عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Aug-2025

"انت لا تعجبهم": لماذا يرى الصحفيون الآخر بطيئًا|أ. صفاء الرمحي


عمون

هل سبق لك أن تعاملت مع صحفي ولاحظت مدى إلحاحه ورغبته في إنجاز الأمور "الآن وفورًا"؟ قد يبدو الأمر كأنهم يعيشون في سباق دائم مع الزمن، وغالبًا ما ينعكس هذا الشعور على تعاملاتهم مع القطاعات الأخرى، فيرون المبرمج بطيئًا، والمحاسب متأخرًا. هذا الإلحاح ليس وليد الصدفة، بل هو جزء لا يتجزأ من الحمض النووي للمهنة. فالمعلومة في عالم الصحافة لها تاريخ انتهاء صلاحية سريع جدًا؛ الخبر اليوم هو حديث شؤون الساعة، وغدًا قد يصبح قديمًا أو غير ذي صلة. هذا الضغط المستمر ليكونوا أول من ينقل الخبر، أو أن يغطوا حدثًا عاجلًا فور وقوعه، يغرس فيهم عادة التعامل مع كل مهمة على أنها "عاجلة".

تخيل غرفة الأخبار، هواتف ترن باستمرار، شاشات تعرض آخر التطورات العالمية، مراسلون في الميدان يرسلون تحديثات فورية، ومواعيد نهائية للبث أو النشر تلوح في الأفق. هذه البيئة شديدة الدينامية تتطلب استجابة فورية. الصحفيون مُدربون على اتخاذ قرارات سريعة تحت الضغط، والبحث عن المعلومة والتحقق منها، وصوغها ونشرها في غضون دقائق أو ساعات. هذا التدريب المكثف على السرعة والكفاءة يدفعهم لرؤية أي تأخير غير مبرر مضيعة للوقت وفرصة مهدورة.

هذا التفاوت في التوقعات يمكن أن يؤدي أحيانًا إلى سوء فهم أو احتكاك بين الصحفيين والمهنيين في القطاعات الأخرى. الصحفيون، بحكم طبيعة عملهم، لديهم توقعات عالية جدًا بشأن سرعة الإنجاز، ويتوقعون من الجميع أن يشاركهم هذا الإحساس بالإلحاح، يمكن أن ينظروا إلى التأخيرات، حتى لو كانت مبررة تمامًا من منظور آخر، على أنها عدم كفاءة أو نقص في الالتزام.

وهكذا، ليس غريبًا أن نرى الصحفيين ينتقلون بسلاسة إلى قطاعات أخرى كالـعلاقات العامة، التسويق أو حتى الأدوار القيادية في مؤسسات مختلفة، ما قد يبدو تحولا مهنيا كبيرا هو في الواقع امتداد طبيعي لمصفوفة فريدة من المهارات التي يكتسبونها في قاعة الأخبار. فالصحفي شخصية ديناميكية ومنجزة، وهذا ليس مجرد وصف، بل حقيقة تدعمها طبيعة عمله الأساسية. يملك الصحفيون فهمًا عميقًا لـتأثير الكلمات والصور والأصوات في الجمهور. هذه ليست مجرد معرفة نظرية، بل هي مهارة صُقلت عبر رحلة سنوات من صوغ القصص التي تجذب الانتباه وتلامس الوجدان.