عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-May-2020

العودة التدريجية للحياة تستوجب إعادة النظر في روتين الأبناء

 

ديما الرجبي
 
عمان - الغد-  يشكل الروتين تحديا كبيرا للأبناء؛ حيث يتخذ المراهقون دون غيرهم نمطاً معيناً في استهلاك الوقت، خاصة في ظل بقائهم في المنازل منذ بدء الحجر الصحي بسبب فيروس كورونا.
وندرك بأن اعتيادهم على نمط الجلوس فترات طويلة في المنازل لم يكن بالأمر الهين، واعتمادهم على تلبية احتياجاتهم من خلال الشاشات الالكترونية وهم يشعرون بالراحة أو الاتكالية.
ولأن الحكومة بدأت بالسماح للعودة تدريجيا للحياة الاقتصادية التي يرافقها بطبيعة الحال عودة جزئية للسلوك الاجتماعي الذي اعتاد على نمط مكرر في التعاطي مع متطلبات الحياة، لذلك يجب على الأهالي إعادة ضبط عقارب العادات لدى أبنائهم وتهيئتهم نفسياً لاستعادة حياتهم تدريجياً ليتجنبوا الوقوع في الكسل أو الخمول أو حتى الصدمة.
ما بدأ بتغيير جذري بالعادات يجب أن يعود بتغيير جزئي، لخلق توازن يتماهى مع الظروف التي فرضت هذا “التأرجح” إن صح التعبير، ولذلك يجب أن يبقى المراهقون على اطلاع بالمستجدات الحاصلة وكسر حاجز الانغلاق تدريجياً؛ حيث إن جائحة كورونا فرضت تحدياً على أبنائنا وألزمتهم بالتكيف مع الإقامة الجبرية، واليوم أصبحت الأمور تتخذ منحى مطمئنا للعودة إلى قواعد الحياة الطبيعية.
سيتساءل الأبناء حول مدى أمان الخروج من المنزل إلى الشارع، وهل بإمكانهم لقاء أقاربهم وأصدقائهم، وهل ستعود الأمور الى طبيعتها أم أن هذه المرحلة مؤقتة؟ وكمّ هائل من الأسئلة سيلقى على الأهالي، وهنا يأتي دورنا في تخفيف وطأة الخروج من الحجر الصحي للعودة تدريجياً من ناحية نفسية إلى الحياة الطبيعية مع التحفظ على الاندفاع التام في التفاؤل.
يجب على الأهالي عدم الالتفاف على الحقائق؛ حيث إن فيروس كورونا ما يزال يعبر البلاد ويصيب العباد ولا يوجد له علاج أو لقاح حتى اليوم، وهذا يعني بالضرورة الالتزام بالتباعد الاجتماعي وبارتداء الكمامات والقفازات الطبية عند الخروج، وهو ما سيجده بعض المراهقين مدعاة للسخرية ولن يتقبلوا إلزامهم بهذه الخطوة.
لذلك يجب بناء معلومة لأبنائنا تفيد بأن العالم قبل كورونا ليس كما بعدها، وهو ما يتطلب قبول التغيير على كافة الأصعدة بدءا من كيفية العودة بحذر وما يترتب عليها من أساليب وقائية -القفازات والكمامات.
الاستقرار في الروتين الذي خلفه كورونا أثناء فترة الحجر الصحي تعرض لهزات ستخلف توتراً وضغوطات نفسية على تصرفات أبنائنا وردود أفعالهم.
جميع هذه المراحل تشكل تحديا لمدى تقبلنا للتغييرات الحاصلة، لذلك يجب التأقلم بكل ما تحمله من تذبذبات؛ حيث نرى أن مفتاح الاستقرار النفسي لأبنائنا يكون بإعدادهم لمرحلة جديدة يتعاطون من خلالها مع حياتهم الاجتماعية والأكاديمية ضمن المستجدات والتعليمات لتمكينهم من التعاطي مع العالم الجديد الذي سيخلفه كورونا.
ولا ننكر بأن هذه الفترة وما يليها ستكون حاسمة في مدى انعكاس تصرفات أبنائنا إيجاباً أو العكس، وهو ما يشكل عبئا نفسيا لكل أسرة، فكلما اقتربوا من الاستقرار يعترض طريقهم ظرف استثنائي يؤثر على مدى تقبلهم لكل ما هو جديد.
المراهقون بالعادة يميلون لعدم الالتزام بالنظام وضبط النفس واستقرارهم العاطفي هش جداً، ولابد من إحاطتهم بقدر كافٍ من المعلومات المبسطة والتوجيهات اللينة وحثهم على تقبل العالم الجديد وإبراز إيجابياته بدلا من التركيز على سلبياته وفوضاه، وبالنهاية المراهقون كغيرهم يبحثون عن محيط آمن يكفل لهم حقهم في التعبير عن مشاعرهم ويهدء من روع قلقهم، ولا ننسى بأن أكبر عدو للنمو الصحي لأبنائنا هو التناقض في أسلوب الحياة.
ومن جهة أخرى مبشرة للأهلي، لابد أن يدركوا بأن المراهق يتطور بأدواته العقلية والنفسية والعافية، وقد تسهم هذه الفوضى في بناء شخصياتهم بحيث يصبحون أكثر انفتاحا على التغيير، إذا ما احتضنا هذه الفترة من أعمارهم وعملنا على توطيد العلاقة بيننا وبينهم لخلق حلقة ثقة تجنبهم الوقوع في اعتمادهم الذاتي على تصورهم لمحيطهم إلى أن يشاء الله وتعود الأمور لطبيعتها.
 
كاتبة متخصصة في مجال قصص الأطفال ومدربة صعوبات تعلم