عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Apr-2020

ليلة النصف من شعبان .. فرصتنا للصُلح مع الله - المفتي محمد أمين غاليه

 

الدستور- أيام طويلة تمرُّ على شعوب الأرض كافة، اجتمعت قلوبهم على همٍّ واحد، خوف من عدو صغير لا يُرى بالعين المجردة، أُغلقت المحال، وخلت الشوارع من عُمارها، مع إطلاق صفارات الإنذار يتحصن الناس خلف جدرانهم فلا تُحس منهم من أحد ولا تسمع لهم رِكزاً، استنفذت الطاقات، وضجّت المستشفيات، واستنفرت الحكومات، توقفت حركة العالم عن الدوران مشهد يذكرنا بعجز الإنسان وضعفه مهما بلغت عظمته وقوته، أو كما يظنّ في نفسه من القوة والعظمة. ولكن مع هذه المحن يبقى هناك دائماً حبل متين لا ينقطع، ووثاق غليط لا ينحل، يبقى هناك رباط الأرض بالسماء، التي لا تُغلق رحمتها،  ولا ينقطع عطاؤها، ولا تسكن نفحاتها،،، (فما ظنُّكم برب العالمين) الصافات: 87.
 
في هذه الظروف نحن الآن أمام باب عظيم من أبواب هذه الرحمات، هو ليلة النصف من شعبان التي قال فيها نبينا صلى الله عليه وسلم: «إن الله يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن»، فهي إذن الليلة التي دعانا فيها الله تعالى للصُلح بينه وبين عباده، والصلح بين الناس جميعاً، ليتم لهم المغفرة والرضى وبالتالي رفع ما بهم من بلاء وسخط وغضب، شروط الصلح واضحة، وهي طهارة القلب عن القسوة على الناس،، إصلاح القلب عن البغض للآخرين ومشاحنتهم، الابتعاد عن أذى الناس واستغلال حاجاتهم وظروفهم.
 
وفي زمن كثرت في التأويلات والاجتهادات، واختلاف ظنّ الناس بالله تعالى وبمراده، فإن الله تعالى يقول في الحديث القدسي، «أنا عند ظنّ عبدي بي، فليظن عبدي بي ما شاء»: فيا من ظننت أن الله تعالى غاضب على البشر وإنما الوباء عقاب له،، فإن الله عند ظنّك به،، فسارع للتوبة من ذنبك وتقرب إليه بالاستغفار وأقبل مسرعاً إلى الطاعات في هذه الليلة الفضيلة علك تكون من الصالحين المصلحين شؤونهم مع ربهم.
 
ويا ظننت بالله أنه سلط الوباء على الناس ابتلاء منه ليمتحن صبرهم، فهو عند ظنّك الأكيد، وهي دعوة لك للرجوع إلى الله تعالى وأن تدرب نفسك على الصبر عند المشقة، والاجتهاد عند الطاعة.
 
ويا من تظن إنها من علامات الساعة ودليل على اقتراب موعدها، أجب نفسك عن سؤال نبينا صلى الله عليه وسلم «وماذا أعددت لها؟»، فإن كان حباً لله ونبيه فهنيئاً لك، وإن كان في نفسك تقصير، فهي فرصتك لتعزز علاقتك مع ربك.
 
وإما إن كانت رحمة من الله تعالى وهي كذلك في جميع أحوالها فإننا ندعو الله تعالى أن يرينا رحماته في معافاتنا وبلادنا وأن يلهمنا الشكر عليها..
 
وختاماً فإن نبينا صلى الله عليه وسلم يقول: «إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا» فلنجتهد في هذه الليلة المباركة بالتعرض لنفحات رحمة الله بالعبادة والدعاء علنا نصلح ما بيننا وبين ربنا فهو الذي يُجيب المضطر إذا دعاه..ويكشف السوء عمن ناداه..