عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Aug-2025

سياسيون للدستور: استقرار سوريا أولوية حيوية للأردن

 الدستور - ماجدة أبو طير

 
يشكل استقرار سوريا أولوية حيوية للأردن، لما له من ارتدادات على الحالة الأمنية الأردنية وكذلك أثر ذلك على الملفات الكثيرة المشتركة، انطلاقا من ملف اللاجئين السوريين إلى تلك الملفات الاقتصادية التي تحتاج إلى إعادة الترتيب والدعم.
 
ويبذل الأردن جهوداً دبلوماسية مكثفة لمساندة سوريا في مسار استعادة الاستقرار، انطلاقاً من قناعته بأن الحل السياسي هو السبيل الأمثل لإنهاء الأزمة وتداعياتها على المنطقة، فقد انخرطت عمّان في حوارات إقليمية ودولية تهدف إلى إعادة دمج سوريا في محيطها العربي، وتعزيز التنسيق الأمني والاقتصادي معها.
 
وفي اجتماع عمان الأخير الذي جمع وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي بكل من وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني والسفير الأمريكي لدى تركيا المبعوث الخاص الى سوريا توم براك، فتم التأكيد على موقف المملكة الداعم لسوريا وأمنها وسيادتها واستقرارها ووحدة أراضيها وسلامة مواطنيها، ورفض كل التدخّلات الخارجية في شؤونها، مُشدّدًا على أن أمن سوريا ركيزة أساسية لأمن المنطقة واستقرارها، وداعيًا إلى احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها من الجميع.
 
وفي حديثهم لـ»الدستور»، أكد سياسيون أن استقرار سوريا ووحدة أراضيها سيحفز بدون شك عودة اللاجئين السوريين من الأردن وسيساعد في اجراء ترتيبات من أجل المضي في إعادة الإعمار، وبالنسبة للأردن الذي يؤكد أن العودة يجب أن تكون عودة آمنة طوعية فإن هذا الاستقرار سيساند هذه العودة.
 
التخفيف من الضغوطات
 
 وأكد النائب الدكتور مصطفى العماوي أن الأردن له جهد حثيث ومستمر في سبيل التأكيد على أهمية استقرار سوريا، والأردن معني بوحدة سوريا وعودة الأمن لها، فهي الجارة القريبة لنا، واستقرارها ينعكس ايجابيا علينا، وعلى الملفات المشتركة بيننا، من ملفات أمنية واقتصادية وسياسية واجتماعية.
 
وبين العماوي أن الأردن واضح وثابت في رسالته، في التأكيد على أنّ عودة اللاجئين إلى ديارهم هي عودة طوعية تحتاج للترتيبات، ومن هنا نرى جهد الأردن المتواصل بدءاً من إعادتها إلى البيت العربي قبل سقوط النظام، وحاليا الجهد للتعاون في ملفات متعددة، وبالنسبة للاجئين فإن الأردن يستضيف أكثر من مليون لاجىء، وفي الحقيقة فإن عودتهم ستعمل على التخفيف من مآلات هذا اللجوء الذي تسبب بضغط على البنية التحتية من حيث التعليم والصحة.
 
ولفت العماوي الى أن عودتهم الطوعية تحقق مصلحة للأردن وكذلك لسوريا، ومن هنا فإن العالم يجب أن يتحرك من أجل تقديم دعم مالي وسياسي لحين تحقق هذه العودة، والقيادة الأردنية تعمل من اجل استقرار سوريا بما له من ارتداد على الوطن العربي بشكل عام والأردن بشكل خاص.
 
وختم العماوي بالقول : نأمل أن تستقر الأوضاع في سوريا التي تعد معبرا حيويا نحو اوروبا وتركيا، فهي قادرة على ربط الشرق بالغرب، وستعمل على إنعاش الاقتصاد الاردني، ونواصل الجهود للمضي في طريق الإعمار والمشاركة به.
 
  دعم التفاهمات
 
 النائب الأسبق، الدكتور ابراهيم بني هاني أشار الى أن استقرار سوريا يشكل عاملا محوريا بالنسبة للأردن، إذ يرتبط البلدان بحدود جغرافية طويلة وتشابك اقتصادي واجتماعي وثيق. فعودة الهدوء إلى الداخل السوري تنعكس مباشرة على أمن الأردن واستقراره، وتفتح المجال أمام استعادة الحركة التجارية وحركة العبور عبر المعابر الحدودية، بما يسهم في تنشيط الاقتصاد الأردني.
 
وبين بني هاني أن استقرار الأوضاع يعدّ مدخلاً أساسياً لبحث ملف عودة اللاجئين السوريين الذين تستضيف المملكة أكثر من مليون منهم منذ اندلاع الأزمة، وهو ما يخفف الأعباء الاقتصادية والخدمية التي تتحملها الدولة الأردنية. ومن هنا، يبرز اهتمام الأردن بدعم أي مسار سياسي أو تفاهم إقليمي يفضي إلى استقرار دائم في سوريا، باعتباره خطوة مفصلية تعزز مصالحه الوطنية وتدعم أمن المنطقة ككل.
 
كما يؤكد الأردن، في مختلف المحافل، على أهمية وضع ترتيبات عملية تضمن عودة طوعية وآمنة للاجئين السوريين، بما يحفظ كرامتهم ويخفف في الوقت نفسه الأعباء الكبيرة التي تتحملها المملكة في استضافتهم. ومن هذا المنطلق، يسعى الأردن إلى بناء تفاهمات مع الشركاء الدوليين والإقليميين لدعم مشاريع إعادة الإعمار وتوفير مقومات الاستقرار داخل سوريا، بما يشجع اللاجئين على العودة.
 
  التنسيق مع دمشق
 
 استاذة العلوم السياسية، الدكتورة رشا عدنان مبيضين قالت: «في ظل انحسار الدعم الدولي وتفاقم التحديات الاقتصادية، يجد الأردن نفسه أمام معادلة شائكة تتعلق بمستقبل أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري على أراضيه. وفي خطوة تحمل أبعادًا سياسية واستراتيجية، تكثفت اللقاءات بين نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي ونظيره السوري أسعد الشيباني خلال الأسابيع الأخيرة، في محاولة لإعادة تفعيل التنسيق الثنائي والتأسيس لمسار عودة تدريجية آمنة وطوعية للاجئين. وبينت مبيضين أن وزير الخارجية لم يخفِ حجم التحديات التي يتحملها الأردن منذ 2011، معتبرًا أن «سوريا المستقرة هي مصلحة أردنية مباشرة». الأردن يعاني من ضغط هائل على البنية التحتية، وموارد شحيحة، وديون متزايدة، فيما يواصل المجتمع الدولي تقليص مساهماته في خطة الاستجابة الأردنية للاجئين السوريين، وقد أظهرت الأرقام الأخيرة أن تمويل خطة الاستجابة للعام 2024 لم يتجاوز 31% من الاحتياجات الفعلية، وهي أدنى نسبة منذ بدء النزوح السوري.
 
ولفتت مبيضين «حتى الآن، يتمسك الأردن بموقفه الرسمي بأن عودة السوريين يجب أن تكون «طوعية، آمنة، وكريمة»، لكن التصريحات الرسمية بدأت تتضمن نبرة أكثر صرامة تجاه المجتمع الدولي، خاصة مع تصاعد ما يُوصف بـ»الإرهاق الوطني» من استمرار الأزمة دون أفق واضح للحل.
 
ويبدو أن الأردن يعوّل على التنسيق المباشر مع دمشق لتهيئة ظروف العودة على الأرض، بدءًا من الجنوب السوري، بالتوازي مع دعم دولي ضئيل يترك عمّان أمام خيارين: الاستمرار في تحمّل العبء منفردًا، أو الضغط نحو انفراج سياسي في الملف السوري.
 
في ظل غياب الدعم، الأردن لم يعد قادرًا على الاكتفاء بالمواقف الأخلاقية وحدها. فالواقع يفرض عليه البحث عن حلول عملية، تبدأ بتقريب وجهات النظر مع النظام السوري، وتنسيق عودة تدريجية، ولو كانت محدودة
 
قد لا تكون العودة قريبة أو شاملة، لكن التوجه الأردني الجديد يعكس قناعة متزايدة بأن «الانتظار لم يعد خيارًا».