عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Apr-2024

مشارقة: الثائر فرانز فانون والعنف الذي يمارسه المقهور ضد المستعمر

 

 مركز تقدم للسياسات
 
محمد مشارقة
 
لم اكن أتصور ان يجرؤ كاتب اسرائيلي في هارتس 21 ابريل، على تقديم السيرة الذاتية التي كتبها آدم شاتز مؤخرا عن فرانز فانون، أحد أبرز المفكرين في النضال ضد الاستعمار، في هذا الظرف بالذات حين يخوض الشعب الفلسطيني نضالا عنيفا ضد المستعمر الذي يمارس حرب إبادة وتطهير على أساس عنصري. وهو ذات الموضوع الذي تناوله كتاب السيرة ويظهر كل كتابات فانون التي تدعو الى المقاومة 
 
"في مؤتمر عُقد في أكرا، عاصمة غانا في أبريل 1960، تحدث فرانز فانون - وهو الطبيب النفسي والمفكر. كان عنوان المحاضرة "لماذا نستخدم العنف". وكلمة "نحن" تشير إلى الشعب الجزائري وجبهة تحريره الوطني، التي خاضت صراعا مسلحا دمويا مليئا بالهجمات ضد الاحتلال الفرنسي. فانون، الذي كان يبلغ من العمر 34 عامًا في ذلك الوقت، ليس جزائريًا، ولا حتى مسلمًا. وُلِد في مستعمرة المارتينيك الفرنسية، لكنه كان في تلك السنوات مكرسًا للنضال الجزائري وشغل منصبًا في جبهة التحرير الوطني".
 
وكأنه يتحدث عن النضال الفلسطيني ضد المحتل الإسرائيلي برر فانون في كلمته أمام المؤتمر الحاجة إلى استخدام العنف ضد المحتل بالقول نصا: "الاستعمار هو نظام تأسس عن طريق العنف. وبقوة السلاح، أصبحت الدول أكثر تقدما من حيث تكنولوجيا التدمير، أو أكثر عددا من حيث العدد". وبهذا فرضوا سيطرتهم على الدول الأخرى. مثل هذا النظام، الذي تم تأسيسه بالعنف، لا يمكن إلا أن يظل صادقًا مع نفسه، واستمراريته تعتمد على استمرار العنف... عنف المحتل، الذي يخلق بمرور الوقت حتمًا عنفًا داخليًا لدى الشعب المقهور، ويولد فيه غضب ويبحث عن طرق للتعبير... إن عنف المقهور هو آخر لفتة للشخص المسكون، والتي ترمز إلى استعداده للدفاع عن حياته."
 
إن مسألة استخدام العنف في النضال من أجل التحرر – وموقف فانون من هذا العنف – تقع في قلب السيرة الذاتية المنطوقة لفانون، والتي نُشرت قبل بضعة أشهر باللغة الإنجليزية. وقال مؤلفها، الصحفي والكاتب آدم شاتز المحرر الأمريكي لمجلة "لندن ريفيو أوف بوكس ، في مقابلة صحفية " إنه كتبها لأنه أراد أن يضع فانون "ضمن مجموعة أكبر من الكتاب والثوريين الذين يتعاملون مع المشكلة نفسها: ليس فقط كيفية "تفكيك دولة النظام الاستعماري، ولكن أيضًا كيفية خلق شيء أفضل في مكانه." .
 
يغمز كاتب هارتس من قناة شاتز وسيرته عن فانون، لجهة ان ظروف الستينات والسبعينات كان الاحتفاء بهذا النوع من الكتابات مبررا تحت تأثير التيارات الماركسية الطاغي في تلك الفترة ، ويقول " كان من الواضح أن كل نضال تحرري – من نضال العمال إلى تحرير شعوب أفريقيا – ينطوي على العنف. ومن هم في السلطة لا يتنازلون عنها طواعية. أما اليوم، فمن ناحية أخرى، يُنظر إلى العنف بين معظم الحركات اليسارية باعتباره لغة فاحشة يجب تجنبها بأي ثمن. فلماذا نعود إلى فانون إذا كان "يؤيد العنف" وإذا كانت النضالات التحررية التي دعمها قد انتهت على أي حال؟"
 
ينشغل عرض الكتاب بسؤال: هل "يبرر" فانون أي عنف يمارسه المقهور تجاه المنتصر؟ يعود في ذلك الى الفصل الذي يعرض فيه شاتز فكر فانون الذي سطره في كتابه المرجعي لكل حركات التحرر وهو " معذبو الأرض" والتي يتضح منها "أن العنف في نظر فانون له دور تأهيلي روحي ونفسي للمقهورين، الذين دمرت روحهم وصورتهم الذاتية خلال سنوات القمع والإذلال". ومن ناحية أخرى، يسلط شاتز الضوء أيضًا على صفحات "معذبو الأرض " حيث يعارض فانون سياسة الانتقام، ويشير إلى حدود استخدام العنف وأيضًا تأثيره المرعب على روح المتمردين. كان فانون، على عكس سارتر، يعلم أن التأثير التصالحي للعنف كان مؤقتًا، وأنه بعد ذلك سوف يتحول إلى الداخل ويمكن أن يلتهم المجتمع المتحرر نفسه. - -
-