلاح أبو لاوي، وأدارها الشاعر رامي ياسين.
المشاركون أشاروا إلى أن النصوص لا تخلو من فلسفة خاصة، فلسفة الأسير والحرية، وتتجلى في كلمات الأسير كناعنة حول إرادة الصمود، على إيقاع موج بحر حيفا، وهو يطل من فوق قمة الكرمل على الساحل الفلسطيني، متنسما هواء الحرية لوطنه، ومن عمق الزنزانة المظلمة تتفجر القصيدة، ويدخل الأسير في معركة الحصول على قلم وعلى الورق.
الروائي رشاد أبو شاور، قال “من طاقة الزنزانة يرسل محمد كناعنة ترانيمه، بعد أن حفر اسمه على جدران زنازين عدة، في سجون عدة، وحملها العنوان “بمشيئة الملاح”، ووصفها بـ”ترانيم من الأسر”، نصوص تتجلى عبر كلماتها إرادة الصمود.
وأشار الى أن كناعنة “يواصل كتابة (ترانيمه)، وقصائده النثرية، ونصوصه العميقة الإنسانية والشاعرية، هو الفرد، وهو ابن هذا الشعب، وهذه القضية المقدسة، وابن البحر، والجبل، ابن الجليل، والقدس وغزة، وكل فلسطين، والعاشق لياسمين الشام، هو الذي لم ييأس من صهيل خيول المعتصم في زمن عربي آت لا محالة، والذي كل طفل وطفلة من أولاد فلسطين وبناتها.. أبناؤه وبناته، ولهدى غالية ينشد، ولهم جميعا”.
ولفت أبو شاور الى نص كناعنة المفعم بالشعر، والحنين، والرقة، والشوق، وهو في الزنزانة الموحشة الباردة المعتمة؛ حيث يقول “ليل الخريف هذا/ما أقساه وأنعمه/حين تبكي الدمعة الدمعة/ويشتاق المبسم للمبسم/حين لا تجد الشفة زهرة الخد/وتلثم في لياليه الباردة/أطراف الوسادة/ليل الخريف هذا/ما أطوله”.
فيما أشار الشاعر صلاح أبو لاوي الى الهامش والنص في “مشيئة الملاح”، لافتا الى أن تلك الهوامش تعقب كل نص من نصوصه، فمن خلال هذه الهوامش “يدخلنا إلى زنزانته لنتعرف أكثر على حياة الأسير وعلاقاته مع رفاق الزنزانة”، فهو يقول في مقدمة الكتاب: “كنتُ منتشياً بالقلم.. وسيلتي للهرب والمقاومة، وما إن استقررت في قلب السواد حتى فاض الفرح من قلبي فملأ المكان، وابتسمت الورقة العذراء في زاويتها حيث كانت تنتظر، تنتظرني، فقد أدركتْ بحسها المرهف أن أوان حرثها قد حان”.
ومنذ نصه الأول “النجوم لا تقبل الهزيمة”، في سجن هشارون وكناعنة يربط بين حيفا وبغداد، في إشارة قومية بالغة الدلالة، ما يؤكده في الهامش لنا: أن سقوط المدن لا يجب أن يؤدي إلى سقوط الإرادة والتحرير والحرية، لافتا الى أن الأسير دائم الحلم، لأن الأحلام مقاومة، وتعني الأمل، وعندما نقرأ في نصه “حلم”، لسعات برد الصباح/ وحلم جميل/ سفرٌ مع النهر/ صعودٌ إلى رحم الأرض/ إلى بحرها الصاخب/ هي الحياة/ من صخبه تتدفق، فبالحلم يصعد الأسير إلى رحم الأرض، وبالحلم يسافر مع النهر، لأنه لا يفقد الأمل بالحياة”، ويؤكد في هامش “ليس هناك أقسى من البرد في السجن، وليس هناك أجمل من تلك اللحظات حين تنتصر على هذا البرد بالكتابة والإرادة”.
وأشار أبو لاوي الى أن نصوص كناعنة لا تخلو من فلسفة خاصة، فلسفة الأسير عن الحرية، فهو يتساءل في هامش نصه “ترنيمة الصباح”، عن معنى الحرية، والجدوى من سؤال: من هو الحر؟ ويؤكد للمترددين، حسب وصفه، بأننا نحن الأحرار، إن أسقطنا الفكرة من رؤوسنا، سقطنا شر سقوط، ويمضي في نصوصه، فيناجي القمر، ويخاطب بسمته: “أشفقي علي يا بسمة القمر/ ارحمي قلباً عاشقاً أعياه الانتظار والسفر/ كتب وصيته بالندى على أوراق الشجر”.
فيما رأى الروائي أحمد أبو سليم أنه عندما “يصبح القلم حلماً وتصبح الكتابة مساوية للحياة، فتتفجر القصيدة في عمق الزنزانة المظلمة، ويدخل الأسير معركة الحصول على قلم، يفشل مرات قبل أن ينجح مرة، يكتب على الورق، ينزف ما في داخله من حب وألم وأسى، وعذاب، وذكريات، وأمل على كل ما حوله، إنه يخوض معركة الحياة، معركة البقاء، أكون أو لا أكون، يكتب ما لا يمكن لغيره ممن لم يعيشوا تلك التجربة أن يفهم ما يكتب، إنه يعيد كتابة الواقع بطريقة تخيف السجان لذا تراه يحارب بكل ما أوتي من قوة كي لا يترك متنفساً للأسير كي يكتب… فمن يكتب ينتصر”.
وتابع أبو سليم “في عمق الظلام، والسجن الانفرادي تأخذ الكتابة لوناً آخر، ونكهة أخرى، وكتابة بالعرق والدم وحبر الزمن القاتم، لكنها كتابة مع ذلك تنتصر للحياة، وتنتصر لفلسطين”، مشيرا الى أن الأسير يعلمنا الأمل وهو في أعماق زنزانته، يطفو على الكلمات والمشاعر، يعبر بها الظلمة وحدود الزنزانة ويخرج على متنها ليعانق الحياة، فالمدينة الحزينة، صاحبة العيون الحزينة، والصبايا اللواتي هجرن الزينة، لها موعد مع الحياة، ومع السفينة، ونجومها لا تقبل الهزيمة.
ورأى أبو سليم “في الزنزانة يتوقف الوقت وتصبح الحياة ساكنة، إلا من ذلك الصخب الذي يدور في أعماقنا، ويجرنا إلى الماضي، نبحث فيه عن ثغرات الخلاص، عن نجاحاتنا وإخفاقاتنا، عن الحب والحياة، نتمدد حتى لا يعود الماضي يتسع لأحلامنا، وآمالنا، فنثقب جدار الواقع وندخل في المستقبل.. هكذا كان محمد كناعنة يفعل وهو يحاول إعادة بناء الماضي وعيناه تنظران للمستقبل رغم عتمة الزنزانة”.