عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    02-Jul-2020

خطر الضم.. يلعبون بنار أميركية - نتان زاكس

 

يديعوت أحرونوت
 
يوجد في إسرائيل سوء تقدير خطير بالنسبة للضرر البنيوي الذي سيلحقه الضم، حتى لو كان ضما صغيرا، بوضعها في الولايات المتحدة – ضرر فكري وأخلاقي، سيلحق ضررا سياسيا بل وربما اقتصاديا أيضا.
السطور المعروفة للغاية في إعلان الاستقلال الأميركي هي: “نحن نرى هذه الحقائق كواضحة من تلقاء ذاتها: بان كل بني البشر (الرجال في الأصل) خلقوا متساوين، وزرع الخالق فيهم حقوقا غير قابلة للالغاء…(و) من أجل ضمان هذه الحقوق تنشأ بين الناس حكومات تستمد صلاحياتها من موافقة المحكومين”. في الإعلان كانت بالطبع ازدواجية – محررة الرئيس، توماس جيفرسون، والكثيرون من الموقعين عليه كانوا يملكون عبيدا لم يسارعوا الى تحريرهم باسم المساواة، أو الاعتراف بحق النساء في الاقتراع. ولكن بالنسبة لإميركيين كثيرين في اليمين واليسار فان الكفاح البطيء لتحقيق تلك الرؤيا هو وجه جوهري في تعريف أنفسهم كأميركيين. اليوم ايضا فان حركة الاحتجاج التي تجتاح المدن الأميركية ترضع غير قليل من شعبيتها، في أوساط البيض ايضا، من تلك البنية التحتية ومن المعارضة لتلك الازدواجية.
وبالفعل، يمكن للكثير من الأميركيين ان يؤيدوا الضم بحماسة، على أن يكون فقط ضما للأرض كلها حتى نهر الأردن وضما لكل السكان فيها، عربا كيهود، كمواطنين كاملين. منذ الآن، فان التأييد في أوساط الأميركيين للدولة الواحدة بين النهر والبحر – المصيبة للصهيونية ولسكان تلك الدولة – يكاد يكون متساويا مع تأييد الدولتين. فلمعظم الأميركيين لا توجد أسهم في الوطنية الفلسطينية أو في الدولة الفلسطينية. وهم غارقون في فكرة أن الناس – كلهم – ستكون لهم حقوق المواطن في الدولة التي تحكمهم، مهما كانت. في الأميركية العادية المواطنة هي موضوع جغرافي، وليس قوميا. فقد أعلن الأميركيون عن الاستقلال عن بريطانيا ليس باسم حق الشعب الأميركي في دولة – فالشعب لم يكن قائما – بل باسم حق المستوطنين البريطانيين في القارة الأميركية للتحكم بمصيرهم. وقد طالبوا الملك البريطاني أن يختار: إما ان يعطيهم حق الاقتراع والتأثير في البرلمان، أو يعطيهم الاستقلال – إما دولة واحدة، أو دولتان.
هذا فارق جوهري بين الرؤية الأميركية النموذجية وتلك الإسرائيلية. في نظر معظم الأميركيين، باستثناء الاقلية الافنجيلية المحافظة لا يوجد خيار ثالث. دولة مجردة من السلاح نعم، ولكن ليس حكما ذاتيا إلى الابد وليس دولة وهمية. إذا لم تكن الدولتان ممكنتين، فالاستطلاعات واضحة: الأميركيون سيفضلون بأغلبية ساحقة دولة ديمقراطية واحدة، دولة كل مواطنيها. خيار الدولة الواحدة التي لا تكون فيها المواطنة الكاملة إلا للناس من خلفية واحدة يوجد برأيهم اسم يتطابق مع شمبرتهايد. لسنوات تشرح إسرائيل في العالم بانها تتطلع إلى تقسيم البلاد، غير أنه في هذه اللحظة لا يمكن، ولاسباب وجيهة. اما الضم فيعد إعلانا إسرائيليا واضحا بان قصة الدولتين انتهت وان الحد الأقصى الذي يمكن الحديث فيه هو جملة بلديات مرتبطة بطرق، على نمط خطة ترامب.
في اليوم التالي لعهد ترامب، وهو كفيل بان يحل في 20 كانون الثاني يمكن لنتائج الضم ان تكون قاسية في الولايات المتحدة ايضا. جو بايدن، إذا انتخب رئيسا، لن يتحول فجأة ليصبح مقتلع إسرائيل. لن يفتح من جديد اتفاق المساعدة ولن يفرض عقوبات. ولكن إسرائيل سترغب في المستقبل باتفاق مساعدة جديد ومعونة في جملة من المواضيع الأخرى. سترغب ايضا في أن تواصل الولايات المتحدة البث للعالم بان الطريق إلى التحبب لواشنطن تمر عبر القدس.
فضلا عن ذلك، فان التأييد الأميركي لإسرائيل ليس فقط في اغداق المنافع بل وايضا في صد الشرور، بدءاً من التصويتات في مجلس الأمن في الأمم المتحدة وانتهاء بالترويج لها في دول العالم. غير أن من شأن الولايات المتحدة ايضا أن تمتنع في الأمم المتحدة، مثلما فعلت في الماضي، والمزاج في أوساط مساعدي بايدن، اولئك الذي تحتاج إسرائيل لموقفهم المؤيد هو أن الضم هو صفعة للمبادئ التي يؤمنون بها.
والخطر الفوري هو: الجيب. دول في أوروبا من شأنها ان تفرض عقوبات على ما تراه كخرق فظ للقانون الدولي – خرق صغير في غوش عصيون كخرق كبير في بيت ايل. تقليديا، كانت الولايات المتحدة تتدخل. غير أن الولايات المتحدة ترامب فقدت من قوتها في اوروبا والولايات المتحدة بايدن قد لا تجتهد جدا. اوروبا بصفتها الشرطي الشرير يمكنها بالذات ان تكون استعمالية بالنسبة لواشنطن بايدن. بينما يبقى هو الشرطي الصالح. عقوبات أوروبية مع غمزة أميركية هي تهديد حقيقي.
وبايدن ابن 77، ألمح منذ الآن بانه قد يكتفي بولاية واحدة. الرئيس أو الرئيسة الديمقراطيان التاليان، حين يأتيان، سينشطان لحزبهما ولمشاعر الجمهور الاميركي. أغلبيتهم الساحقة ما تزال تؤيد إسرائيل، احيانا بحماية، وإسرائيل ما يزال يمكنها أن تضمن تأييدهم في المستقبل ايضا. ولكن عندما تقرر حكومة إسرائيل خلق تضارب جوهري بين محبتهم لها وبين هويتهم الأميركية فانها تلعب بالنار في لب الأمن القومي لإسرائيل.