عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Jun-2024

عملية آرنون تـــحــريــــر الأسرى الأربعة*إسماعيل الشريف

 الدستور

الفرح لحظة والحزن دائم (...)
لم تكن هفوة كما اشيع عندما قال ماتيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: «لإسرائيل الحق في استهداف المدنيين في غزة». فبعد ثمانية أشهر، تمكنت الدولة المارقة بدعم كامل من الولايات المتحدة من تحرير أربعة رهائن. لكن ثمن هذا التحرير كان باهظًا، حيث سقط أكثر من مئتي شهيد مدني غزي، جلهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من أربعمئة مصاب.
اعتبر الرئيس الأمريكي جو بايدن هذا التحرير نصرًا مؤزرًا للكيان، ولم يأتِ على ذكر الضحايا المدنيين الفلسطينيين. لا يُستغرب هذا الموقف، فأجداده حين احتلوا القدس قتلوا أكثر من مئة وعشرين ألفًا من أهل المدينة، دون أن يفرقوا بين مسلم ومسيحي، أو بين رجل وطفل وامرأة.
سُمِّيت العملية بآرنون، وهو اسم توراتي كان يُطلق على وادي الموجب، الذي كان يفصل بين مؤاب والأموريين. لذلك، لا تستغرب من وجود خريطة الأردن باعتبارها جزءًا من الكيان الغاصب في مؤتمراتهم وأدبياتهم. ونحن نحتفل بذكرى تولي جلالة الملك لسلطاته الدستورية الفضية، يجب ألا ننسى أبدًا أن الهاشميين قد حموا الضفة الشرقية من أن تكون جزءًا من الدولة المارقة.
رفعت هذه العملية من معنويات نتنياهو وأعطته دفعة كبيرة، ولو كانت مؤقتة. كما رفعت من معنويات جيش الاحتلال المنهارة، وأضعفت كثيرًا من موقف خصمه غانتس، الذي كان من المفترض أن يستقيل من حكومة الحرب.
وعلى خلاف ما يعتقده بايدن ونتنياهو، فإن هذه العملية والمجزرة المصاحبة لها، والضغط العربي الهائل على حماس، لن تؤدي إلى موافقتها على خارطة طريق بايدن. بل على العكس، فإن حماس ستتشدد أكثر في موقفها ولن توافق على هدنة إلا إذا كانت وقفًا دائمًا لإطلاق النار. وسنرى ردًا عنيفًا من حماس على هذه العملية، وأعتقد أننا لن نشاهد أي رهائن آخرين محررين. فقد قال أبو عبيدة إنه سيتم نقل باقي الأسرى إلى الأنفاق، والذي لم يقله إنه سيتم تفخيخ هذه الأنفاق!
تثبت هذه العملية تورط الولايات المتحدة في الإبادة الجماعية التي تجري في غزة. فلولا المعلومات الاستخباراتية الأمريكية التي وفرتها، لما عرف الكيان شيئًا عن أسراه. هذا بالطبع يضاف إلى سلسلة فشل الكيان المستمرة منذ السابع من أكتوبر. كما يثبت أن الميناء الأمريكي لم يكن أبدًا لتقديم المساعدات للغزيين، وإنما لتنفيذ أجندات خبيثة. لذلك، قد نرى استهدافًا للميناء.
أراد بايدن من هذه العملية أن يمارس ضغطًا إضافيًا على حماس، ولعلها كانت صفقة مع الصهاينة لعدم التصعيد على الجبهة الشمالية بعد أن وجه حزب الله إهانات كثيرة للكيان. ويبدو أن هذه الخطوة تأتي في إطار استمراره في إرضاء اللوبيات الصهيونية في الانتخابات القادمة.
وأثبتت هذه العملية أن الولايات المتحدة لم تكن جادة في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإنما كانت تسعى لوقف يساعد بايدن في انتخاباته ومحاولة استعادة أصوات العرب والمسلمين والأقليات الأخرى، بالإضافة إلى إعادة تموضع جيش الكيان. كما يريد بايدن، في حال تم تحقيق وقف لإطلاق النار، أن يظهر الكيان كمنتصر في هذه الحرب.
أما على الصعيد الداخلي، فقد زادت هذه العملية من انقسام الشارع الصهيوني الذي يضغط من أجل صفقة يُحرر بموجبها أسراه. وعلى الصعيد الخارجي، ستزداد عزلة الكيان الصهيوني وسيتعرض لمزيد من الضغوط، ولكن هذا لا يدخل في حسابات الصهاينة المدعومين من الولايات المتحدة.
هذه العملية ستزيد من تعقيدات المشهد وستؤجل أي اتفاق، وللأسف الشديد ستؤثر سلبًا على إدخال المساعدات إلى القطاع، حيث يخشى الجميع من المجازر الصهيونية.
في النهاية، قدم بايدن طوق نجاة جديدا لنتنياهو، ولو كان مؤقتًا!