عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    31-May-2019

مسجد عجلون الكبير ...من أيقونات العمارة الإسلامية في بلاد الشام

 

عمّان - الدستور - يقع «مسجد عجلون الكبير» وسط مدينة عجلون ويتبوأ مكاناً وموقعاً متميزين؛ حيث يشرف على الطريق الرئيس المؤدي إلى قلعة المدينة، وتنتشر من حولـه العمائر الدينية متل: مَقَام البعَّاج وسِيْدِي بدر وغيره ويُعَدُّ من المساجد الهامّة إنّ لم يكن من أهمها على مستوى الأردن. وما زال يؤدي وظيفته الإنشائية التي أنشئ من أجلها، وهو خير أنموذج باقٍ لجوامع ومساجد الأردن خلال القرن 7هـ/13م؛ لاحتفاظه بتراثٍ مادي يعكس التقاليد المعمارية الأيوبية سواء من حيث تخطيطه أو ضخامة جدرانه وارتفاعها، وارتكاز سقفه على دعامات متينةٍ مثمنةِ الشكل، وبدورها تبين التأثرَ المباشر بين هذا المسجد والمساجد الإسلامية الأخرى في بلاد الشام والعراق ومصر. وتُعَدُّ مئذنة المسجد من المآذن القديمة في بلاد الشام 662هـ/1263م والتي ما زالت تحمل الكثير من السمات التخطيطية والمعمارية لطراز مآذن العصر المملوكي، على الرَّغم من الإضافة التي أحدثت على جزئها العلوي خلال القرن 14هـ/20م إلا َّ أنَّها تبقى واحدة من مآذن الأردن الباقية والقديمة وخير شاهد على العصر.
تاريخ البناء 
 تشير المصادر التاريخية أنّ الملك الصالح نجم الدين أيوب637-647هـ 1239-1247م هو الذي أمر ببناء مسجد عجلون، بعد أن خضعت المنطقة لسيطرته، وولّى على المنطقة أحد أمرائه وكبار قادته علاء الدين ايدكين بن عبد الله البندقدار الصالحي عام 643هـ/1245م علماً أنّ تاريخ البناء لا خلاف فيه؛ إذ أنَّه مُسجَلٌ على لوح حجري مستطيل يعلو مدخل المسجد الشمالي عليه كتابة بخط الثلث نفذت بالحفر البارز تشير إلى تاريخ البناء .
وفي العهد المملوكي، قام السلطان الظاهر بيبرس سنة 661 هـ الموافق 1263 ببناء مئذنة له في زاويته الشمالية الشرقية. وقد وُجد نقش مُثبت على بوابة المسجد فيها: «بسم الله الرحمن الرحيم «إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ» التوبة، 18. هذا ما أنشأ وأعمر العبد الفقير إلى رحمته الراجي عفوه وغفرانه عمر بن دعماش بن يوسف الحميدي؛ المالكي الصالحي والنجمي، في أيام مولانا السلطان الملك الصالح؛ أبو المكارم نجم الدين والدنيا أيوب السلطان بن الملك الكامل محمد بن السلطان الملك العادل؛ أبو بكر بن أيوب بن خليل أمير المؤمنين، جمع الملك خير الدنيا والآخرة وذلك في العشر الأخيرة من شهر جمادى الآخرة المبارك سنة خمس وأربعين وستمائة».
مرّت على مسجد عجلون الكبير ظروف صعبة جداً في التاريخ أهمها كما تشير الروايات وكما ذكر الشيخ الجليل الدكتور أحمد مصطفى القضاة في كتابه ( صفحات من جبال عجلون ) : إنه وفي أيام السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون أتى سيل جارف على مدينة عجلون ومنشأتها وذلك في عام 728هـ - 1328 م، وقد سبب هذا السيل هدم أجزاء من المسجد الجامع شمل الباب الشرقي والرواق القبلي والمطهرة والأوقاف التابعة للمسجد مع الأمتعة والبضائع التي فيها وقد وصلت المياه إلى قلب المسجد حتى بلغ الماء داخله إلى القناديل المعلقة في السقف. ويقول شيخنا الجليل في كتابه أيضا ً: إنه لما انتهت المحنة، وزال السيل تواردت الأنباء إلى نائب دمشق سيف الدين عبدالله، فندب إلى ذلك من يقوم بإعادة المنشآت المتهدمة.
ترميم المسجد
يقول الباحث منذر الزغول « تشير الدلائل التاريخية فإن مسجد عجلون الكبير مرت عليه أزمات عديدة بل وتعرض أحياناً،للهدم في بعض أجزائه، وتمّ إصلاح الأضرار التي لحقت به وبسرعة كبيرة جداً لم تأخذ منهم وقتاً طويلاً،كما هو الحال الآن، بل إن بناء المسجد وما فيه من هذه الروعة في التصميم الهندسي، ومع قلة الإمكانات مقارنة مع كلّ التكنولوجيا التي نمتلكها الآن، لم يأخذ منهم بناء المسجد هذا الوقت الذي نأخذه الآن في عمل الصيانة اللازمة له».
وفي عهد الملك الحسين بن طلال تم إعادة تأهيل وترميم المسجد من الداخل. ومن ثمّ في عهد الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في عام 2014 توسعت عمليات التأهيل للمسجد لتشمل أعمال إعادة تأهيل كاملة وتوسيع للمسجد، وكذلك إنشاء مبنى خدمات ملحق بالمسجد يشمل مرافق صحية ومتوضأ للرجال ومصلى للنساء، وتبليط وتحسين ساحات المسجد وربطها مع المنطقة العلوية المحيطة به، وتعديل مدخل الأدراج، إضافة إلى مظلات خشبية في ساحة المسجد الرئيسة.