عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Dec-2019

إيران.. تهديد إستراتيجي من نوع جديد - دان شيفتن

 

اسرائيل هيوم
 
بعد مئة سنة من المواجهة مع راديكاليين عرب، يقف امام اسرائيل، لاول مرة، عدو ايراني ذكي وخطير بلا قياس. حتى عندما تمتع الاعداء العرب على اجيالهم من تفوق عددي، عمق استراتيجي ومفاجأة عملياتية، كانوا يعانون من ضعف مجتمعهم وفشله في التصدي لمتطلبات العالم الحديث. لقد ضمن ضعف المجتمع العربي لاسرائيل نجاحات في الصراع القومي الشامل، حتى عندما اصطدمت بتفوقهم الكبير في مجال المقدرات السياسية والاقتصادية.
في ايران وان كان الحديث يدور عن نظام قمعي، مريض وبربري، مصمم على أن يضمن لنفسه انجازات هيمنة في المنطقة حتى على حساب رفاهية مواطنيه؛ الا ان هذا النظام يجند لصراعاته بنجاح المقدرات الكبرى والمتطورة لمجتمع مثير للانطباع ويتمتع بنفسه بقدرات مهمة للتخطيط الاستراتيجي والتصميم في العمل. لم تقف اسرائيل ابدا امام مثل هذا الخليط الخطير الذي يقيم بنجاعة، بمنهاجية وبذكاء مؤسسة اقليمية تعرض وجودها للخطر.
ايران على وعي بالضعف البنيوي للدول العربية وتسعى بمنهاجية الى الهيمنة الاقليمية على حسابها. وهي تسعى لأن تضمن لنفسها سيطرة على مصادر الطاقة في الخليج الفارسي وعلى مسارات التجارة في المنطقة بشكل تبث فيه مكانتها كقوة عظمى اقليمية الاثر على الساحة العالمية. لهذا الغرض بنت لنفسها، بمعونة قوى محلية – شيعية وغيرها – مكانة متينة في لبنان، في سورية، في العراق وفي اليمن، بشروط كلفة استراتيجية متدنية نسبيا، ومنفعة استراتيجية عالية حتى جدا. ونجحت في ربط قدراتها العلمية والتكنولوجية في مجالات النووي والصواريخ الباليستية وكذا في مجالات متطورة نسبيا من حيث الادوات التقليدية. بالتوازي، اقامت شبكة عالمية من البنى التحتية النائمة للارهاب بحجم وعمق غير مسبوق. كل هذه استهدفت، في المرحلة الحالية، ردع من يقف في طريقها الى الهيمنة الاقليمية، او جباية ثمن لا يطاق منه على تدخله.
ان العداء المتطرف لاسرائيل يعتمد ليس فقط على التزام ايديولوجي عميق بل وايضا على اعتبار استراتيجي محسوب. اسرائيل فقط، ولا سيما اذا كانت مسنودة بتصميم اميركي، يمكنها أن توقف تطلعات الهيمنة الايرانية. فقط هي قوية وحازمة بما يكفي لأن توقف في مهده سياق من السيطرة الايرانية في كل المفترقات الهامة في المنطقة، مما سيضع اسرائيل في خطر وجودي لاول مرة منذ 1948. الولايات المتحدة لت تبعث بجنودها ليقاتلوا، اوروبا غير ذات صلة مثلما هي دوما، وللقوى العظمى الاخرى لا يوجد دافع للتدخل بمستوى عالي في سياق متواصل وخفي يستخدم قوات محلية بحكمة.
من اجل ردع اسرائيل، تعمل ايران ايضا على التقدم في البرنامج النووي العسكري، بما في ذلك وسائل الاطلاق وكذا لان تقيم في الجبهة الشمالية، بكلفة متدنية تهديدا مكثفا على المراكز السكانية لاسرائيل. في طهران يفترضون بأن اسرائيل سترتدع لهذا السبب عن العمل ضد الهيمنة الايرانية حتى حين ترى في خطواتها خطرا فوريا وجسيما. ويفترض حكامها بأن اسرائيل سترتدع عن التدخل اذا عرفت بان الكلفة ستكون آلاف الصواريخ الدقيقة، بعيدة المدى وثقيلة الرؤوس المتفجرة على غوش دان، تتفوق على الدفاع الصاروخي لدى اسرائيل وتمس جدا في قصة نجاح الدولة اليهودية.
هذه الامكانية تحاول اسرائيل منعها في السنتين الاخيرتين بمئات الهجمات في سورية وفي العراق وبجملة وسائل سرية. يدور الحديث عمليا عن حرب وقائية، تجد اجماعا وطنيا واسعا في اسرائيل بانه امام البديل الواقعي، من الجدير حتى المخاطرة بالتدهور الى حرب واسعة مع ايران. ويوجد بديلان: استمرار الصراع الحالي، بحكمة وبكبح جماح لازمين، رغم خطر التدهور الى حرب قاسية الان، او حرب قاسية بلا قياس، تعرض للخطر مجرد وجود اسرائيل، حين تنهي ايران استعداداتها.
في المرحلة الحالية معظم التفوقات هي لاسرائيل: تفوق عسكري في الساحة القريبة، دعم اميركي، اسناد خفي من دول عربية وضائقة اقتصادية وسياسية في ايران. اذا نجحت ايران في انهاء استعدادتها، سيميل الميزان بشكل دراماتيكي في طالح اسرائيل.
 
*رئيس البرنامج الدولي للامن القومي
في جامعة حيفا