عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Dec-2025

قرار غير عادي.. وإنصاف مطلوب*مكرم أحمد الطراونة

 الغد

في جلسته المنعقدة بتاريخ 21 كانون الثاني (يناير) 2020، قرر مجلس الوزراء حينها برئاسة الدكتور عمر الرزاز الموافقة على تكليف الوزراء المعنيين بإحالة كل موظف أتم 30 عاما خدمة في القطاع العام على التقاعد.
 
 
 كما وافق على إنهاء خدمة كل موظف من الموظفين الخاضعين لأحكام قانون الضمان الاجتماعي ممن بلغت خدماتهم 30 عاما فأكثر.
القرار، وقتها، أثار كثيرا من الجدل، وواجه اعتراضات كبيرة، باعتباره قرارا غير عادل ولا يراعي الظروف المعيشية والإنسانية للموظفين المحالين إلى التقاعد.
 النواب بدورهم انتقدوا القرار، وطالبوا الحكومة حينها بالتراجع عنه، ومنهم رئيس اللجنة القانونية بمجلس النواب حينها، وزير الشؤون السياسية والبرلمانية الحالي عبدالمنعم العودات، الذي وصفه بأنه قرار "غير مدروس، ويحدث حالة من الترهل الإداري، ويفرغ القطاع العام من الخبرات والكفاءات".
الخبراء يومها اعتبروا أن القرار مجحف بحق الموظفين الذين يحالون إلى التقاعد، خصوصا أن راتبهم التقاعدي سوف يتناقص بصورة كبيرة، كونهم أحيلوا إلى التقاعد المبكر، كما أن معظمهم كان ما يزال في بدايات تكوين حياته، وتترتب عليه التزامات معيشية كبيرة، كقروض البنوك والتعليم الجامعي، وغيرها، مشددين على أن منع هؤلاء من حق العمل بسبب تقاعدهم على الضمان المبكر زاد من تلك الأعباء.
لكن الاعتراضات تلك، والحجج التي سيقت في سبيل تأكيدها لم تغير شيئا على أرض الواقع، فقد سارت حكومة الدكتور عمر الرزاز في تنفيذ قرارها وتطبيقه على الموظفين، ما أدى إلى خروج آلاف الأشخاص من ميدان العمل إلى التقاعد المبكر، وهو الأمر الذي رتب أيضا أعباء مالية ضخمة على فاتورة التقاعد المبكر التي ترهق مؤسسة الضمان الاجتماعي، مشكّلا تعارضا صارخا مع ما تقوله الحكومة إنها سوف تنفذه في مبدأ رفع سن التقاعد المبكر لوقف استنزاف أموال الضمان والحفاظ عليها.
اليوم، وبعد نحو خمسة أعوام من تطبيق القرار، تأتي حكومة الدكتور جعفر حسان لتتحسس الوضع غير الصحي الذي يشكله القرار على شريحة واسعة من الموظفين، ومن أجل إعادة توازن الهيكل الوظيفي إلى المؤسسات المختلفة، بعد أن ساهم بشكل كبير في تفريغها من خبرات أساسية في العمل، وبات طاردا للكفاءات.
وزير العمل خالد البكار يقول إن توجيه الرئيس حسان واضح بحل مشكلة إلزامية التقاعد الحكومي لمن أتم 30 سنة خدمة ولم يصل لسن التقاعد الوجوبي.
 الحكومة الحالية تفكر بجدية بتصويب الأوضاع، وإصدار قرار أكثر عدلا ويراعي حياة الناس المعيشية.
لكن أي تصويب سيأتي لاحقا يتوجب أن يأخذ بعين الاعتبار أن ثمة إجحافا ما وقع على شريحة من الموظفين السابقين، والسؤال الذي يجب على الحكومة دراسته اليوم بعد تصويب الأوضاع هو كيف يمكن تعويض هؤلاء الذين أُلزموا على التقاعد المبكر (خدمة 30 عاما) تبعا لقرار حكومة الرزاز، وكيف يمكن تعويضهم عن الرواتب التقاعدية المتدنية التي حصلوا عليها، والأوضاع المعيشية الصعبة التي قضت عليهم نتيجة لذلك، وهم الذين كانوا ضحية لقرار ثبت أنه غير صحيح، وسيتم التراجع عنه قريبا.
التفكير بكيفية تعويض هؤلاء ينبغي أن يشكل أولوية لدى الحكومة، فدراسة حالاتهم جيدا ومحاولة إنصافهم بطريقة أو بأخرى، يمكن أن يعيد إليهم شيئا من العدالة التي فقدوها بقرار غير مدروس.