عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Feb-2019

شرکاء في الجریمة! - مکرم الطراونة
 
الغد- لیس بالأمر المستغرب أن یعمد شخص ”یتقوقع“ خارج حدود المملكة إلى إنشاء صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الإساءة إلى وطن، وشخصیات رسمیة سواء اتفقنا معھا أو لم نفعل، فھذا مرض وجبن لا علاج لھ مھما تعددت محاولات ذلك، فھذه وضاعة تسیطر على السلوك بأكملھ، وتجعلھ بانحدار مستمر، حتى الوصول إلى مكان لا توجد فیھ أي فضیلة.
ولیس بالمستغرب، كذلك، أن تنتعش ”تجارة“ الإشاعة بین الناقمین أو الحاقدین أو الراغبین بتحقیق مآرب خاصة، خصوصا أن العالم الافتراضي فضاء رحب یوفر خدمات بمستوى خمس نجوم لمثل ھؤلاء الذین لا یتوانون عن بث سمومھم یمینا ویسارا، غیر آبھین بما قد تسببھ من كوارث، أو ما قد تصیب بھ أبریاء لا ذنب لھم سوى أنھم وقعوا تحت قصف تلك الإشاعات.
لكن ما یثیر العجب أن یسارع الأردنیون إلى متابعة مثل ھذه الصفحات، ویتفاعلون معھا، بل یأخذون ما تورده من إشاعات ومغالطات على محمل الجد وكأنھا حقائق ومسلمات، حیث یخضع مواطنون أنفسھم لھرطقاتھا، ویسمحون لھذا الوباء بالانتشار في أجسادھم من دون أن تتحرك مكونات أدمغتھم للتفكیر لبرھة والتساؤل: ھل ما ینشر یتماشى مع العقل والمنطق؟.
ھناك من یفسر الانسیاق وراء مثل ھذه الأخبار ومصادرھا بفقدان المواطن ثقتھ برجالات الدولة
والمسؤولین الذین لم یساھموا بوقف الفساد ومحاصرتھ، حتى أن بعضھم كان جزءا من منظومة الفساد التي استشرت، مقدمین مصالحھم الشخصیة على حساب المصلحة العامة. لكن المسائل لا
یمكن أن یجري قیاسھا بھذا الشكل، فإذا كان ثمة من ساھم بالفساد والإفساد فھذا لا یعني أبدا أن
ننساق إلى نسیج خیال ترسمھ فئة متمترسة خارج أسوار المدینة، لا تقوى على المواجھة، ولا نعرف مآربھا وأھدافھا وأجنداتھا، إذ لا یجوز أن نساھم بالإضرار بوطننا لأننا ضد الفاسدین، أو لأننا غیر قادرین على رؤیة ضوء في نھایة النفق.
حین تفتح صحفة Law Jordan التي لا تتوانى عن نشر العلقم في أجواء البلد، تجد أن أكثر من 44 ألف شخص أبدوا إعجابھم بھا خلال فترة قصیرة. ھذا أمر أحسبھ عادیا، إذ لا یتوجب محاسبة شخص على مجرد إعجابھ بصفحة ما، لكن أن ینتقل من صفة الإعجاب إلى الفعل عن
طریق نقل المحتوى عبر قنوات التواصل من خلال مضامین تغتال الشخصیة ومفردات تشھر بشخصیات مستھدفة، فھو یكون بذلك قد اشترك بالجریمة التي تحاسب علیھا القوانین.
أجھزة الدولة المختلفة تتبعت سیر ھذه الصفحة لتجد مصدرھا ألمانیا، وتكشف عن اسم منشئھا.
لكن ھذا لا یكفي، إذ أننا ھنا قد ننجح في معالجة نصف المشكلة، فیما النصف الآخر ما یزال یعیش في غفلة برھنھ ذاتھ للإشاعات التي تخلف أضرارا أمنیة وسیاسیة واقتصادیة واجتماعیة.
ھذه الفئة تبحث عن الإثارة في مستنقع آسن، تسيء فیھ إلى سمعة كثیر من الأبریاء الذین لا ذنب لھم، كما تسھم في تدویر الإشاعات وتضخیمھا، بحیث تصبح وقودا في معارك شخصیة أو معارك كبیرة ضد البلد بأكملھ، فیما ھي غافلة تماما عما یجري. ولكن لا یعذر جاھل بجھلھ!.
إن التعامل مع ھذه المعضلة یكون بتوعیة الناس بأھمیة مواقع التواصل الاجتماعي، والرسالة التي أنشئت من أجلھا، وكیفیة التحقق مما ینشر، وتحمل المسؤولیة تجاه تقییمھ. لكن، وللأسف
الشدید؛ دعونا نعترف أن ھذه الآلیة لم تنجح رغم الجھود التي بذلت وتبذل، فما یزال حب الإثارة والبحث عن المختلف سمة غالبة لرواد مثل تلك الصفحات! أما الحل الثاني، فھو أن یتسع نطاق عملیة التتبع لمثل ھذه الصفحات، لتطال، أیضا، كل من یتبرع بنقل أي إشاعة وترویجھا على أساس أنھا حقیقة مسلم بھا.
یجب أن یحتكم الأردنیون للمنطق والعقل عند تعاملھم مع مثل ھذه الصفحات التي تعكس صورة سوداویة عن المجتمع وشخوصھ، ویجب أن یدركوا أن بدایة الانزلاق تبدأ عند تغییب العقل، والاحتكام للعدمیة.. وأحیانا، تصدیق كل ما یسيء إلى البلد عن سابق إصرار وترصد!.