عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Nov-2019

الهدية الأميركية السامة

 

هآرتس
 
بقلم: أسرة التحرير 
 
لا ينبغي الاحتفال في اسرائيل بتغيير السياسة الاميركية بالنسبة للمكانة القانونية للمستوطنات. فلئن كانت هدية، فهذه هدية سامة. فالترخيص الاميركي الرسمي للاستيطان في المناطق المحتلة ليس فقط لن يساهم في حصانة ومكانة اسرائيل، بل من شأنه ان يدفعها الى وضع لا مرد له كدولة أبرتهايد.
يخيل أن استراتيجية ترامب بالنسبة للنزاع يمكن اجمالها على النحو التالي: اذا كانت الادارات السابقة حاولت على مدى عشرات السنين احلال السلام بلا نجاح – فنحن سنأخذ المعتقدات التي افترضها اسلافنا ونفعل العكس تماما. بعد أن “أزالوا عن طاولة المفاوضات” مسائل جوهرية كمكانة القدس ومشكلة اللاجئين، من خلال الاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل والمس بوكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الانروا”، فإن اعلان وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو هو محاولة فظة لاستبعاد الفرضية الاساس التي قبعت في اساس النهج التقليدي الاميركي تجاه النزاع، وبموجبه، فإن السلام يستوجب اخلاء مستوطنات.
مرت ثلاث سنوات منذ انتخب ترامب للرئاسة واعلنت “صفقة القرن” كحل يضع حدا للنزاع القديم – والمنطقة لم تتقدم حتى ولا خطوة واحدة نحو المصالحة. كل ما تبقى من الاعلانات العظمى هي هدايا سامة يمنحها ترامب لمرعيه نتنياهو، والتي تحسن له انتخابيا وتعزز معسكر اليمين.
وبالفعل، لم يبق نتنياهو صامتا وشكر الاميركيين، الذين بإعلانهم ردوا “بشكل واضح الادعاء الكاذب، وبموجبه الاستيطان الاسرائيلي في المناطق يتعارض في اساسه مع القانون الدولي”. ان من يكذب هو بالطبع نتنياهو، الذي يعرض جيدا بانه رغم الاعلانات الاميركية، ليس في وسعها تحليل الدنس. فالمستوطنات بنيت على أرض محتلة بما يتعارض مع القانون الدولي وقرارات الامم المتحدة. والاخطر من هذا هو ان الاعلان الاميركي كفيل بأن يمنح ريح اسناد لخطة الضم لدى اليمين. قد يكون نتنياهو على علم بالاثار الهدامة لمثل هذه الخطوة، ولكن امام ناظريه لم تعد منذ زمن بعيد الدولة ومستقبلها، بل مستقبله وحده فقط.
مثير للحفيظة حتى اكثر من ذلك هو رد رئيس أزرق أبيض بيني غانتس، الذي شكر الادارة على التصريح. فبدلا من تمثيل من يسعون الى السلام على اساس تقسيم البلاد، انطلاقا من الفهم بأن هذا هو الحل الممكن الوحيد الذي يعترف بالتطلعات الوطنية للشعبين وبحقهما في تقرير المصير، يتبين غانتس كنسخة شاحبة لنتنياهو في كل ما يتعلق بافكاره السياسية. اذا كان يريد حقا ان يكون بديلا مناسبا، فإن عليه أن يستوعب الحقيقة بانه الى جانب تفكيك النسيج الاجتماعي والغرق في ثقافة الفساد، فان الخطر الاكبر الذي يحوم فوق اسرائيل هو التدهور الى وضع يتعين فيها ان تحسم بين كونها دولة أبرتهايد وبين كونها دولة ثنائية القومية، بحيث أن كل واحدة من الامكانيتين معناها نهاية الحلم الصهيوني.