أوضح بني غانتس الأسبوع الماضي أن حكومته المستقبلية لن تعتمد بأي شكل من الأشكال على الدعم الخارجي، من القائمة المشتركة. وسواء أكان الحديث يدور عن تكتيك استهدف الحفاظ على وحدة «أزرق أبيض» ومنع تسرب الأصوات إلى اليمين، أم بإيمان كامل، فإن موقف غانتس مخطئ من أساسه، ومرفوض من ناحية أخلاقية ويمكن أن يتحول إلى بكاء للأجيال من ناحية صهيونية.
نائب رئيس «الموساد» السابق، رام بن براك، من المعتدلين في «أزرق أبيض»، قال مؤخراً إن القائمة المشتركة تتم شرعنتها فقط إذا وافقت على أن إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي.
لا يكفي يمين الولاء لأعضاء الكنيست. حزب يمثل نحو 80 في المئة من مواطني إسرائيل العرب يجب عليه الاعتراف بأن النضال القومي لشعبه ومعاناة الآباء والأجداد، ومعاناة جميع الشعب الفلسطيني، كل ذلك كان عبثاً وأن دولتهم تعود لشعب آخر.
هذا اختراع مسجل على اسم بنيامين نتنياهو، الذي أضاف طلبا مشابها للعملية السياسية من أجل إحباط أي احتمال للتسوية.
كثيرون من رؤساء الأحزاب الأصولية لا يعتبرون إسرائيل الحديثة الدولة القومية للشعب اليهودي، حتى أنهم يعتبرون الصهيونية بمثابة تجديف. ولكن «أزرق أبيض» يسير خلفهم.
رؤساء «أزرق أبيض» يقسمون بالإخلاص لإسرائيل على اعتبارها دولة يهودية وديمقراطية.
ورغم ذلك هم يتطلعون إلى شراكة مع أحزاب مناهضة للديمقراطية، تقوم بإقصاء النساء وتحتقر حقوق الإنسان وتتنكر للمساواة وتسعى إلى دولة شريعة و/أو تؤيد ضم مناطق وتفرض على الفلسطينيين العيش إلى الأبد كمواطنين من الدرجة الثانية. أيضا في أحزاب «الوسط» يتبين أن الدم يسبق الديمقراطية.
موقف اليمين معروف: هو يتشكل من كراهية العرب بحد ذاتها، والتعامل مع المجتمع العربي كطابور خامس والرغبة في استغلاله من أجل إذكاء الكراهية في القاعدة وإحراج خصومهم. عمير بيرتس في سعيه وراء الصوت العربي واستعداده للتعاون مع القائمة المشتركة يعبر عن موقف معاكس وجدير.
فهو يعرف أن مكانة العرب كأقلية تحولهم إلى شريك طبيعي في الديمقراطية والمساواة، حتى لو كان لا يتبنى الرواية الصهيونية.
في ظهوره في برنامج «السبت الثقافي» في باقة الغربية، قارن بيرتس بين «الإخلاص المزدوج» للفلسطينيين وبين إخلاص يهود الولايات المتحدة لإسرائيل.
تخيلوا الضجة التي كانت ستندلع لو أنه في الولايات المتحدة أو في إحدى الدول الأوروبية كان دمج اليهود مشروطا بالتنكر لإسرائيل. معظم الجمهور الإسرائيلي بالتأكيد يعتقد أن هذه المقارنة مدحوضة؛ لأن الأمر يتعلق باليهود وليس بالعرب.
منذ إقامة الدولة توجد دعوة للمواطنين العرب من أجل الاندماج في المجتمع الإسرائيلي والنضال من أجل حقوقهم وليس من أجل حقوق أبناء شعبهم الذين يوجدون خلف الخط الأخضر.
مع مرور 71 سنة تم استيعاب الرسالة: أشركونا. صرخ زعماء المجتمع العربي، هم وممثلوهم في القائمة المشتركة. وما هو رد ممثلي الأغلبية اليهودية، بمن فيهم من يسمون أنفسهم معتدلين وعقلانيين؟ ابحثوا عنا في الحملة.
موقف غانتس يعني أن التعاون مع القائمة المشتركة خطير على إسرائيل أكثر من استمرار حملة هدم نتنياهو لسلطة القانون والديمقراطية.
سيسجل التاريخ أن الجمهور اليهودي رفض اليد الممدودة للمجتمع العربي، ما لن يمنع إدانتهم ووصفهم كمن يغرسون سكينا في الظهر عند ترجمة خيبة أملهم إلى غضب واغتراب.
مثلما غنّى منذ زمن يائير نيتساني، الأمر يتعلق بأقلية هي المذنبة دائماً.
«هآرتس»