الدستور
بِسِحرٍ لا يفعله إلّا عباقرة الاستهبال، طلع بيبي نتنياهو يرشّح دونالد ترامب لنوبل السلام وهو يبتسم كأنّه اكتشف مسحوق غسيلٍ يبيّض التاريخ الأسود بضغطة زرّ. وهنا يولد الكائن الهجين: «ترامياهو» نصّه «مقاول جدران» ونصّه «سمسار صفقات سلام»؛ مخلوق يوقّع معاهدات بيدٍ ويبيع صواريخ أرض–أرض بالأخرى.
تخيّل لجنة نوبل تستقبل الطلب مرفقًا بصورة سيلفي على أنقاض جدار الفصل وأخرى قدّام سور المكسيك. الرسالة تقول: «المرشَّح أوقف حربًا بخمس تغريدات وقصفَ مفاعلًا نوويًّا بستّ نعَمْ»، وكأنّ فضَّ النزاعات صار عرض «بلاك فرايدي»: اشترِ ضربةً جويّة واحصل على هدنة مجّانًا!
من زاوية أُخرى، «ترامياهو» يقدّم للعالم نموذج السلام المُدجَّج سلام يُوقَّع تحت ضوء صواريخٍ ما زالت دافئة. هو سلام يمشي على مبدأ «اضربْ ثم تفاوضْ ثم اطلب الكأس»، تمامًا كتكريم صاحب مقهى لجمعه أكواب زجاج محطَّمة بعد مشاجرة مفتعلة.
أما الزاوية الأشهى: الترشيح نفسه قنبلةُ دخانٍ إعلاميّة؛ الأول ينشر غسيل سُمعته على حبال أوسلو، والثاني بيفَرْط له شُقَق مطلّة على قبّة الصخرة كاش وبلا فاتورة. هكذا يغطّي نتنياهو لوائحه بجرائم الحرب، بينما يلمّع ترامب علامته قبل موسم الانتخابات، فيصفّق الواحد للآخر وكأنهما يُتْقنان فنّ «غسيل السمعة المتبادَل».
يعني، يا صديقي، لو صدّقت هالحكاية فأهلاً بك في زمنٍ تُمنَحُ فيه جائزةُ الإطفائيّ لمن يشعل الحرائق أوّلًا. وعندما يفوز «ترامياهو» بنوبل، احجزوا لبيبي «غينيس» في عدد خطوط الهدنة المخرومة.