عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Feb-2019

صفحات مشبوهة ودروب من ظلوا! - سامر محمد العبادي

الراي - هنالك لا وعي يتسرب إلى الخيال الجمعي للأردنيين، يتغذى على ما وفرته أدوات التواصل الإجتماعي من مساواة في البث بين من يعلم ومن لا يعلم، ومن يحب ومن يكره، وبين محبٍ وآخر حاقدٍ وسواها من توصيفات لطبائع الناس.

والحديث هنا، عن قضية مطيع، والتي حظيت وبشكلٍ فريدٍ، من بث للمعلومات والرواية الرسمية، بدءاً من أول يومٍ للكشف عنها في مجلس النواب، وصولاً إلى نشر لائحة الإتهام التي تضمنت رواية المتهمين، وأساليبهم وطرقهم الإحتيالية في نشر فسادهم.
والمفارقة، أن كل هذه المعلومات، وتحركها عبر الشبكة الرقمية، والمواقع الإخبارية واليوميات وبثها عبر وسائل التواصل الإجتماعي لم ترو عطش المواطن والمتابع.
معلومات كاذبة، ومحاولة خلق رواية كاذبة موازية، انساقت في «توليفة» غريبة مزج بثها بين بعض من شاب العقوق نفوسهم وبعض المواطنين.
فبينما تعاملت السلطات بكل شفافية في هذه القضية، ووفرت المعلومات كافة حولها، رأينا البعض ينبري في البحث عن الرواية الكاذبة الموازية، دون أي اعتبارٍ للمعلومة الحقيقية.
هذه الظاهرة، وهذا الوحش الذي تغذى على الكذب، واقتات على نفوسٍ مريضة بوهم «البطولة» والشاشات وما وراءها، استدعى أن تتوالى التصريحات الرسمية، والتي كان آخرها الكشف عن صاحب الصفحة التي بثت أخباراً ومعلومات كاذبة حول «القضية».
أمام هذا المشهد المركب في أزمته، تبرز أسئلة: لماذا نصدق ونتابع من يتفيأ ظلال عواصم الرفاه ويناشدنا لعدم تصديق لوائح مؤسساتنا وتصريحاتها؟، ولماذا نبحث عن «خطباء» يسترسلون في حديثهم عن بطولاتهم وكأنهم فرسان أضعناهم؟ ولماذا هذه الأصوات تروي معلوماتها وكأنها كتاب لا ريب فيه؟
هي أسئلة كثيرة، مشحونة بإجابات لا تروق للجميع، ولكنها يجب أن تكون أيضاً في ذهن الأردني، فهذا الوطن لم يبن على الكلام، وليست هي القضية الأولى التي تعترض طريقه لتصحح المسار، وتعيد إليه أسلوبه وهويته سواء في أطر الدولة الإدارية أو في مفهوم الدولة الأوسع حيث الشعب وقيمه.
قضية مطيع، ستطوى، وسينال كل من شارك فيها أو أفسد أو عبر عن نفسٍ مريضة جزاءه، وسيتذكرها الأردنيون طويلاً كمحطة فارقةٍ لمسارٍ تصحيحيٍ لمفاهيم الإدارة العامة بالبلاد، وكدرسٍ وظرفٍ استقينا منه العبرة.
ولكن، لا يجب أن نستسلم إلى مفاهيم «واهنة» وحجج واهية يسوقها بعض من راقت له لعبة «المشاهدات» وجمع الإعجابات، فلا فارس خارج وطنٍ أبوابه مشرعة، وتاريخه مليء بالتسامح، وبشواهد حضرت في زمان كانت فيه دولٌ لا تعرف أفواه مواطنيها سوى الحديث بالشأن الخاص.
فالصفحات المشبوهة، هي دروب من ضلوا عن الوطن، فتخيروا لعقول أبنائه «تسلية» تتسلل من جدران العاطفة وما مر به وطننا من سنوات ضيقٍ، فصاغوا وهماً ظنوا أنه معولاً للهدم، وتناسوا أن كثيراً من «لغوهم» سنذكره كنوادر ليست للظرفاء، بل هي لمن برر رحيله من الباب ليطل من الشباك علينا يشكو لنا هموماً نحن في البلد أدرى وأعلم بها.
ستطوى هذه المرحلة، وسيكون لها ما بعدها، فالأردنيون جميعاً أبناء الدولة صانوها من قبل وسيصونوها لأزمانٍ مقبلة، فلا رهان على بساطة الأردنيين وعاطفتهم الصادقة.
حمى االله الأردن من فساد الفاسدين، ومن وهم الغاوين والهواة!