عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Oct-2019

قلعة الكرك ...منارة شامخة تشهد على تاريخ مجيد

 

عمان - الدستور- يعود تاريخ إنشاء أساسات قلعة الكرك إلى عصر المؤابيين نحو عام 860 ق م. وقد استخدمها الأنباط بدليل وجود تماثيل نبطية منقوشة في الأسس الأولى بالقلعة. وظلت في العصر الروماني ومن ثمَّ البيزنطي درعًا واقيًا للأردن، حيث أشارت إليها خريطة مادبا الفسيفسائية بين مجموعة قلاع هذه المنطقة. وفي الفتوحات الإسلامية طرقتها جيوش المسلمين بقيادة أبي عبيدة بن الجراح فاستسلمت له. وظلَّت قلعة الكرك تؤدي دورها الدفاعي في العصر الإسلامي، لأن المسلمين اهتموا بالقلاع القديمة وعملوا على تقويتها والإضافة إليها بالزيادة والبنيان. وقد كانت قلعة الكرك إقطاعًا للقائد الفاطمي بلتكين التركي سنة (982 م).
عندما أسس الصليبيون مملكة بيت المقدس اللاتينية سنة (1099 م) احتلوا منطقة جنوب الأردن  وأسسوا بارونية الكرك والشوبك. وفي سنة (1142 ) استولى الصليبيون على حصن الكرك وزادوا عليها حتى أصبحت مركزًا لبارونية الكرك والشوبك، ومن أهم قلاع الصليبيين في بلاد الشام. لعبت قلعة الكرك دوراً مُهمًّا في العصر الصليبي بالتحكُّم بطرق المواصلات في إقليم الأردن بين الشام من جهة والحجاز ومصر من جهة أخرى، إذ كثيراً ما تعرَّضت حاميتها للقوافل التجارية وركب الحُجَّاج المتوجهة إلى مكة في الجنوب وأغارت على الموانئ العربيَّة على سواحل البحر الأحمر.[حتى أن ابن فضل الله العمري وصفها بأنَّها كانت كالهامة بالنسبة إلى بلاد الحجاز. كانت هذه الهجمات المُتكرِّرة سبباً من الأسباب التي دفعت صلاح الدين الأيوبي إلى جمع جيوشه والسَّير نحو الشام لقتال الصليبيِّين سنة 1178.
بعد اندثار الدولة الأيوبية آلت سُلطة قلعة الكرك إلى سلاطين المماليك، الذين طَوَّروها بتشييد عدد من الأبراج والتحصينات الإضافية فيها، وقد رمَّمها الظاهر بيبرس بعد أن وقعت في يده سنة 1263م. وقعت في قلعة الكرك عمليات إعدام واسعةً للمواطنين الثائرين على السلطة العثمانية في عام 1910، حيث كان الجنود العثمانيون يطلقون النيران على الثوار من فوق أسوار القلعة وأبراجها العالية.
رحالة في قلعة الكرك
قال ابن بطوطة (محمد بن عبد الله ) عن قلعة الكرك، في كتابه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار:
ثم يرحلون إلى حصن الكرك. وهو أعجب الحصون وامنعها واشهرها. ويسمى بحصن الغراب. والوادي يطيف به من جميع جهاته وله باب واحد قد نحت المدخل إليه في الحجر الصلد. ومدخل دهليزه كذلك. وبهذا الحصن يتحصن الملوك، واليه يلجأون في النوائب وله لجأ الملك الناصر. لأنه ولي الملك وهو صغير السن. فاستولى على التدبير مملوكه سلار النائب عنه. فأظهر الملك الناصر أنه يريد الحج. ووافقه الأمراء على ذلك. فتوجه إلى الحج. فلما وصل إلى عقبة أيلة، لجأ إلى الحصن وأقام فيه أيامًا ألى أن قصده أمراء الشام. واجتمعت عليه المماليك وكان قد ولي الملك في تلك المدة بيبرس الجاشنكير وهو أمير الطعام وتسمى بالملك المظفر. وهو الذي بنى الخانقاه البيبرسية بمقربة من خانقاه سعيد السعداء التي بناها صلاح الدين الأيوبي. فقصده الملك الناصر بالعساكر. ففر بيبرس إلى الصحراء. فتبعه العساكر فقبض عليه، فأتى به إلى الملك الناصر فأمر بقتله، فقتل. وقبض على سلار وحبس في جب حتى مات جوعًا. ويقال أنه أكل جيفة من الجوع. نعوذ بالله من ذلك.» والقلعة ما زالت غامضة من الداخل ففيها سراديب لم تكتشف إلى الآن.
البناء والعمارة
أقيمت القلعة التي تبلغ مساحتها 25300 متر على الجانب الجنوبي من الهضبة المُثلَّثة التي تقع فوقها مدينة الكرك، والتي ترتفع عن مستوى سطح البحر حوالي 1000 متر يبلغ طول القلعة 220 متراً، وأما عرضها فيتراوح من 125 في جانبها الشمالي إلى 40 متر في جانبها الجنوبي، إذ تطلُّ من تلك الجهة على وادي تجري فيه قناة مياه. تقع تحت أرض القلعة ممرَّات تقودُ إلى غرفٍ حصينة. تشير سجلات المؤرخين مثل المقريزي والداواداري إلى أنَّ بناء القلعة كان قائماً قبل بدء الحملات الصليبية، لكنَّهم رممومها ووسَّعوها عند مجيئهم. تقع إلى الجنوب من القلعة أضرحة لعدد من الصحابة، منهم جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة الذين قتلوا في معركة مؤتة.
حُوِّلت القلعة إلى متحف أثري مفتوح سنة منذ عام 1980 . ويعرض متحف مدينة الكرك الواقع داخل أسوار القلعه آثارا من الفترة المؤابية والنبطية والعربية والمملوكية والعثمانية، ويوجد به قسمٌ يغطي فترات العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي والعصر الحديدي. ويضم مجموعة من قطع أثرية ورومانية وبيزنطية وصليبية. وقد أعيد فتح المتحف أمام الجمهور في العام 2004 بعد ترميمه، حيث لا زال متاحاً للعامة منذ ذلك الحين.