عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Dec-2019

حان وقت إعلان فشل التحالف في اليمن - محمد الدهمي

 

 الجزيرة - من المضحك حقاً النظر إلى ما يجري في اليمن، النظر بعمق إلى مشكلة تعد في حد ذاتها أضحوكة. سنواتاً تعبر عن هزل وسخرية، تلاعب في حق شعباً مسكين لا يقوى على أدراك الحقائق بل لا يعي العدو من غيره. وفي النهاية تغرق اليمن في أنهار من الدماء ولا شيء يذكر فيه غير الخيبة والشؤم بحق بلد ماضيه اسوء من السيء، ولا شيء يعاد غير أشياء تذكر بالمهانة والذل.
 
شكل تحالف من عدة دول بقيادة السعودية سمي بعاصفة الحزم، وفي الحقيقة لا يوجد أي حزم، وبعين الموضوعية يمكننا أن ندرك ذلك. سنوات من الدمار والحرب لم ينجز منه أي تقدم ولم يتحقق نجاحاً جيداً، بل صمود جماعة أمام دول تعد نفسها أنها من الطراز الأول في الهيمنة والريادة، كان من المقرر أن تكون مدة العاصفة مقتضبة و وجيزة ولكن تبين الأمر واتضح أن الأوهام غطت على الموقف، وأن السعودية وجدت قوة صلبة فقدت الحيلة حيالها. بل وجدت قوة تهدد أمنها بالوقت نفسه وأمن حدودها ناهيك عن الصواريخ التي تطال بلادها، قالوا عنها عاصفة واتضحت أنها هواء طلق زاد الحوثي تنفساً وروقاناً، بل أصبح التحالف عذراً قوياً يستخدم من قبل جماعة الحوثي في أقناع الضعفاء أنه عدواناً سافر ضد اليمن. لم يكن الضعفاء فقط قد اقتنعوا بذلك بل أن الجميع باتوا يوقنون أن التحالف في حقيقة الأمر لا يعمل لصالح اليمن.
 
ستخرج السعودية خاسرة من حربها التي قادتها بفشل ذريع، وسيتحول من تحالفاً إلى عدواناً دمر بنية تحتية وعمل في قتل أناس أبرياء، وستكون النهاية تفاوضاً حوثي سعودي خارجاً عن أطار الشرعية
فتحت جبهات كثيرة على الجغرافيا اليمنية، منها أغلقت، ومنها خرج الحوثي منتصراً مقارعاً أكثر من عشر دول. أفراد تتقدم على الأرض دون أن تملك غطاء جوي، بل لا تملك الأسلحة الثقيلة بما تعنيه الكلمة، وتعتبر أقلية قصوى مقارنة بتحالف كل السبل متوفرة فيه. والحقيقة تقول بأن الحرب في اليمن فضحت مدى جبن وضعف دول التحالف في الحفاظ على ما أسموه بحماية سيادة الوطن العربي من النفوذ الايراني، وانعكست الحكاية، وتبين أن الجماعة قارعت دولاً بأبسط السبل التي لا تمكنها من أن تبني قوة ربع القوة التي تسمى بقوة دول بالتحالف.
 
وإلى جانب فشلاً ذريع من قبل التحالف فأن الحوثي يمشي بمشروعه آمناً مطمئناً قوياً متحدياً، ولم نجد ذلك الضعف والهوان، وقبل كل ذلك ازدادت مشاكل الشرعية. لاحظنا تلاعباً علني من قبل الإمارات حيث قامت بإنشاء عدة مليشيات موالية تخدم مصلحتها في امتصاص ما تبقى لليمن من حلم، وفي النهاية أي شرعية يمكننا أن تحدث عنها، وأي استعادة شرعية يمكننا الإفصاح عنها. بل في الحقيقة الأمر بات مثير للخزي أن نسميها باستعادة شرعية، حيث قام ما سمي بالتحالف بتجريد الشرعية من عودتها إلى المناطق المحررة. لا اختلاف ما بين الأماكن التي يسيطر عليها الحوثيين عن بقية المناطق التي سلبت منه، فجميع المناطق تعاني من نفس المشكلة، وهي تلك المشكلة التي لا تجعل الشرعية تتنفس بل لا توجد شرعية حالياً.
 
ستخرج السعودية خاسرة من حربها التي قادتها بفشل ذريع، وسيتحول من تحالفاً إلى عدواناً دمر بنية تحتية وعمل في قتل أناس أبرياء، وستكون النهاية تفاوضاً حوثي سعودي خارجاً عن أطار الشرعية، وستنتهي الشرعية بشكل ما، بل ستضل الشرعية معدومة، وكما قامت السعودية سابقاً بدعم الحكم الأمامي ستعود لتشكيل حكم أمامي جديد، وعلى كل حال لم نجد من ذي قبل أي شيء جيد قامته به السعودية في خدمة الشعب اليمني كجار وشقيق، بل أنها تريد أضعاف اليمن تشتيه وهوانه، وما كانت لتقوم بشن حرباً ضد الحوثي لو لم يكن المتبني لتك الجماعة عدوا لدود للسعودية وهي إيران.
 
ولكن قبل كل شيء هناك مشروعاً إيراني يهدد أمن المنطقة. وفي الحقيقة جماعة الحوثي ليست جماعة تريد الحكم وحسب.. بل يعد هدفها أكبر وأعظم من ذلك. لو أنها جماعة تريد الحكم لقبلت بمخرجات الحوار الوطني أو اقتنعت أن الشعب يرفضها نوعاً ما أو لعل نظرتها ازاء السعودية كانت مختلفة، وما كنا لنسمع ذلك الخطاب ضد السعودية. بل الهدف هو خلخلة الوطن العربي ودول الخليج بداية من السعودية. ولعلنا ندرك جيدا أن الحل الوحيد للتخلص من تهديد يمس بأمن المنطقة هو استعادة الشرعية بشكل جلياً وجاد.