سوشيال ميديا -
ما انأصدر خبراء وكالة الطاقة النووية تقريرهم عن خلو الأراضي الأوكرانية مما أسمته روسياقنبلة قذرة في طور التصنيع النهائي، حتى اعلنت إسرائيل، عبر انتخابات الكنيست الأخيرة، اشهار قنبلتها القذرة (نتنياهو وبن غفير وسموترش)تلك التي كانت تجري عملية تصنيعها حثيثاً داخل احشاء مجتمع يمور بالتطرف والعنصرية، ويصعد بخطوات واسعة على درج الابرتهايد ويسابق نفسه بنفسه على سلّم الفاشية، هذه التي تجلت بأوضح صورها، اخيراً، في انزياح المجتمع الاستيطاني أكثر فأكثر، من اليمين الى اقصى اليمين، وانتقال غلاة المتعصبين فيه من هامش الحياة السياسية الى مركز صنع.
ولعل فوز ممثلي الصهيونية الدينية، جنباً الى جنب مع كل من حزب الليكود والأحزاب الحريدية، بأغلبية مقاعد الكنيست، ناهيك عن اضمحلال ما كان يسمى "أحزاب اليسار" خير دليل على اجتياز دولة الاحتلال نقطة اللا عودة في طريق العنف الاعمى، وعلى قطيعتها السافرة مع كل القيم التي ظلت تدعيها، او قل تتمسّح بها، حول الديمقراطية والليبرالية والحريات، الامر الذي يشي، موضوعياً،بإقصائها من ملعب الديمقراطيات الغربية، الذي لعبت فيه وحدها طوال عقود خلت، وبالتالي حرمانها، في مستقبل غير بعيد، من هذه الميزة النسبية، السياسية والأخلاقية، التي تفوّقت بها على معظم اعدائها العرب الغارقين في غياهب الدكتاتورية والاستبداد والأصولية.
واذا كان صحيحاً ان مثل هذا التحوّل، في الشكل والمضمون، قد وضعنا امام إسرائيل أخرى، أكثر عدوانية واقل تحسساُ، وتحسّباً، للرأي العام الدولي، واذا كان علينا ايضاً بعد اليوم الا نتوقع إمكانية السير خطوة صغيرة نحو السلام مع دولة فاشية، فان من الصحيح كذلك ان المعركة المتواصلة بكل اشكالها المتاحة، مع حكومة يمسك بمقودها بنيامين نتنياهو في الواجهة، ويتحكم بها اتمار بن غفير وامثاله من الخلف، معركة اسهل من تلك الحروب الطويلة، التي ادارها ضد الفلسطينيين والعرب رؤساء حكومات سابقين من أمثال شمعون بيريس وغولدا مائير واسحق رابين وغيرهم، ممن تمتعوا بمقبولية قي الغرب، مكّنتهم من تمرير خطابهم المراوغ، وكسب لعبة الرأي العام بنجاح لافت.
نحن اذن امام إسرائيل مع قنبلة قذرة، أي امام دولة شديدة الخطورة، ليس على محيطها المجاور فحسب، وانما على نفسها ايضاً، الامر الذي يعيد الى الذاكرة تصريحات سابقة منسوبة الى مسؤولين أوروبيين واميركيين، كانوا يقولون فيها ان أكبر الاخطار التي تهدد هذه الدولة المعربدة، التي اسكرتها نشوة القوة العسكرية المجردة، هي إسرائيل ذاتها،المعتنقة مبدأ ان المشكلة التي لا تحلها العمليات الحربية، يحلها مزيد من العمليات الاوسع، طالما انها دولة فوق القانون الدولي، تحظي بدعم أميركي مديد، وتسامح أوروبي مُعيب مع استمرار احتلالها، وغض نظر طويل عن انتهاكاتها لأبسط حقوق الانسان الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في الحياة الكريمة والاستقلال والحرية.
والحق ان مثل هذه المقولات الغربية في زمن الانتفاضة، حول حقيقة ان خطر إسرائيل على نفسها اشد من خطر اعدائها عليها، لم يؤخذ على محمل الجد لدينا، كما كان موضع سخرية الكثيرين بين ظهرانينا، إزاء نظرة من اعتادوا على اعتماد المعايير المزدوجة كلما تعلّق الامر بالدولة العبرية، اما اليوم، ونحن نرى "بطل" غزوات حي الشيخ جراح،وعربيد اقتحامات ساحة المسجد الأقصى، في موقع القرار المركزي الإسرائيلي، فان من الصواب منح تلك المقولات قدراً من المصداقية الحذرة، وابداء بعض حُسن الظن حيال ما قد تنجلي عنه السياسات المحتملة لهذه الدول، التي مل الرأي العام فيها غض بصر حكوماته عن جرائم قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومع ان إسرائيل بات تمتلك كلاً من القنبلة النووية والقنبلة القذرة معاً، الا ان مقارعتها بكل اشكال المقاومة المشروعة، والتمكن من ليّ ذراعها، خارج ملعب القوة العسكرية، صار ايسر، واضحى اقرب منالاً مما كان عليه الحالمع حكومات سابقة، كانت تعرف كيفية التخاطب مع الدبلوماسيين والإعلاميين وصنّاع القرار في الشرق وفي الغرب، ان لم نقل ان المواجهة متعددة الأدوات باتت اسهل من ذي قبل، مع تسنم مثل هؤلاء الفاشيين الاوغاد سدة الحكم في الدولة التي تسند ظهرها، بين عوامل أخرى، الى رأي عام دولي ضاق ذرعاً بهاوبممارساتها الوحشية،حيث اصبح الغرب يرى بأم العين، مدللته في الشرق الأوسط وهي تمضي بسرعة فائقة على دروب نظام الفصل العنصري البائد في جنوب افريقيا السابقة، التي سقطت، بين عوامل أخرى، تحت ضغط العقوبات الغربية.