عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    28-Apr-2025

متى نبدأ المراجعة؟*فهد الخيطان

 الغد

لا نعرف بعد موعدا لتوقف آلة القتل في غزة. فرص التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار ضائعة في كواليس الوسطاء، وإسرائيل تزيد من وتيرة توغلها في مناطق جديدة داخل القطاع، بينما تكافح حماس لإثبات وجودها في ساحة القتال بعمليات محدودة.
 
 
في الحالتين الشعور بوطأة الكارثة التي حلت بالقطاع وأهله، لم تعد خافية على أحد. أسئلة الطوفان تحاصر الجميع في غزة وخارجها. هناك في لبنان جدل لا يتوقف عن جدوى جبهة الإسناد وما حل بلبنان بعدها. وفي الضفة الغربية كان ثمن المقاومة المسلحة في مخيمات الشمال، نزوح قسري لأكثر من أربعين ألف فلسطيني، واستيطان يبلع الأخضر واليابس من أراضي الضفة الغربية.
 
الأردن كان من أكثر الساحات الشعبية تفاعلا مع مجريات الطوفان والحرب على غزة. ذلك ليس مستغربا بالنظر إلى علاقة الأردن الخاصة بالقضية الفلسطينية، والتركيبة السكانية في المملكة. التعاطف الهائل مع غزة بدا وكأنه قد وضع الجميع في صف المقاومة الإسلامية هناك.
لم يكن بالإمكان طرح الأسئلة النقدية حيال ما جرى في غزة، أو التوقف عند تداعيات الخطاب العاطفي على الداخل الأردني، حضور التيار المناصر لحركة حماس في الشارع وطغيان خطاب المقاومة المسلحة بعد السابع من أكتوبر، وهول المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، شكلت بمجملها عوامل تصعيد وضغط على مفاصل الدول الأردنية، التي وبالرغم أنها اتخذت أقوى موقف سياسي من الحرب إلا أنّ سهام الغاضبين من أنصار تيار المقاومة لم ترحمها.
وبلغت الضغوط مرحلة بدا معها أن أنصار المقاومة المسلحة على استعداد للتضحية بأمن الأردن واستقراره ومصالحه لأجل إنقاذ حركة حماس من الانهيار في غزة.
بعد جملة التطورات التي شهدتها الساحة المحلية في الآونة الأخيرة، وتراكم الخسائر البشرية الهائلة في قطاع غزة، وفقدان الأمل بإنقاذ الوضع هناك من الانهيار، واندفاع حكومة نتنياهو نحو النهاية بغض النظر عن المواقف الدولية، بدأت ملامح أولية لمراجعة المرحلة برمتها. 
لكنها مراجعة خجولة ومحدودة لم تتجرأ بعد على مواجهة الحقائق المؤلمة والأسئلة المريرة. ونحن هنا لسنا بصدد الدعوة لمراجعة من أجل الإدانة أو إصدار الأحكام على ما جرى، بل لأجل استخلاص الدروس السياسية وإعادة برمجة الطريقة التي نتعامل فيها مع الأحداث من حولنا، والاستعداد لمرحلة جديدة في المنطقة.
بمعنى آخر، تعلم دروس الهزيمة قبل النصر، والبحث عن رؤية لمرحلة تسيدت فيها إسرائيل الإقليم بآلتها العسكرية والدعم الأميركي المطلق لها.
حركة حماس تعلن وبشكل شبه يومي أنها مستعدة للهدنة طويلة الأمد مع إسرائيل وهذا يعني حكما التنازل عن السلاح، وتسليم إدارة قطاع غزة لهيئة حكم انتقالي تنتهي بتسلم السلطة الفلسطينية مقاليد الحكم هناك. هذا يعني أن الحركة بدأت تتعلم الدروس وتسلم بالنتائج، ويبقى سؤال يخص الفلسطينيين قبل غيرهم؛ ما هو شكل المقاومة المناسب للمرحلة المقبلة بعد أن أصبح الخيار المسلح غير متاح ناهيك عن كلفته الباهظة؟
هنا ينبغي أن نبادر إلى نقاشات وطنية صريحة حول دروس المرحلة، وأي مقاربة يمكن للأردن تبنيها في المستقبل تضمن مواصلة دوره في دعم حقوق الأشقاء الفلسطينيين، وفي الوقت نفسه حماية المصالح الوطنية الأردنية العليا. وينبغي أن تشمل المراجعات التفكير بالكيفية التي يمكن فيها إدارة حالة التشدد التي جرفت فئات واسعة من الشباب بفعل ما يحصل في غزة. 
مراجعات للمعالجة أولا ومن ثم التفكير بعمق لعلنا ننجح هذه المرة بإيجاد خطاب وطني واحد للمرحلة المقبلة.