عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Nov-2022

ما يهم الناخب الأمريكي في الانتخابات النصفية للكونغرس

 القدس العربي-جانبي فروقة

تتوجه الأنظار في 8 نوفمبر 2022 في الداخل الأمريكي إلى الانتخابات النصفية للكونغرس الأمريكي بمجلسيه الشيوخ والنواب ويطلق عليها هذا الاسم لأنها تتم دائما بعد عامين تقريبا من بدء ولاية جديدة لأي رئيس أمريكي، حيث يتم انتخاب كامل أعضاء مجلس النواب بمقاعده الـ435 لمدة عامين (حاليا يشغل الديمقراطيون 221 مقعدا مقابل 212 مقعدا للجمهوريين). أما أعضاء مجلس الشيوخ والبالغ عددهم 100 فيتم انتخاب ثلث أعضائه الآن وعددهم 35 نائبا، حيث يتم انتخابهم عادة لفترة مدتها ست سنوات بمعدل الثلث كل عامين، وكذلك سيتم انتخاب 36 حاكم ولاية من إجمالي الـ50 ولاية أمريكية (حاليا 16 حاكم ولاية ديمقراطيا و20 من الجمهوريين) فضلا عن عدد من المناصب المحلية.
وقدرة أي رئيس أمريكي على إنجاز برامجه السياسية، يعتمد بشكل كبير على سيطرة حزبه على الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ. وتعد الانتخابات النصفية نوعا من الاستفتاء على أداء الرئيس الحالي وإدارته بعد عامين من توليه للمنصب، ويسيطر حاليا الحزب الديمقراطي على أغلبية محدودة في مجلس الشيوخ، حيث يشغل الحزب الجمهوري 50 مقعدا والحزب الديمقراطي 50 مقعدا، ما يعطي كلمة الفصل لنائبة الرئيس كاميلا هاريس، التي تشغل منصب رئيس مجلس الشيوخ، وهي الصوت الفاصل للحزب الديمقراطي.
 
قدرة أي رئيس أمريكي على إنجاز برامجه السياسية، يعتمد بشكل كبير على سيطرة حزبه على الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ
 
وتشير الدراسات التحليلية التي يجريها العديد من المؤسسات والجامعات ومنها Morning Consult إلى أن القضايا الرئيسية ذات الأولية لدى الناخب الأمريكي هي بالترتيب: الاقتصاد، الجريمة، الإجهاض، حيازة الأسلحة، التعليم، الهجرة ومرض كورونا. وفي هذه الدراسة أشار 80% من المصوتين إلى أن حالة الاقتصاد ستكون لها الأولوية على قرارهم في التصويت، وما يشغل بالهم هو حالة التضخم (التي وصلت لأكثر من 8%) وغلاء أسعار الوقود وارتفاع أسعار الأغذية والمواد الأساسية والخوف من الركود، كما تشير استطلاعات الرأي حسبABC News / Ipsos إلى أن الناخب الأمريكي يثق بالجمهوريين أكثر من الديمقراطيين في قضايا الاقتصاد. ولا ننسى أن مديونية الولايات المتحدة الأمريكية تجاوزت الـ31 تريليون دولار والناتج المحلي الأمريكي في 2021 وصل إلى ما يقرب من الـ23 تريليون دولار ومن المؤشرات الإيجابية مستوى البطالة في أمريكا، الذي وصل مؤخرا فقط إلى 3.5% ويعتبر من المستويات المنخفضة والجيدة. وتأتي الجريمة في المرتبة الثانية من حيث الأهمية ويشير معهد الإحصاء إلى أن نسبة الجريمة في الولايات المتحدة الأمريكية زادت بنسبة 28% في عام 2020 مقارنة بعام 2019. وتأتي قضية الإجهاض في المترتبة الثالثة بنسبة 53% فقد فقدت ملايين النساء في الولايات المتحدة الحق القانوني في الإجهاض، بعد أن ألغت المحكمة العليا حكما صدر منذ 50 عاما جعله قانونيا في جميع أنحاء البلاد، حيث غيّر الحكم حقوق الإجهاض في أمريكا وأصبح من حق كل ولاية على حدة حظر عملية الإجهاض. وفي هذه القضية تميل الكفة للديمقراطيين الذين يحمون حق الإجهاض ضد الجمهوريين الذين يناهضونه. وتأتي قضية حيازة الأسلحة في المترتبة الرابعة بنسبة 53% وهي تعتبر وباء للصحة العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يقتل ما يقرب من 40 ألف أمريكي بالبنادق سنويا (منهم 23 ألفا ينتحرون بسلاح ناري) ورغم أن الدستور الأمريكي يكفل حيازة السلاح، إلا أن هذا الموضوع صار قضية تقسم الجمهور الأمريكي بين الداعم لها، ومن يريد فرض ضوابط ونظم تحد من هذه الظاهرة ويميل الجمهوريون إلى حماية هذا الحق الدستوري بكل قواهم، وبدعم من اللوبي لصناعة الأسحلة النارية في أمريكا. وقضية التعليم تأتي في المرتبة الخامسة بنسبة 50% فضيق الميزانيات على مستوى الولايات للتعليم الأساسي والعالي، ومشاكل عدم المساواة في الدخل وتأثيرها في فرص التعليم العالي والإعفاء من القروض الدراسية كلها تشكل هواجس لدى الناخب الأمريكي. وفي المرتبة السادسة وبنسبة تصل إلى 50% أيضا يأتي موضوع الهجرة كمؤثر أساسي في الناخب الأمريكي، حيث يميل الناخب الأمريكي إلى الجمهوريين في إصلاح قوانين الهجرة وزيادة أمن الحدود وضبطها واعتماد مستوى المهارة للمهاجرين، بسبب تأثيرها الكبير على دافعي الضرائب الأمريكيين. وعلى سبيل المثال تشير انتخابات 2020 إلى تحسن كبير حققه الرئيس السابق ترامب بين اللاتينيين، وهذا يشكل خطرا على الديمقراطيين الذين طالما استمالوا الطبقة العاملة ومنها الطبقة اللاتينية.
وفي المرتبة السابعة تراجع الاهتمام بمرض كورونا (كوفيد 19) إلى نسبة 33% بعد أن تم تخفيض الإجراءات الصحية، فبعد أكثر من عامين وجد مؤشر أكسيوس/ إيبسوس لفيروس كورونا، أن نصف البالغين الامريكيين قد أصيبوا أو يعتقدون أنهم أصيبوا بكوفيد 19 في مرحلة ما منذ بدء الوباء، ومن بين أولئك الذين أصيبوا بالفيروس كان تقريبا ثلثاهم قد تم تطعيمهم بالكامل. ويشهد الكثير من الأمريكيين أن تعامل إدارة بايدن في بداية رئاسته مع أزمة كوفيد 19 كانت على المستوى المطلوب الذي حد من انتشار الفيروس.
لم تلعب تاريخيا قضية تغير المناخ الدور الكبير في صنع الملوك السياسيين في أمريكا، رغم الأصوات المتعالية والصاخبة والمهتمة تجاه هذه القضية الحساسة، ورغم أن الديمقراطيين يركزون عليها، فإن الناخب الأمريكي لديه الكثير من القضايا ذات الأهمية والأولوية، وحدث الشيء ذاته في الانتخابات الرئاسية 2020 فعلى سبيل المثال قال آنذاك ثلثا الناخبين لمركز استطلاع الرأي إديسون ريسيرش، إن تغير المناخ كان مشكلة خطيرة ولكن 29% من المجموعة نفسها صوتت للرئيس آنذاك دونالد ترامب الذي ما لبث أن انسحب من معاهدة المناخ ببارس. ويشهد للرئيس بايدن ربطه قانون خفض التضخم بقانون إنفاق الرئيس الذي يتضمن عددا من الإعفاءات الضريبية واللوائح الجديدة والتمويل والحوافز، التي تركز على الحد من انبعاثات الكربون في البلاد وعلى المدى الطويل. قال أحد المحللين السياسيين «إن من يفهم الطبقة العاملة متعددة الأعراق سيكون الحزب المهيمن في العقد المقبل». وتشير الإحصاءات الأخيرة إلى تراجع شعبية الرئيس بايدن بشكل كبير حيث انخفضت إلى 38% في أكتوبر 2022 ما يعزز فرص وصول الحزب الجمهوري المعارض لمقاعد الأغلبية في الكونغرس، كما جرت العادة في معظم الانتخابات النصفية.
هناك احتمال كبير لأن يسيطر الجمهوريون على مجلس النواب وأن يبقى مجلس الشيوخ مناصفة بين الحزبين مع أفضلية الحزب الديمقراطي بفضل الصوت المرجح لكاميلا هاريس وستختلط الأوراق مجددا، وتلقي بعضا من الشكوك على حظوظ الحزب الديمقراطي وخططه للفوز بولاية رئاسية ثانية بعد عامين.