عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    18-Oct-2019

زیارات عائلیة تقلصها شقاوة الصغار ویفسدها تذمر الکبار
ربى الریاحي
عمان–الغد-  بالتصریح أو التلمیح، تلجأ بعض العائلات، وخاصة تلك التي كبر أبناؤھا، إلى إشعار أقربائھا أو جیرانھا أو حتى تلك الأسر الصدیقة لھا بانزعاجھا الشدید من اصطحاب أطفالھم المشاغبین وكثیري الحركة، أولئك الذین لا یھابون أحدا ولا تردعھم القوانین.
وھذا الشعور حتما یتسبب في تخفیف الزیارات العائلیة إن لم یكن أیضا انعدامھا تماما، فھناك الكثیر من الأسر التي تضطر للاعتذار عن حضور مناسبات اجتماعیة رغبة في تفادي الإحراج، وھربا من تلك الملاحظات التي تستنكر وجود الأطفال في مثل تلك اللقاءات التي یحاول البعض اقتصارھا على الكبار، بحجة أن شقاوة الصغار تفسد علیھم سعادتھم وحاجتھم الملحة للھدوء.
تنزعج كثیرا أم مجد من قریبتھا التي تطلب منھا في كل مرة تقرر أن تزورھا إبقاء أطفالھا في البیت، تقول إن الاعتذار عن الزیارات المحاطة بالقیود، وتلك التي یظھر جلیا فیھا التوتر من وجود أطفالھا، والتضایق المرسوم على ملامح البعض ھو خیارھا الوحید.
وتضیف ”صحیح أشعر بالملل لكوني أمتنع عن الخروج بمفردي، لكنني في المقابل أجد راحتي في ذلك“، والسبب أنھا تعرف مسبقا أنھا لن تكون مستمتعة أو حتى مرتاحة نفسیا عندما تترك أبناءھا وحدھم في المنزل، مبینة أن أطفالھا ما یزالون في أعمار صغیرة جدا لا یمكنھا أبدا الاعتماد علیھم.
وتقول إنھا بغنى عن تلك الجمعات التي من شأنھا أن تقیدھا، وتخسرھا أحد أبنائھا، لافتة إلى أن لجوء البعض إلى الطلب الصریح بعدم اصطحاب الأطفال ھو تجاوز لمشاعر الأھل وقطع للكثیر من العلاقات، رغم احتیاجنا لأن نكون قریبین من بعضنا بعضا، وضرورة إبقائنا على تواصل دائم حتى وإن أشغلتنا الحیاة.
أما أم إبراھیم التي تصاب بالصداع والتعب النفسي والجسدي كلما زارتھا جارتھا بصحبة أطفالھا الأربعة، فتقول إن حالة من الاستنفار تسیطر على المنزل، وذلك نتیجة للفوضى التي یحدثھا أطفال جارتھا.
ٍ وتوضح، أن بكاءھم غیر المبرر وبصوت عال والعبث بالأثاث وتخریبھ وسكب المشروبات المقدمة لھم على الأرض، كلھا تصرفات تضایقھا جدا، وتفرض علیھا القیام بحملة نظافة لكل البیت بعد مغادرتھم.
تقول، المشكلة أن زیارتھم تمتد لساعات طویلة تتسبب في إرھاقھا وشد أعصابھا، ورغم تلمیحاتھا الكثیرة لجارتھا بأنھا منزعجة، إلا أن ذلك بدون فائدة، فجارتھا متساھلة كثیرا مع أبنائھا، وتتركھم على راحتھم یعبثون بدون أن تحاول تخویفھم ومنعھم، مبینة أن استھتار بعض الأمھات یدفع الأبناء إلى التمادي، وعدم احترام مقتنیات البیت والإساءة بدون قصد للأسر المضیفة بشتى مظاھر الإزعاج.
الأخصائیة النفسیة أسماء طوقان، تقول ”قد یتسبب الأطفال المزعجون بالحرج الكبیر لوالدیھم، مما یجعلھم یضطرون إلى ضربھم أو توبیخھم أمام الآخرین، بسبب سلوكیاتھم المزعجة مثل؛ الحركة الزائدة والصراخ وتخریب ممتلكات الآخرین والعبث بھا والبكاء واستخدام العنف، مما یؤدي إلى انزعاج الآخرین منھم“.
”ولكن، یجب على الأھل معرفة الأسباب التي أدت إلى ھذه السلوكیات المزعجة“، وفق الأخصائیة طوقان، فالكثیر من الأطفال عند خروجھم من المنزل مع والدیھم، وخاصة عند زیارة أحد الأقارب، یكونون متحمسین لمقابلة وجوه جدیدة واللعب مع الأطفال، وقد یشعرون بالإحباط عند عدم تواجد أطفال من سنھم، فیحاولون تسلیة أنفسھم بقیامھم باستكشاف المنزل، مما یزعج أصحابھ. وتضیف ”وقد یقومون بالصراخ والبكاء أو القفز على الأثاث والقیام بحركات مزعجة من أجل لفت الانتباه من الآخرین للتحدث معھم والاھتمام بھم وعدم تجاھلھم“.
وتبین ”في ھذه الحالة، یجب على الأھل عدم الضحك لھم أو تشجیعھم عندما یقومون بھذه السلوكیات ویجب معاقبتھم، ولكن لیس أمام الناس“.
وتشیر ”ولتجنب حصول ھذه الأمور، یجب على الأھل التحدث مع أطفالھم قبل الخروج من المنزل، وتوضیح بعض القوانین لھم مثل احترام المكان الذي سیذھبون لھ وتجنب انتشارھم في جمیع أجزاء المنزل، وتوضیح مفھوم الخصوصیة للأطفال وأیضا تشجیعھم عند التزامھم بالقوانین المحددة بمكافأة حتى تصبح عادة عندھم مع الوقت“.
وتوضح ”في حال عدم التزامھم بھذه القوانین، یتم استخدام أسلوب العقاب معھم، ومن الأفضل ألا تكون مدة الزیارة طویلة، لأن الأطفال یشعرون بالملل سریعا، أو ینصح بأخذ لعبة مفضلة للطفل، لیلعب بھا عند شعوره بالملل، وخاصة عند زیارتھم أشخاصا لیس لدیھم أطفال“.
وتلفت ”قد تكون ھذه السلوكیات المزعجة لبعض الأطفال نتیجة اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، فھنا الأمر لیس بید الطفل، وخاصة عندما تكون حركتھ خارجة على السیطرة، فیجب مراجعة الطبیب النفسي في ھذه الحالات لمساعدة الطفل“.
ویقول الأخصائي التربوي الأسري الدكتور عایش نوایسة ”یعد التواصل الاجتماعي وصلة الرحم من أھم سمات المجتمع العربي والإسلامي عموما، وتتجسد عملیة التواصل من خلال الزیارات العائلیة والمشاركة في الأفراح والمناسبات“.
ویضیف ”إلا أن ما یفسد ویعكر ھذه الزیارات ھو شقاوة وعبث الأطفال، واللذان یسببان انزعاجاً كبیراً، وعادة ما یظھر أصحاب البیت انزعاجھم من الأطفال بطریقة ذكیة بالحدیث عن سلوكیات أبنائھم، وأنھم لا یحبذون أن یكونوا معھم في الزیارات والمناسبات العائلیة“.
ویلفت نوایسة إلى أن الطفل المزعج عادة ما یتسبب في إثارة أعصاب كل من حولھ، خاصة المقربین لھ، مما یصعب على جمیع المحیطین بھ التعامل معھ، ویضطرون إلى استخدام أسلوب الشدة والعنف معھ لتوفیر الراحة والھدوء للآخرین، ولكن في كثیر من الأحیان لا تأتي ھذه الشدة والحزم بفائدة مع الطفل المزعج.