عودة ترامب.. آمال وتحديات جديدة في الشرق الأوسط*د.عثمان الطاهات
الدستور
تترقب الساحة السياسية العالمية عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث تُعتبر هذه العودة فرصة قد تفضي إلى تحولات جوهرية في السياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط بعد فترة من الاضطراب والأزمات التي شهدتها المنطقة، تتباين الآمال ما بين التفاؤل والتشاؤم بشأن قدرة ترامب على الوفاء بوعوده بإنهاء النزاعات القائمة خصوصًا في غزة .
تواجه إدارة ترامب المقبلة ضغوطًا هائلة من المجتمع الدولي والرأي العام لتبذل جهودًا حقيقية لوقف الحرب المستمرة التي تركت أثرًا مدمرًا على الأوضاع الإنسانية غير أن السؤال المركزي يبقى حول مدى تأثير الضغوط الأمريكية على الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، الذي يُعتبر شخصية محورية في عملية اتخاذ القرار بشأن العمليات العسكرية في المنطقة وتعتمد فعالية هذه الضغوط بشكل كبير على طبيعة العلاقة الشخصية والسياسية بين ترامب ونتنياهو، حيثُ يعتزم الكثيرون التأمل بإمكانية أن تعيد تلك العلاقة تشكيل مسار النزاع.
في حال فشلت إدارة ترامب في إقناع إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية، فمن المرجح أن لا يؤدي ذلك إلى تغيير كبير في مستوى الدعم الأمريكي لتل أبيب وخلال فترة حكم ترامب السابقة، شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل تحسنًا ملحوظًا، تمثل في اعتراف ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل، بالإضافة إلى تغاضيه عن التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية وسمحت هذه السياسات بتمرير شعارات ترامب المتعلقة بالاحتفاظ بإسرائيل كحليف استراتيجي رئيسي في المنطقة، ما يلقي بظلاله على كيفية تعاطي إدارته الممكنة مع النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
وفيما يتعلق بصفقة القرن، كانت هذه الخطة واحدة من أهم الركائز في سياسة ترامب الخارجية تجاه الشرق الأوسط، وينتظر أن تعود إلى صدارة الأجندة السياسية ومع ذلك، فإن الظروف الحالية تختلف بشكل ملحوظ عن الوضع قبل أربع سنوات، ما قد يجعله أكثر صعوبة في تنفيذ هذه الخطة والتغيرات في الأوضاع الميدانية في غزة ولبنان ستؤثر على كيفية استقبال الأطراف المختلفة لهذه المبادرة.
ترامب، بدوره، يسعى في ولايته الثانية إلى استئناف مسيرة التطبيع، مدفوعًا بالأمل في أن تسهم سياساته في إجراء تغييرات إيجابية تعزز العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية ويعتبر ترامب أن الخطوات التطبيعية يمكن أن تؤدي إلى استقرار المنطقة، لكنها بالتأكيد ستتطلب التزامًا بوقف العمليات العسكرية في غزة، بالإضافة إلى تعهدات تتعلق بحل الدولتين كأساس لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
إضافة إلى ذلك، تواجه إدارة ترامب تحديات ضخمة تتمثل في مدى قدرة هذه الإدارة على تنفيذ سياساتها بشكل فعّال في ظل تغيرات الواقع السياسي والاجتماعي والمستجدات الحالية في المنطقة تُظهر بأنه من المحتمل أن يكون التفاعل مع الأطراف المعنية والتفاوض بحسن نية هما العنصران الرئيسيان لتحقيق أي تقدم.
باختصار، يبقى الأمل معقودًا على ما ستسفر عنه إعادة تنصيب ترامب، ومدى قدرته على تحقيق ما عجز عنه سابقًا التحديات أمامه ليست بالسهل، إلا أن هناك اعتقادًا بأن التغيرات الجوهرية المحلية والإقليمية يمكن أن تضع الأسس لحقبة جديدة من العلاقات في الشرق الأوسط، إذا ما استطاع ترامب أن يحقق التوازن بين المصالح الأمريكية والإسرائيلية ومتطلبات السلام في المنطقة وفي النهاية، يبقى التساؤل ملحًا حول مدى الاستجابة والمرونة من الأطراف المعنية، وكيف يمكن لترجمة تلك السياسات إلى أرض الواقع أن تؤثر على صورة المنطقة في المستقبل القريب.