عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Feb-2019

الشق الاقتصادي لما يسمى «صفقة القرن» - محمد سلامة

 الراي - تتزامن زيارة جيرهارد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى دول المنطقة مع ترتيبات لعقد مؤتمر وارسو المقرر اليوم وغدا، ففي المهمة الأولى يلتقي كوشنر وغريبلانت قيادات عربية واسرائيلية مستعرضا الشق الاقتصادي لصفقة السلام في الشرق الأوسط (صفقة القرن).

وسوف يتم التطرق إلى البعد السياسي بصورة غير تفصيلية، وبما يعني أن الحديث سيكون على الهامش وغير ملزم لهما، ولا علاقة لإسرائيل به، وهنا نرصد الآتي:
- الموفدان كوشنر وغريبلانت لديهما ثلاثة عناوين لمشروعهما الاقتصادي. الأول يتمثل في حصر العمل به في الضفة الغربية وترك غزة لنهاية اللعبة ما بين حماس وفتح من جهة والجانب المصري والإسرائيلي من الجهة الأخرى وبعبارة أخرى ربط اقتصاد الضفة الغربية مع اقتصاد المستوطنات الإسرائيلية وترك اقتصاد غزة مع المنظمات الدولية والداعمين لها (تحت الرقابة والسيطرة المصرية) وبالتعاون مع إسرائيل لتعزيز الانقسام الفلسطيني وإحداث الانفصال القهري بين الضفة وغزة، وفي هذا يتحقق دمج المستوطنين مع الفلسطينيين اقتصاديا وإيجاد بحبوحة مالية كبيرة لهما، وبحيث يصار إلى قياس مدى فاعلية الأمن والأمان بمدى الانتعاش الاقتصادي، وبعبارة أوضح تقوية المصالح الاقتصادية والاجتماعية بين الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) على الأرض، بحيث لا يستطيع صاحب الأرض أن يطالب بالانفصال وتقرير المصير في يوم من الايام. فالروابط الاقتصادية سيتم دعمها وتوفير المال اللازم لها من الجوار الخليجي، وثانيهما حصر دور السلطة الفلسطينية في الأمن السياسي وابقاؤها اليد الطولى في ملاحقة الناشطين وبما يؤسس لانفكاك تام ما بين الضفة وغزة على قاعدة عدم إمكانية المصالحة بين الفرقاء السياسيين الفلسطينيين، وواضح أن قطع رواتب أعضاء فتح وحماس والجهاد يصب في هذا الاتجاه، وثالثها وهو الأهم سياسيا ويتمثل في إجبار الطرف الفلسطيني على قبول الأمر الواقع وتناسي ملفات القدس واللاجئين، ودفع العرب للتناغم مع ذلك، وبحيث يتم تأجيل الملفات السياسية لعقود قادمة، والمبرر الإسرائيلي أن الجيل الحالي في الضفة الغربية غير مهيأ لقبول السلام بصورته الراهنة.
- الحراك الأميركي كله يتزامن مع مؤتمر وارسو الذي دعا إليه وزير الخارجية ماك بومبيو تحت شعار مواجهة الإرهاب وإيران، والسياق الذي يراه الكثيرون أن التغلغل الاقتصادي الصيني والروسي في الشرق الأوسط هو الأهم بالمواجهة لدى واشنطن، فاللغز الجامع للحراك الأميركى سواء زيارة كوشنر وغريبلانت أو مؤتمر وارسو هو الاقتصاد الشرق أوسطي، ففي أروقة الدولة الأميركية لا يوجد تحرك حقيقي لاستهداف وتدمير إيران عسكريا على غرار العراق، بسبب ان خطورة اللعبة كارثية على إسرائيل والمنطقة برمتها، وإدارة ترامب تلقت تقريرا سريا من البنتاغون حول هكذا حرب جديدة في الشرق الأوسط، ولهذا اتجهت إلى تشديد الحصار عليها ومحاولة تفجيرها من الداخل على غرار ما يحدث في سورية وليبيا و..الخ.
- السلطة الفلسطينية لن تشارك في مؤتمر وارسو وليس لها أي دور سياسي وامني خارج حدود الضفة الغربية، والحراك الأميركي سيوصل الأطراف الخليجية إلى التطبيع مع إسرائيل تدريجيا، فهناك مشاريع اقتصادية إقليمية في مؤتمر وارسو وفي جعبة كوشنر، مستغلا الظرف السياسي الذي تمر به المنطقة، فالحروب المشتعلة في اليمن وليبيا وسوريا والعراق وإمكانية تصديرها لدول أخرى وملف خاشقجي و..الخ.
كلها ملفات ضاغطة على قادة الخليج والمنطقة، فهو (اي كوشنر) سيقول لمن يلتقي بهم من مسؤولين أن عليكم قبول صفقة انتقال لمشروع السلام وادماج إسرائيل فيه قبل الحديث عن المشروع السياسي للسلام في الشرق الأوسط والا سيصار إلى رفع الدعم الأميركي عنكم في الملفات انفة الذكر. ويتزامن هذا مع مؤتمر وارسو الذي يهدف لادماج إسرائيل اقتصاديا في اقتصاديات دول الإقليم، فلا خيار أمام الجميع سوى القبول بالمشروع الاقتصادي الأميركي في الشرق الأوسط..
- إدارة الرئيس دونالد ترامب تريد انتزاع حصة اقتصادية كبيرة لإسرائيل في اقتصاديات دول المنطقة وعلى حساب دول الخليج العربي وتحاول عزل إيران اقتصاديا وسياسيا وتهميش حصة تركيا وحصرها بملف الأكراد، فالحراك الأميركي يستند في بعده الأول إلى مصالح إسرائيل في الضفة ومصالحها في المنطقة، وهناك تفاهمات داخل أروقة القرار في واشنطن وتل أبيب حول ترتيب أوراق دول الإقليم اقتصاديا ومن ثم سياسيا، ولدى البعض رؤية تطالب بتدمير إيران عسكريا وإخراجها من اللعبة نهائيا، خاصة وأن رغبة تركيا محصورة في تطويع الأكراد ولا تنظر إلى منافسة حليفتها واشنطن في الهيمنة على النفط الخليجي واقتصاديات دول الشرق الأوسط كما أنها ترتبط بعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
- اقتصاديات ما يسمى صفقة القرن تحمل في بعدها الأول دمج اقتصاد الضفة الغربية مع المستوطنات الإسرائيلية، وفي بعدها الثاني دمج اقتصاديات دول المنطقة مع إسرائيل، وفي بعدها الثالث تطويع اقتصاديات الخليج والشرق الأوسط لصالح واشنطن، وإبعاد الصين وروسيا.. ويبقى السؤال الأهم: هل ينجح المشروع الاقتصادي الأميركي في تحقيق أهدافه السياسية في المنطقة والعالم؟!